العلاقات الزوجية الناجحة تُحسِّن مناخ الأرض
ربما تجد عزيزي القارئ الكريم بعض الغرابة في العنوان أعلاه
، وقد تتساءل ما هي العلاقة بين كوكب الأرض والعلاقات الزوجية !!
. ومصدر الغرابة يتأتى من اختلاف طبيعة الإنسان وعلاقاته وعدم ارتباطها بالأرض أو مناخها بشكل مباشر، أي أن الزواج لا علاقة له بالطقس الحسن بصورة مباشرة،
فربما نجد زوجين فقيرين يعيشان في كوخ صغير بغابة هما من أسعد الناس، وقد نجد زوجين آخرين يعيشان في فيلا فارهة على شاطئ بحر ما ويعانيان في الوقت نفسه من علاقة زوجية بائسة، إذن ما هو الرابط بين كوكب الأرض وسوء العلاقات الزوجية أو نجاحها؟. لنقرأ معا هذا القول الذي أطلقه أحد أعضاء مجلس الشيوخ الاسترالي في العاصمة الاسترالية كانبيرا، فقد قال هذا النائب في إحدى جلسات مجلس الشيوخ المذكور (إن الطلاق يفاقم من مشاكل التغير المناخي الذي يتهدد كوكب الأرض).
وبنظرة متفحصة لهذه الجملة سيقع القارئ الكريم تحت هاجس التساؤل والاستغراب أيضا، فما هي العلاقة بين الطلاق المتأتي من سوء العلاقة الزوجية وبين تغير المناخ نحو الأسوأ ؟. هنا يضيف النائب الاسترالي السناتور ستيف فيلدينج مبررا طرحه آنف الذكر (إن الطلاق يدفع المطلقين الى أسلوب حياة مبذر)، ويضيف قائلا: (حين يطلق الأزواج بعضهم بعضا سيحتاجون إلى منازل بديلة ويستهلكون المزيد من الكهرباء والماء). ويقول السناتور أيضا: (ندرك أن هناك مشكلة اجتماعية – الطلاق – لكن الآن نشهد أيضا تأثيرها البيئي). إذن يطرح هذا النائب رؤية جديدة لم يطرحها قبله مختص أو مفكر في هذا المجال، وقد استنبط فحوى رؤيته من طبيعة العلاقات الزوجية السائدة في المجتمع الاسترالي الذي يعيش فيه، بمعنى أن هذا النائب لم يحصر نشاطه أو دوره في العمل السياسي فحسب بل قفز إلى الجانب البيئي وعلاقته بالجانب الاجتماعي وتأثير الجانبين أحدهما على الآخر !!. إنها رؤية غريبة حقا ولكنها مقنعة، بمعنى أنها تستمد أهميتها من حقيقة وجودها على الأرض وفعلها الذي يمكن ملاحظته من لدن الناس الذين يتابعون هذا الطرح أو الرؤية الاجتماعية البيئية الجديدة.
ما نود قوله في هذا الصدد، أن العالم يفكر بطريقة قد تكون مستغربة من قبلنا، لكنها واقعية كونها مستمدة من ارض العلاقات القائمة في المجتمع الاسترالي، كما أن الجديد فيها يتعلق بعدم حصر السياسي (نائب في مجلس الشيوخ) دوره ونشاطه في حقل السياسة فقط، بل ثمة مجالات مستحدثة يمكنه من خلال رصدها ومتابعتها أن يؤدي دورا هاما وجديدا في آن واحد. ويمكن أن نسترجع بصدد هذا الموضوع رؤية الإسلام للأسرة ومقومات نجاحها التي ستصب في الصالح العام قطعا، حيث نجد في الضوابط الإسلامية التي تحدد مسألة الزواج والطلاق عوامل مساعدة على استقرار الأسرة ومن ثم المجتمع عموما
، فحين يتم تطبيق الضوابط المذكورة سنصل الى عائلة ناجحة ومستقرة الأمر الذي يقود إلى استقرار اقتصادي في الإنفاق وهذا بدوره يقود إلى عدم الإضرار بالبيئة بسبب قلة النفقات. إذن يمكننا القول بأن هدف الإسلام في تنظيم العلاقات الزوجية هو استقرار الخلية الأصغر في المجتمع الإسلامي المتمثلة بالعائلة ومن ثم فتح سبل النجاح والتطور لها عبر تطبيق الضوابط المتفق عليها والمعمول بها في هذا المجال، وهنا تلتقي الرؤى الإنسانية بما يخدم الإنسان ويجعل حياته أكثر استقرارا ونجاحا. فالنائب الاسترالي المذكور لابد انه لاحظ الخروقات التي أحدثتها حالات الطلاق في الاقتصاد وفي طبيعة العلاقات الاجتماعية معا وقدم طروحاته كي يساهم في معالجة او الحد من تلك الخروقات، أما الإسلام فقد جاء بمبادئه الإنسانية الخالدة لكي يجعل من المجتمع الإنساني عموما أكثر استقرارا من خلال تقويم النظام العلائقي بين شرائح وطبقات الناس كافة.