بسم الله الرحمن الرحيم
هناك الكثير من حالات الطلاق التي لا تعلن أسبابها، قد تكون بدايتها فشل العلاقة الزوجية بين الطرفين، فقد أثبتت الأبحاث الارتباط بين حالات الاكتئاب وضعف الثقة الجنسية بسبب ضعف الانتصاب أو عدمه، الذي يؤدي إلى فقدان التقدير للذات.
وتم الكشف عن أن 25 في المائة من المصابين بالضعف الجنسي، عامة، يشعرون بالاكتئاب والقلق. ومن خلال التحليل لهذه الفئة وجد أن ما يقارب الثلث لديهم ضعف الانتصاب.
متلازمة الأيض
يبدو أن الارتباط وثيق بين الأمراض العضوية المزمنة، وعلى الأخص عند ظهور متلازمة الأيض أو المتلازمة الغذائية (السمنة، مقاومة الأنسولين، اختلال الدهون، ضغط الدم العالي) التي يقدر عدد المصابين بها بحوالي 20 في المائة من سكان العالم البالغين.
وتتضاعف لدى هؤلاء المضاعفات المرضية بخاصة ضعف الانتصاب عند الرجال بسبب انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون، واعتلال الخلايا المبطنة للأوعية الدموية.
وقد تم إجراء بحث طبي في هذا الشأن في دول مثل روسيا، كازاخستان، أوكرانيا، تركيا، جنوب أفريقيا، إسرائيل، المغرب، كرواتيا، صربيا، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية. واستجاب لفريق الدراسة 9304 أشخاص.
وفي دراسة علمية أخرى شملت 27839 شخصا يعانون من أمراض مزمنة (السكري، اختلال نسبة الدهون، أمراض القلب التاجية والذبحة الصدرية، وارتفاع ضغط الدم)، تبين فيها أن الزيادة في نسبة ضعف الانتصاب تسوء وتتلازم مع حدة المرض المزمن.
وقال الدكتور إيان إيردلي، الرئيس المنتخب وأمين صندوق الجمعية الأوروبية للطب الجنسي ونائب رئيس الجمعية العالمية لصحة الرجال الجنسية واستشاري المسالك البولية في مستشفى سانت جيمس الجامعي في ليدز في بريطانيا، إن متلازمة الأمراض المزمنة تتزامن بنسبة 64 في المائة مع من لديهم ضعف الانتصاب.
إن اعتماد الأدوية المصرح لها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA وكذلك هيئة الاتحاد الأوروبي لعلاج خلل وظيفة الانتصاب، التي تعطى تحت الإشراف الطبي للمختصين، هو تقدم طبي كبير وهذه العقاقير هي الفياغرا، السيالس، الليفيترا ذات الكفاءة والأمان.
مراحل الضعف الجنسي
حيث إن ضعف الانتصاب يقاس بمراحل ثلاث: ضعف شديد، متوسط، أو ضعيف، فقد وجد أن الضعف الشديد يوجد لدى 70 في المائة من المصابين بالمتلازمة الغذائية.
ومعالجة ضعف الانتصاب وشعور الرجل بذاته الجنسية وإدخال الارتياح للشريكين يتم بتوظيف الأدوية المناسبة، خصوصا أن ضعف الانتصاب غالبا ما يشير إلى مشكلة عامة في صحة الرجل، وأن سبب هذا الضعف عضوي وليس نفسيا، ولذا يجب التحكم والوقاية من المتلازمة الغذائية.
مشكلة عالمية
يعاني نحو 152 مليون رجل في العالم من العجز الجنسي بمختلف أنواعه سواء في عدم القدرة على الانتصاب أو عدم إمكانية المحافظة على الانتصاب بما يكفي لزمن عملية الإيلاج الناجح والوصول أخيرا إلى مرحلة النشوة والقذف بعد ذلك.
ومن المرجح أن يزداد هذا العدد إلى الضعف في عام 2030 بسبب تزايد الأمراض المزمنة ومضاعفاتها.
وفي الولايات المتحدة وحدها، هناك ما يقرب من 20 إلى 30 مليون رجل مصاب بالضعف الجنسي بمختلف درجاته، 50 في المائة منهم في الأعمار بين 40 و70 سنة.
ولتوضيح آلية عملية الانتصاب يجدر فهم التكوين التشريحي للقضيب (العضو الذكري)، فهو عبارة عن نسيج ليفي مرن قابل للانتصاب، يتكون من مجموعتين جانبيتين من الأنسجة تسميان الأجسام الكهفية، ومجموعة ثالثة تشغل الجزء السفلي وتكون الإحليل (قناة البول)، كما توجد حشفة (رأس) القضيب مخروطية الشكل. ويعمل التدفق الدموي في أوعية هذه الأنسجة على امتداد وصلابة القضيب وانتصابه.
العلاقة الجنسية الناجحة
يعتبر الأطباء والخبراء أن ضعف الانتصاب وضع خطير يؤثر على الصحة النفسية والاجتماعية للفرد والأسرة، وقد تبين من دراسة في هذا الشأن أن هناك نسبة مؤثرة من السعوديين تبلغ 93 في المائة أفادوا أن قوة الانتصاب هي المؤشر الرئيسي لجماع جيد.
