للكثير منها التي لم تكن معلومة من قِبل مرضى السكر والصيام:
من المؤسف أنه مما لا يقل عن 8 ملايين مسلم مصاب بالسكري، ويتوق هؤلاء
إلى الصيام في كل عام، مما يدفع الأطباء إلى ضرورة البحث في آثار الصيام في
مريض السكر حتى يمكن توجيه المريض إلى ما فيه الخير.
ومن المعروف أن مرضى السكر ينقسمون إلى قسمين:
القسم الأول هم الذين لا يستطيع البنكرياس القيام بوظيفته وهؤلاء يكونون من
صغار السن عادة وهؤلاء يحتاجون إلى الأنسولين في علاجهم ولا غنى لهم
عنه وهؤلاء لا ينصحون بالصيام أساساً حتى لا يتعرضوا للانخفاض أو الارتفاع
المفاجئ في نسبة السكر في الدم وقد تحدث لهم غيبوبة من جراء هذا الارتفاع
أو الانخفاض الشديد.
القسم الثاني وهم مرضى السكر الذين يحدث لديهم ارتفاع في نسبة السكر في
الدم نظراً لعدم إفراز البنكرياس للأنسولين بشكلٍ كافٍ وهؤلاء يتناولون
الأقراص المخفضة لنسبة السكر حتى يعود لمعدله الطبيعي، وهذه الزيادة في
نسبة السكر في الدم تنتج من كبر السن والممارسات الغذائية الخاطئة، وهذا
القسم من مرضى السكري يمكنهم الصيام ولكن يجب عليهم تناول قرص مخفض
لنسبة السكر قبل الإفطار وتناول قرص قبل السحور، ولكن يراعى تناوله لنصف
كمية الدواء في السحور حتى لا يحدث انخفاض شديد للسكر أثناء الصيام.
ومن المفيد لهؤلاء المرضى ممارسة بعض الرياضة الخفيفة أثناء الصيام فعند
القيام بفحص الصائمين من القسم الثاني تبين أن ممارسة الرياضة تعمل على
ضبط نسبة السكر في الدم أكثر من غيرهم من المرضى من نفس القسم ممن لم
يمارسوا الرياضة.
مريض الضغط والصيام
لا توجد مشكلة إطلاقاً مع مريض الضغط والصيام ولكن ينصح مرضى الضغط
بالإكثار من تناول السوائل في فترة الإفطار حتى لا يصاب بالجفاف وينصح كذلك
بتجنب تناول الأطعمة الغنية بالدهون والأملاح والكافين.
ولكن قد يتساءل بعض المرضى عن سبب ارتفاع نسبة الدهون في الدم في
رمضان وهل الصيام هو السبب, والإجابة عن هؤلاء نقول إن الصيام لا يمكن
أن يزيد من الدهون ولكن ما يزيد منها هو أنهم يقبلون على تناول الأطعمة
الدسمة بكثرة عند الإفطار وبصورة أكثر مما يتناولونها في الأيام العادية
والنتيجة الطبيعية هي ازدياد نسبة الدهون في رمضان بصورة أكثر مما يحدث
في غير رمضان.
والحقيقة هي أن الصيام بالامتناع عن الطعام كلياً في النهار يتم استهلاك الدهون
الزائدة مما يخفض نسبتها ويقي من تصلب الشرايين وزيادة نسبة
الكوليسترول في الدم.
الصيام ومريض القلب
من المتعارف عليه أن هناك احتياطات غذائية خاصة يجب أن ينتبه إليها مرضى
القلب حيث تعتبر عاملاً كبيراً في علاجه إذ يعتمد عليها كجزء كبير من علاجه
بحيث يجب تنظيم طريقة تناوله للطعام وذلك بالإقلال من الكمية والإقلال من
تناول الأملاح والدهون.. ومما لا شك فيه أن هذا المريض سيجد ضالته في
الصيام حيث يمنع الطعام نهائياً أثناء الصيام, وعليه أن يحتاط عند الإفطار.
