غالبا ما تراودنا فكرة ان المعلم يجب ان يبدو معصوما من الخطأ امام تلاميذه، كي يثقوا بما يقرأه و يكتبه و يقوله، لكن الاشكالية ان هذه الثقة تتحول الى اتكالية و تكاسل، تسبب جمودا للعقل و غيابا للفكر، فيتلقى المتعلم كل ما يعطيه المعلم دون مناقشة او تحري للصواب، فيكبر المتعلم ليصير عبئا على اساتذته و كثير التساؤل في الصغيرة قبل الكبيرة من توافه الامور ك: هل أكتب التاريخ؟ هل أكتب بالأزرق؟ هل أمر الى الصفحة التالية؟………………
من امشاكل الأخرى التي يسببها، التواكل، ضعف الملاحظة و ضبابية مطلقة في فهم الأمور و تقييمها.
من هذا المنطلق، بدأت بتغيير تعاملي مع المتعلمين و اعادة تقييم صورتي أمامهم، فأنا لست معصومة من الخطأ، و أحيانا ارتكب خطأ و اغفل عنه و يعتبره المتعلمون من المسلمات، لذا شرعت منذ مدة في القيام بعض التغييرات في علاقتي مع تلاميذي منها:
1/ التشكيك في المعلومة و لو كانت صحيحة: مثال: كم تساوي 4+4؟ يجيب المتعلم: 8، فأقول: هل انت متأكد؟ مع أظهار عدم الاقتناع, الى أن يصر المتعلم و بقية زملائه ان جوابه صحيح. هذه الطريقة تجعل المتعلم يعيد تقييم ادائه، و مع مرور الوقت، يعيد تقييم اجاباته و معلوماته قبل الادلاء بها
2/ ارتكاب الاخطاء عمدا: تارة في الكتابة على السبورة، او اثناء القراءة، او حتى في الحساب، و مع مرور الوقت يتعود المتعلمون على ملاحظة كل ما أقدمه بحثا عن الأخطاء، و هذا يساعدهم على التعلم في نفس الوقت، و حتى عندما يرتكب المعلم خطأ سهوا، فسيجد من يصح له،( و كم تكون سعادتي كبيرة عندما يفعلون!!!!!) و لا يجب ان يجد المعلم حرجا في ذلك، بل يعده نجاحا له في ميدان التعليم.
3/ استعمال السؤال :ما الذي تراه صوابا؟ و تحث هذه الجملة المتعلم على التفكير، كما أنه لا يطرح نفس السؤال ابدا حول ذلك الموقف، ثم انه بعد مدة، يبدأ بطرح السؤال على نفسه قبل ان يطرحه على المعلم
مثلا:يسأل المتعلم: هل اكتب التاريخ؟ فأجيب: ما الذي تراه صوابا ؟ فيجيب: أجل, علي ان اكتب التاريخ.( هذا السؤال بالذات يثير جنوني )
4/ اخيرا، لا يمكن لهذه الطرق ان تنجح الا في توفر حرية التعبير مع احترام الرأي الاخر و عدم الخجل من ارتكاب الاخطاء خوفا من الاستهزاء، سواء من المعلم او من المتعلمين، لذا احرص على عدم احراج المخطئ، فيكفي ان اقول له: اقتربت من الجواب الصحيح، او حاول اكثر او شيئ من هذا القبيل، كما يجب الحرص على جعل المتعلمين يشجعون المخطئ و يساعدونه بدلا من الاستهزاء به، و هذه امور يكتسبها المتعلمون فقط من نظرة حازمة أو بتحسيسهم انهم جميعا اخوة و يجب ان يساعدوا بعضهم البعض.