وتقل هذه النسبة بين الأتراك إلى 71 في المائة، وأقل بالنسبة للإماراتيين 61 في المائة. كما تظهر أهمية عدد مرات العلاقة الحميمة، التي كانت الأعلى بين السعوديين، يليهم الأتراك ثم الإماراتيين (68 في المائة من السعوديين يمارسون الجماع من 1 إلى 3 مرات في الأسبوع).
وبالنسبة للتلقائية في الجنس، أشار 85 في المائة من السعوديين المشاركين في البحث أن التلقائية في الجنس هي الأفضل، أما الإماراتيين، فقد أظهروا تقديرا أقل للتلقائية في الجنس (45 في المائة) مقارنة بالأتراك (39 في المائة).
ومن المشوق أن غالبية السعوديين (86 في المائة) يدعون رضاءهم عن حياتهم الجنسية، في حين أظهر الأتراك نسبة أقل بلغت 79 في المائة، وأقل منهم في الإماراتيين (71 في المائة).
ومن النتائج الشيقة في هذه الدراسة أن المداعبة قبل الجماع احتلت أهم جزء في الممارسة الجنسية طبقا لجميع الجنسيات المشاركة في البحث، فما يقترب من 95 في المائة من السعوديين مقارنة بنسبة 73 في المائة من الإماراتيين و70 في المائة من الأتراك يدعون أن المداعبة هي أكثر أهم شيء في الممارسة الجنسية.
مشاكل العلاقة الحميمة
أظهرت نتائج البحث أن 76 في المائة من السعوديين يرون أن مشاكل الانتصاب تؤثر في الاحترام الذاتي أو احترام شريكة الحياة لذاتها، وذلك مقارنة بنسبة 63 في المائة من الإماراتيين الذين شاركوهم نفس الرأي.
وفي المقابل فإن 46 في المائة من الأتراك أقروا أن مشاكل الانتصاب تؤثر بصورة سلبية في احترامهم لذاتهم وكذلك احترام شريكهم لذاته.
ومن الجدير بالذكر أن نسبة بارزة (75 في المائة) من السعوديين يدركون أن وجود مشكلة في الانتصاب تسبب إحراجا شديدا لهم في العلاقة الحميمة.
ويشاركهم هذا الرأي وبنسبة أكبر الأتراك (83 في المائة)، في حين تقل عند الإماراتيين إلى 40 في المائة فقط، ونسبة مؤثرة من السعوديين (83 في المائة) قد يقومون بتجربة طريقة جديدة في ممارسة العلاقة الحميمة كرد فعل للمشاركة الجنسية، في حين أن نسبة أقل من الإماراتيين (70 في المائة) لديهم استعداد لفعل ذلك.
وفي المقابل يعول 43 في المائة فقط من الأتراك على التجديد في ممارسة الجنس كحل لمشاكل الانتصاب لديهم. وكحل لمشاكل الانتصاب أيضا قد يلجأ 65 في المائة من السعوديين ونفس النسبة من الأتراك ونسبة أكبر بقليل من الإماراتيين تبلغ 66 في المائة لطلب المساعدة من متخصص.
وفي المقابل يصف الأطباء والخبراء ضعف الانتصاب بأنه وضع خطير يجب اعتباره مدخلا لصحة الرجل وأن ضعف الانتصاب غالبا ما يكون مشوبا بوجود مرض خطير آخر مثل السكري، وارتفاع الضغط، أو ارتفاع الدهون بالدم.
ومن ناحية أخرى، أضاف الدكتور عمرو المليجي رئيس وحدة أمراض الذكورة بمستشفى د. سليمان فقيه بجدة بالسعودية ورئيس منتدى الانترنت بالجمعية العلمية للصحة الجنسية وأستاذ أمراض الذكورة بجامعة القاهرة أن عدة أبحاث حديثة أثبتت أن مرض ضعف الانتصاب يسبق الإصابة بأمراض القلب والشرايين بـ 3 إلى 5 سنوات.
الصحة الجنسية للزوجين
هناك طرقا لعلاج الضعف الجنسي غير الأدوية العضوية، منها أجهزة الانتصاب بالفراغ، العلاج النفسي، جراحة الأوعية الدموية، ودعامة القضيب، ثم بواسطة منتجات التستوستيرون (أقراص تدخل في قناة مجرى البول) أو العلاج بالحقن.
وأخيرا، نؤكد أهمية الصحة الجنسية للزوجين، ونشير إلى دراسة علمية أجريت في هذا الخصوص وقدمت نتائجها في المؤتمر العالمي للضعف الجنسي وأسبابه وعلاجه وأهمية الصحة الجنسية للزوجين والعادات والسلوكيات الجنسية عند كل من الرجال والنساء والمسمى بـ«دراسة أسلوب الحياة»، الذي عقد في أوائل هذا العام 2022 بمدينة القاهرة، أظهرت النتائج أن أكثر من ثلثي الذكور السعوديين يعتبرون أن العلاقة الجنسية هي أحد أهم مقومات نجاح العلاقة الزوجية مع شريكة الحياة لفترة طويلة، وقد شاركهم في الرأي الذكور من الأتراك وأيضا الإماراتيين، وأنهم يلجأون إلى الأطباء كحل لمشاكل الانتصاب طالبين من المختصين الحل السريع.