بداية حاول أن تجيب على هذه الأسئلة :
لماذا تغضب؟، ما الأمور التي تجعلك تغضب؟، ما الشعور الذي ينتابك عند الغضب؟، كيف تتصرف عندما تكون غاضبا؟، هل أنت سريع الغضب؟، ماذا تفعل لتهدئ من غضبك؟، ما هي المدة التي تستغرقها حتى تهدأ ؟، هل حاولت مرة السيطرة على غضبك؟، ما الشعور الذي ينتابك بعد مرحلة الغضب؟، هل سبق وندمت لغضبك؟، هل أسأت إلى أحد ما عندما كنت غاضبا؟، هل كان يمكنك أن تتفادى الغضب؟، هل ترى أن الغضب يمكن السيطرة عليه؟، هل تريد أن لا تغضب مرة أخرى؟ .
هذه بعض الأسئلة لتفكر فيها جيدا، ولتجيب عليها بكل وضوح !!!
أتدري لماذا يجمع الشر كله؟!، فكر!!! … عرفت الآن … أجل !!!، …أحسنت !!!
لتتصور أنك غضبان! …اتفقنا! …مظهرك مرعب! …عيناك بارزتان! …أوداجك منتفخة! …مقطب الحاجبين! …مشدود الأعصاب!…جسمك يرتعد!… يكاد رأسك يشتعل نارا! … قلبك يلتهب احتراقا … يختنق حقدا وغيظا!…تتلفظ بكلام لا يقوله أحقر الناس!… تضرب بيدك و رجلك! …عقلك لم يعد معك!… أرأيت!!؛ هذا إن كان الغضب غير مركز!!!، أما إن كان الغضب مركزا، فقل أصبحت مجنونا!!! .
أتدري؟! … من الناس من يرى إظهار الغضب رجولة، ومفخرة، تخيل! …ومن الناس من يحب أن يذكر بين الناس بأنه سريع الغضب، أو أن غضبه شديد جدا، تخيل !!!
أعلم أنك لست منهم!، وأن هناك أمور تحصل تجعلك تغضب!، عفوا! …هل لي أن أسألك ما طبيعة هذه الأمور؟!، … دعني أحزر أولا! …تغضب عندما ترى معصية!، أو عندما تنتهك حرمات الله!، إذا كان كذلك فيحق لك أن تغضب، ولكن غضبا لا يفقدك عقلك، و لا يجعلك أنت أيضا تعصي ربك!
ثم ألسنا نعصى الله في كل يوم، بل وفي كل حين، ألم تتساءل يوما، لماذا لا يخسف الله بنا الأرض جزاء لمعصيتنا له؟! … فالله تعالى يطعمنا ويسقينا، و يهبنا من النعم التي لا تحصى، ثم نقابل ذلك كله بالجحود، أليس هذا يدعو للغضب.
هذا إن كان غضبك لله تعالى، أما إن كان غضبك لأمر آخر، فكل ما في الدنيا أحقر من أن يوتر أعصابك، أو يتعبك قلبك و بدنك!
نصيحة لك، الأمور التي لا دخل لك فيها، والتي هي بيد الله لا داعي لأن تغضب فيها، لأنك ببساطة تعترض عن الله عز وجل، و الحل فيها أن تصبر، وأن تتخذ الأسباب الممكنة لحلها، أما الأمور التي يمكن أن يكون لك حكم فيها، فليس الغضب حلا مثاليا لها، فهناك أمور يمكنك أن تستغني عنها، كقضية الطعام مثلا، فلا داعي للغضب، وخذ الأمر ببساطة، لم يحضر أو كان سيء الطعم، لا مشكلة، الحلول كثيرة، أقلها أن تظل من دون طعام، ما المشكلة في ذلك، فأنت تصوم رمضان، و لا تكاد تلتفت إلى الجوع، الآن فقط أصبح الطعام قضية مركزية! .
لنقل أن أحدهم عصى أوامرك؛ تذكر أنك تعصى الله أنت أيضا، فما أوامرك بأعظم من أوامر الله تعالى، وما عصيان أوامرك بأهول من عصيان أوامر الله!!!
إذا غضبت يوما، فتذكر قبح الغضب، ولعله قد يعينك في التعرف على قبحه ما جاء
من آثار :
عن وهب بن منبه، قال: قرأت في الحكمة: للكفر أربعة أركان: ركن منه الغضب، وركن منه الشهوة، وركن منه الطمع، وركن منه الخوف.
قال سهل بن عبد الله : الغضب أشد في البدن من المرض: إذا غضب دخل عليه الإثم أكثر مما يدخل عليه في المرض.
قال محمد بن منصور: ست خصال يعرف بها الجاهل: الغضب في غير شيء، والكلام في غير نفع، والعظة في غير موضعها، وإفشاء السر، والثقة بكل أحد، ولا يعرف صديقه من عدوه.
وعن إسماعيل بن أبي حكيم قال غضب عمر بن عبد العزيز يوما، فاشتد غضبه وكان فيه حدة، وعبد الملك حاضر، فلما سكن غضبه، قال: يا أمير المؤمنين أنت في قدر نعمة الله عليك وموضعك الذي وضعك الله به وما ولاك من أمر عباده يبلغ بك الغضب بما آري قال كيف قلت فأعاد عليه كلامه فقال آما تغضب يا عبد الملك فقال ما تغنى سعة جوفي إن لم اردد فيه الغضب حتى لا يظهر منه شيء اكرهه.
قال الله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
حكي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أن غلاماً له وقف يصب الماء على يديه، فوقع الإبريق من يد الغلام في الطست، فطار الرشاش في وجهه، فنظر جعفر إليه نظر مغضب، فقال: يا مولاي " والكاظمين الغيظ " قال: قد كظمت غيظي، قال: " والعافين عن الناس " قال: قد عفوت عنك، قال: " والله يحب المحسنين " قال: اذهب، فأنت حر لوجه الله تعالى.
وقال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)
قال مالك بن أوس ابن الحدثان: غضب عمر على رجل وأمر بضربه فقلت يا أمير المؤمنين " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " فكان عمر يقول " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " فكان يتأمل في الآية وكان وقافاً عند كتاب الله مهما تلي عليه كثير التدبر فيه فتدبر فيه وخلى الرجل.
وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)
وعن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل تدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا قال لا قال إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقال له الرجل أمجنونا تراني " .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحب الناس إلى الله أنفعهم و أحب الأعمال إلى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا و لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا و من كف غضبه ستر الله عورته و من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة و من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام و إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من جرعة أعظم أجرا عند الله، من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله" .
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .
وكان الحسن يقول: من كانت له أربع خصال حرمه الله على النار، وأعاذه من الشيطان، من يملك نفسه عند الرغبة، والرهبة، وعند الشهوة، وعند الغضب.
وقال مورق العجلي: تعلمت الصمت في عشر سنين وما قلت شيئاً قط إذا غضبت أندم عليه إذا ذهب عني الغضب.
وكان الشعبي يقول: « ما أورثني أبواي مالا أصلهما منه، ولا استفدت بعدهما مالا أصلهما به، ولكني أصبر على الغيظ الشديد، أكظمه ألتمس به برهما » .
ليست الأحلام في حين الرضا … إنما الأحلام في وقت الغضب .
و تذكر أنك كما تعامل الناس ستكون معاملة الله لك، فإذا أردت أن يعفو الله عنك و يسامحك و يغفر لك، فكن كذلك مع الناس،
و الجزاء من جنس العمل ..
:a6: :rmadeat-a52ff53d67::a6: