على بعد بضعة أسابيع من الولادة، كل النساء الحوامل يشرعن في التعبير عن مخاوفهن وقلقهن. هذا الأمر طبيعي بالنظر للمجهول الذي ينتظر كل سيدة على وشك الوضع لأول مرة، والمقال يحاول استعراض كل هذه المخاوف بشكل مفصل نسبيا، مع تقديم شروحات عن تفاصيل عملية الولادة حتى تتغلب كل سيدة على مخاوفها وتستعد لاستقبال طفلها بتفاؤل وارتياح.
مشاعر الخوف هذه طبيعية جدا ومشروعة، لذلك فلا مجال لأن تشعر السيدة بالذنب لكونها خائفة من لحظة الوضع، ومع ذلك تجنبي سيدتي الاحتفاظ بمخاوفك لنفسك، وحاولي التحدث في الأمر مع المولدة أو الطبيب الذي يشرف على متابعة عملية حملك، فبإمكان هذين الشخصين الإجابة عن كل تساؤلاتك ومخاوفك، وبإمكانها كذلك مساعدتك على التخلص من مشاعر القلق.
إذا لم يكن الحديث مع هذين الشخصين كافيا لاستعادة الأم قليلا من اطمئنانها وهدوئها، فبالإمكان دائما اللجوء لطلب المساعدة من المعالج النفساني الملحق بمصحة التوليد التي ستحتضن عملية الولادة، وفي الغالب يكون حضور جلسات الإعداد للولادة من أجل الاسترخاء واستعادة الهدوء كافيا.
هذه اللحظات ستمكن السيدة من التعبير عن مكوناتها، ومن الحصول على أكبر قدر من المعلومات الشخصية حول الولادة، وكل ما يتعلق بهذه اللحظة، وكذا تبادل وجهات النظر مع نساء حوامل على وشك الوضع، ومعرفة أن هناك من يشاركنها ذات الوضعية، وأنهن مثلها تماما يطرحن الأسئلة ويعبرن عن مخاوفهن في انتظار لحظة الصفر.
بالنسبة لأول مولود، فمن الطبيعي أن تتساءل السيدة الحامل عن ما إذا كانت ستتعرف على العلامات الأولى لاقتراب المخاض، وأن تشعر بالخوف من عدم قدرتها على الوصل في اللحظة المناسبة إلى المستشفى.
وإذا كانت فترة حمل السيدة قد خضعت لإشراف طبي، فمن المفيد أن تسأل طبيبها الخاص عن هذه العلامات.
يتعلق الأمر قبل أي شيء بالتقلصات التي تمكن عنق الرحم من الانفتاح والاتساع بمجرد انتظامها، وفي كل مرة تحدث فيها التقلصات، تشعر السيدة إذا ما وضعت يدها على بطنها بأن الأخير يتصلب.
في البداية تكون هذه التقلصات نسبيا مؤلمة وتتم على فترات زمنية متباعدة، وبشكل عام ينبغي الانتظار قبل التوجه إلى المستشفى، أن تنتظم هذه التقلصات، وتظهر على رأس كل خمس دقائق على مدى ساعتين، أما إذا كانت التقلصات مؤلمة ومنتظمة ومتقاربة بمجرد ظهورها، فينبغي التوجه إلى المستشفى في الحال ولا حاجة إلى تضييع المزيد من الوقت.
العلامة الأخرى التي لا تقل أهمية تتمثل في تمزق كيس المياه، حيث ينزل سائل صافي ودافئ بشكل مفاجئ أو تدريجيا، وينبغي حينئذ التوجه إلى المستشفى على عجل دون انتظار، ويمكن أخذ دش سريع وليس حماما، لأن الجنين لم يعد محميا من التعفنات من طرف السائل السابيائي.
وسواء كانت هناك تقلصات أو لم تظهر، فإن أي خروج للدم، ينبغي أن يدفع الحامل للتوجه في الحال إلى المستشفى. وباختصار فإن هناك أسبابا عديدة تجعل من الضروري أن تجهز الحامل منذ نهاية الشهر الثامن من حملها حقيبة بأغراض المولود القادم، بالإضافة لملفها الطبي ومفاتيح السيارة، وأرقام هاتف سيارات الأجرة وسيارة الإسعاف.
أنا خائفة من الشعور بالألم لحظة الولادة : هذا شعور طبيعي ومشروع، وإذا كانت التقلصات الأولى عادة غير مؤذية، فإنها ستتقوى تدريجيا، حتى تصبح جد مؤلمة.
والحال أنه حتى إذا ما وصلت السيدة في وقت مبكر إلى المستشفى، فإن الأطباء ينتظرون عادة إلى غاية أن يفتح عنق الرحم، من أجل القيام بالتخدير الموضعي .
أما إذا كان من المستحيل القيام بالتخدير الموضعي، لكون التحاليل التي أجريت قبل أيام من الولادة أثبتت احتمال حصول مضاعفات، أو لكون الطبيب المبنج مشغول بتخدير مرضى آخرين في جناح آخر من المستشفى، فإن الحامل ينبغي أن تعلم أن هناك وسائل أخرى لتخفيف آلام التقلصات التي تشعر بها، كالمسكنات والمورفين، واستنشاق أول أوكسيد الآزوت لحظة تجدد التقلصات، أو حتى التخدير المحلي لحظة خروج الجنين.
