حقن خلايا النخاع العظمي .. يقي من تكرار الأزمات القلبية والوفاة المفاجئة
بعد دراسة استمرت أكثر من عامين، أعلن خبراء جراحة القلب والصدر الألمان أن حقن خلايا النخاع العظمي، بعد إجراء عمليات وضع الدعامات في داخل الشرايين المتضررة بسبب الإصابة بالأزمات القلبية، يقي من تكرار حدوث الأزمات مرة أخرى ويقلل من احتمالات الوفاة.
الدراسة التي نشرت في العدد الحالي لدورية «الدورة الدموية» Circulation الأميركية، التي تصدرها جمعية أطباء القلب الأميركيين، على الرغم من غرابتها وعدم وجود أسباب علمية محددة معروفة، نالت استحسان جمعية الأطباء، واختتمت بأنها في حاجة إلى مزيد من البحث، بعيدا عن التشكيك في نتائجها وفوائدها الواضحتين، ولكن لإيجاد مزيد من الفهم لكيفية عمل خلايا النخاع العظمي على الشرايين المصابة.
طريقة علاجية جديدة
الطريقة الجديدة في العلاج، التي سميت اختصارا «REPAIR_AMI» أو «إعادة حقن الخلايا السلفية المدعومة وإعادة ترسيم الجلطة القلبية في حالات الجلطات القلبية الحادة»، تستمر فائدتها مدة عامين على الأقل، وهي المدة التي استغرقها إجراء البحث، كما يذكر البروفسور برجيت أزموس، أستاذ القلب المساعد بجامعة جوتيه الألمانية بفرانكفورت.
وتم إجراء الدراسة في 17 مركزا لعلاج أمراض القلب والدورة الدموية بألمانيا وسويسرا، حيث خضع 204 مرضى للتجربة.
وتم تقسيم المرضى عشوائيا إلى مجموعتين، احتوت الأولى على 101 مريض، تم حقنهم بسائل يحتوي على الخلايا «السلفية»، أي خلايا النخاع العظمي، عقب تركيب الدعامات، فيما تم حقن المجموعة الثانية المكونة من 103 مرضى بسائل «محايد»، لا يحتوي على شيء، من أجل مقارنة النتائج المترتبة على متابعة كل المرضى لمدة عامين.
نتائج مذهلة
وكانت النتائج مذهلة بحق، حيث لم يعانِ أي من مرضى المجموعة الأولى على مدار عامين من أي أزمات قلبية مقارنة بسبعة مرضى من المجموعة الثانية.
كما أن ثلاثة فقط توفوا من المجموعة الأولى، نتيجة عوامل تعود إلى تقدم العمر، مقارنة بسبعة من المجموعة الثانية.
واحتاج 25 مريضا لعمليات إعادة توسعة للشرايين من المجموعة الأولى، لاستمرار العوامل المؤدية لضيق الشرايين، مقارنة بـ38 من الثانية.
في حين دخل مريض واحد من الأولى إلى المستشفى نتيجة فشل في عضلة القلب مقارنة بخمسة من الثانية.
وعلى الرغم من أن الدراسة لم تذكر أسباب الوفيات، وما إذا كانت تتعلق بالشرايين المعالجة ذاتها أم لا، فإنه حتى لو افترضنا جدلا أن السبب له علاقة مباشرة بذلك، يتضح أن طريقة العلاج قد قلصت فرص الوفاة إلى أقل من ثلاثة في المائة بدلا من سبعة في المائة في الطريقة المعتادة، كما أن فرص تكرار الأزمات القلبية قد تلاشت على مدار عامين، وفرصة حدوث الفشل القلبي لم تتعد الواحد في المائة.
وهي نتائج وأرقام لم يعتدها الباحثون من قبل في مجال العلاج الجراحي لأمراض القلب والشرايين، الأمر الذي بهر الجمعية الأميركية لأطباء القلب.
ولكن ماذا فعلت خلايا النخاع بالشرايين؟
هذا هو السؤال الذي لم يستطع أي من الباحثين الإجابة عنه إجابة شافية، فخلايا النخاع العظمي يطلق عليها اسم الخلايا «السلفية» لأنها الخلية الأولية «الأم» التي تمتلك القدرة على التحول لاحقا إلى أي نوع من أنواع خلايا الدم، سواء خلية حمراء أو بيضاء أو حتى صفيحة دموية، كما أن بعض أنواعها يساعد في بناء العظام والغضاريف والأوعية الدموية.
وهي تشبه في ذلك خلايا «المنشأ»، أو الاسم الأكثر شهرة الخلايا الجذعية، التي تتكون في الأجنة وتمتلك القدرة النظرية على التحول إلى أي نوع من أنواع الخلايا وذلك بحسب المؤثرات الخارجية عليها.
ولكن خلايا النخاع العظمي أكثر تطورا من خلايا المنشأ، فقد مرت بالفعل بالمرحلة الأولى من التحور من خلية عامة إلى خلية خاصة «وسيطة» ما بين البدائية والتخصص.
ويوجد النخاع العظمي في العظام الطويلة بالجسم، كعظمة الساق والساعد، وفي العظام المفلطحة، كعظام لوح الكتف والقص.
وينقسم النخاع إلى نوعين:
– النخاع الأحمر: وهو الموجود بالعظام المفلطحة وأطراف العظام الطويلة، وهو المسؤول عن تكوين الخلايا الدموية.
– والنخاع الأصفر: الذي يوجد في أوساط العظام. ويكون النخاع بكامله أحمر عند الميلاد، ثم لا يلبث بعضه أن يتحول إلى الأصفر نتيجة تراكم الخلايا الدهنية التي تقوم بوظيفة التغذية، وعند الحاجة الشديدة لتكوين الدماء، يستطيع الجسم تحويل النخاع الأصفر إلى الأحمر مجددا.
وخلايا النخاع لا تستطيع، في الأوضاع الطبيعية، مغادرة مكانها والتجول في مجرى الدم نظرا لأنها لا تحتوي على البروتينات التي تؤهلها لعبور حاجز الأوعية الدموية، والتي تكتسبها عند التحول للصورة الناضجة كخلية دموية، والجسم يفعل ذلك نظرا لاحتواء النخاع على كميات كبيرة من الخلايا المناعية التي قد تهاجم خلايا الجسم ذاتها.
دمتم فى حفظ الله