وهذا الامتناع عن الطعام في الصيام يخفف العبء على القلب بنسبة 25% على
الأقل حيث يقل المجهود الذي يقوم به القلب بانخفاض ضخ الدم ومن هنا يتقوى
القلب تدريجياً بالصيام.
ولكن على مريض القلب مراعاة تنظيم الأدوية التي يتناولها بمساعدة طبيبه مع
التقليل من الملح والمواد الدهنية عند الإفطار, ومع مراعاة هذه الاحتياطات
يلاحظ ازدياد حيوية القلب تدريجياً.
الصيام والبدانة
لا يعتبر الكثير من البدناء أنفسهم من المرضى بالطبع ولكن هذه البدانة مع
استمرارها وزيادتها المستمرة تؤدي بالطبع إلى المرض المحقق، فهي السبب
في الكثير من الأمراض مثل زيادة ضغط الدم وتصلب الشرايين وآلام الساقين
وضيق التنفس وأمراض القلب وأحياناً ما تكون سبباً في مرض السكري,
والصيام يلعب دوراً كبيراً مع البدانة حيث يؤدي الامتناع عن الطعام إلى تقليل
نسبة الدهون في الدم عامة وللشخص البدين أن يستغل هذه الفرصة في التعود
على الجوع حتى لا تكون هناك مشكلة في تقليل الطعام فيما بعد ويشعر الصائم
بالجوع لمدة 4 أيام تقريباً ثم يتلاشى الشعور بالجوع بعد ذلك.
ويمكن للبدين أن يتبع نظاماً غذائياً خالياً من الدهون ومتوازناً في سعراته عند
الإفطار، وبهذا تستمر الفائدة وينجح في الإقلال من وزنه بفضل الله ويحمي
نفسه من الأمراض المتوقعة بسبب البدانة.
الصيام والتدخين
بالطبع لا يعتبر المدخن نفسه مريضاً لأنه لا يعاني من مرض شديد ولكنه قد
تعود على وجود هذا الشيء اللعين بين أصابعه الذي ينقص من عمره ولا
يدري، وقد يعلم خطورته ويريد الإقلاع عنه ولكنه كالإدمان لا يمكنه الإقلاع
بسهولة فقد تعود دمه على نسبة النيكوتين التي تدخل إليه ويشعر بالحاجة إلى
التدخين حتى تستمر هذه النسبة بدون تغير ولا يُحدث خلل في هذه النسبة يؤدي
لتعكر المزاج، ولذا يكون الإقلاع عن التدخين عبئاً كبيراً على المدخن الذي يريد
المحافظة على حياته في صحة دائمة, كما يحتاج إلى إرادة من فولاذ.
ويأتي الصيام بأمرٍ من الله بالإقلاع عن التدخين تماماً مثل كافة الأغذية وهنا
يضطر المدخن المسلم للإقلاع عن التدخين مرغماً أثناء فترة الصيام ومهما
احتاج إليه ومهما تعكر مزاجه فهو لا يمكنه التدخين وهو صائم.
إذن فهو قادر على الإقلاع عن التدخين فيمكنه مواصلة ذلك بقوة الإرادة مع
وضع طاعة الله في الاعتبار.
نصائح للأصحاء الصائمين
لا شك أن الوقاية خير من العلاج، وعلى كل من أنعم الله عليه بصحة جيدة أن
يحافظ عليها فهى رأس مال الإنسان في هذه الحياة ومصدر رزقه, وأغلب
المرض يأتي من البطن، أي من الممارسات الغذائية الخاطئة فهي مصدر كل
داء، فالإفراط في أي نوعٍ من أنواع الطعام مهما كان مفيداً ومهماً كان الإنسان
مغرماً به يكون له مضاره الجسيمة بمرور الوقت.
فالدهون والأملاح والكافين عند الإفراط فيهم يصاب الإنسان بالأمراض الخطيرة
كتصلب الشرايين وضغط الدم المرتفع
وكذلك الإفراط في تناول السكريات والنشويات له مضاره أيضاً، فأقل الضرر إن لم
يكن المرض هو السمنة التي هي بداية كل داء.
والصيام فرصة لكي ننعم بصحة جيدة لذا يجب ألا نفسد فوائد الصيام الصحية
التي خلقه الله من أجلها بسبب بعض الممارسات الخاطئة.
ومن الخطأ أن نجد الصائمين بمجرد سماعهم أذان المغرب يعوضون حرمان
اليوم كله بتعبئة المعدة بما لذ وطاب من كافة الأطعمة وخصوصاً الدسمة منها،
ثم تناول الحلويات الرمضانية المشبعة بكميات هائلة من السكر ثم العمل على
إزاحة كل هذا بالماء أو بالمياه الغازية فتتوقف المعدة وتحدث التخمة ويحدث
الخمول ولا يكون الإنسان نشيطاً في إقباله على صلاته التي تزداد جرعتها
بصلاة التراويح في رمضان وتحتاج إلى جسد خفيف غير مثقل يؤديها كما
تحتاج إلى عقل يقظ يعي ما يقوله, فالإفراط في الطعام يؤدي لتحول الدورة
الدموية إلى المعدة وقلة توجهها للحركة والمخ.
ولا شك أن هذا الأسلوب في تناول الطعام هو السبيل إلى المرض وليس الصحة
وإلى زيادة نسبة الدهون والكوليسترول في الدم وإلى زيادة الوزن كذلك.
فعلى الصائم الذي لا يعاني من أي مرض أن يتبع أسلوباً معيناً في غذائه بدأ من
سماع أذان المغرب.
فعليه أولاً الدعاء ثم الإفطار على بضع تمرات كما نصحنا الرسول عليه الصلاة
والسلام، وفي تناول التمرات حكمة وهي أنها تكون غنية بالمواد السكرية سهلة
الهضم التي سرعان ما تمتص، وبهذا تعيد نسبة الجلوكوز في الدم إلى معدلاتها
الطبيعية حتى يكون الجسم مهيئاً لتناول المواد الغذائية الأخرى.
والخطوة التالية لتناول التمرات هي التوجه لصلاة المغرب التي تستغرق بعض
الوقت يكفي لتقوم التمرات بمهمتها.. يلي ذلك تناول عصير طبيعي بدون سكر
مضاف أو تناول شوربة الخضار.. ثم بعد ذلك بفترة مثل صلاة العشاء
والتراويح يمكن تناول المواد الغذائية الأخرى بشكل معتدل أي يتناول الإنسان
طعامه على مراحل حتى لا يرهق أجهزته دفعة واحدة.
كما ينصح بتناول الماء والسوائل بين الوجبات لتعويض الجسم ما يحتاجه من
الماء والسوائل وليس أثناء الوجبات حيث يربك الماء الهضم أثناء الوجبات
ويخفف العصارة الهاضمة.
ويمكن تناول الفاكهة المختلفة كذلك كالتفاح والبرتقال وغيرها من ثمرتين إلى
ثلاث لاحتوائها على السكر الطبيعي المعتدل بخلاف الحلويات الصناعية وتعمل
الفاكهة على سهولة حركة الأمعاء ومنع الإمساك كما ينصح بتناول الأغذية
المحتوية على الألياف أيضاً لفائدتها العظيمة للهضم.
وينصح كذلك بعدم الإكثار من تناول الشاي حيث يكون مدراً للبول وقد يفقد
الجسم الكثير من الأملاح المهمة.
وأخيراً يفضل تناول السحور قبل الفجر بوقت بسيط اتباعاً للسنة حيث يكون آخر
ما نتناوله قبل الإمساك بوقت بسيط.. فإذا ما اتبعنا الهدي النبوي في أمور
الصيام سننعم بالصحة والسعادة وطاعة الله.
وكل عام والأمة الإسلامية بخير.