هل تستغرق عملية الولادة وقتا طويلا ؟ من الصعب تحديد فترة عملية الولادة، بالنسبة للمولود الأول، لكن الأطباء يقدرون أن فترة ثماني ساعات في المعدل، هي فترة ضرورية من أجل الوصول إلى لحظة الاتساع الكامل لعنق الرحم.
أما الطلق الذي يستمر عادة ما بين عشرين وثلاثين دقيقة في المتوسط بالنسبة للولادة الأولى، فهو يستغرق وقتا أكبر منه عند النساء اللواتي يلدن لثاني أو لثالث مرة.
تحت التخدير الموضعي، تشعر الحامل كما لو أن الوقت يمر ببطء شديد، ولكن إمكانية معاودة ظهور التقلصات دون الشعور بالآلام، يسمح للسيدة بالحفاظ على هدوئها النسبي.
وعندما تتم عملية الولادة بإيقاع شديد البطء، فإن المولدة بإمكانها تمزيق كيس المياه، دون إيلام السيدة، وتحت التخدير الموضعي، تقوم بحقن الحامل بهرمونات الأوسيتوسين لتسهيل عملية الولادة. واليوم يحاول الأطباء ما أمكن لمصلحة الأم والجنين معا، تفادي عمليات الولادة التي تدوم وقتا طويلا .
بإمكان التخدير الموضعي أن لا ينجح وأنا خائفة من الحقنة :
إذا كنت تريدين بأي ثمن الخضوع للتخدير الموضعي، فينبغي التأكد من تواجد الطبيب المبنج بشكل دائم في المستشفى، وهذا الأخير بإمكانه اكتشاف لحظة خضوعك للفحص من قبله، لوجود اعوجاج خفيف على مستوى فقرات عمودك الفقري، بحيث يصبح من الصعب القيام بالتخدير الموضعي. في هذه الحالة، هناك احتمال لأن لا يؤثر التخدير سوى على أحد جوانب الجسم، ويصبح لزاما لحقن من جديد، حتى يكون كل شيء على ما يرام.
واليوم تخشى الكثير من النساء الحوامل التخدير الموضعي بقدر ما يرغبن فيه، لأن طريقته في التخدير التي تقوم على الحقن في أسفل الظهر ما زالت تبعث على الخوف، والحال أن زيارة الطبيب المبنج ليمكنها أن تضع كل الشكوك والمخاوف جانبا.
خائفة من احتمال فقدان السيطرة على كل شيء :
بداية، لن تكوني الأولى التي يحدث لها ذلك، وهي ليست بالمأساة. فلا يمكن التحكم في كل شيء، ولا السيطرة على كل شيء، ثم لا تنسي أنك لن تكوني وحيدة ومنعزلة في هذا الأمر، فالمولدة ستعمل على مراقبة حالتك بين الفترة والأخرى، وفي حالة الشعور بالخوف الشديد ينبغي إخبارها بذلك، وطلب المساعدة منها. في اللحظة الحاسمة، فإن الطبيب والمولدة هما اللذان سيعملان على مساعدتك على إنجاب طفلك في الوقت المناسب،
ولذلك فليس مطلوبا منك سوى الانضباط لتوجيهاتهما بالحرف :
طريقة التنفس، متى ينبغي الدفع، وكم من الوقت ؟ اعلمي أن ارشاداتهما تكون دقيقة، وتشجيعاتهما تشكل أهم سلاح للتخلص من حالة الارتباك والرعب التي تجتاح الحامل خلال هذه اللحظة. وفي الأخير اعلمي أن الخوف من فقدان السيطرة شيء طبيعي تماما، وهو شيء تشترك فيه عادة كل أمهات المستقبل تقريبا. هل بإمكاني الافلات من عملية شق الفرج ؟ عملية شق الفرج التي تتم عادة في لحظة مرور رأس الجنين، تبعث الرعب في قلوب النساء الحوامل، والحال أنه يتم اللجوء إليها بغاية تفادي تمزق العضلات والأنسجة والتي تتسبب في آلام غير محتملة ويتطلب التئام جروحها وقتا طويلا.
أما عملية شق الفرج، فهي تقريبا غير مؤلمة بالمرة، لأنها تنجز لحظة قيام السيدة بالدفع، وغالبا ما تكون تحت تأثير التخدير الموضعي، كما أنه لا يلجأ إليها إلا في 50 % من حالات الولادة. في حالة عدم القيام بالتخدير الموضعي، فإن شق الفرج يتم تحت التخدير المحلي، وصحيح أن هذه العملية تخلف الشعور بالانزعاج وعدم الارتياح خلال الأيام الأولى، بالنسبة للسيدة التي أنجبت حديثا، إلا أنه للتخفيف من الآلام التي قد تشعر بها السيدة، يمكن وصف بعض الأدوية المهدئة الفعالة، كما تنصح السيدة بالجلوس خلال الأيام الأولى على عوامة. وبشكل عام فإن أسبوعين كحد أقصى كافيان لنسيان هذه العملية الصغيرة.
م/ن