من بين أضرار التدخين المعروفة، يُعد التهاب الشعب الهوائية الساد المزمن أحد أكثر أمراض الرئتين انتشارا وأخطرها على الصحة، حيث يحتل طبيا المرتبة الرابعة في قائمة أسباب الوفاة في العالم نتيجة للتدخين المزمن. إلا أن مضاعفات هذا المرض القاتل لا تظهر غالبا إلا بعد عدة سنوات من إدمان عادة التدخين، وبعد تدهور حالة الرئتين بدرجة كبيرة.
فمن المفاهيم الخاطئة لدى كثير من الناس، أن السعال المزمن يعتبر من الأعراض الطبيعية لدى المدخنين، وهو ليس كذلك، إذ يعد ذلك إحدى أُولى الأعراض الدالة على تهيج مجاري الهواء والتهابها كأثر سلبي مباشر، مما يجب أن يحفز المدخن على ترك التدخين في أقرب فرصة، تجنبا للمضاعفات.
ويكمن التشخيص في أخذ التاريخ المَرَضي بدقة وإجراء الفحص الطبي، إضافة إلى أخذ أشعة للصدر وإجراء اختبار وظيفة التنفس الذي عادة مايُبين انسدادا في الشعب الهوائية، وانحباسا مزمنا في كمية الهواء داخل الرئتين، مما يزيد من صعوبة التنفس خاصة لدى بذل مجهود عضلي. وإضافة إلى أعراض السعال المزمن المصحوب بكميات متفاوتة من البلغم، وانحسار المجهود العضلي للمريض، وازدياد معدل التنويم بالمستشفى بالتهابات الجهاز التنفسي، يُمكن للمرض – في مراحله المتقدمة – أن يسبب فشلا في عمل الرئتين واعتماد المريض على أجهزة الأوكسجين بصورة دائمة، لمحاولة دعم ما تبقى من وظائف الرئتين الضرورية لاستمرار الحياة. ولاشك أن النوم من أكثر الوظائف الطبيعية تأثرا بمرض التهاب الشعب الهوائية الساد المزمن، نظرا لأعراض السعال وضيق التنفس، إضافة إلى نوبات انخفاض نسبة الأكسجين في الدم أثناء النوم، مما يؤدي إلى الشكوى من كثرة التململ ورداءة النوم، فضلا عن تعكر المزاج، وزيادة الخمول والنعاس أثناء النهار.
ويُعد الامتناع عن التدخين بصورة قطعية، أنجع طريقة لتجنب الإصابة بهذا المرض والتخفيف من آثاره الخطيرة التي شهدت ارتفاعا ملحوظا لدى الرجال والنساء في المجتمعات العربية خلال السنوات الماضية، تبعا لارتفاع نسبة المدخنين من الجنسين، بالرغم من انحسار هذه النسبة في المجتمعات الغربية. أما بالنسبة للعلاج، فيعتمد على موسعات الشعب الهوائية المستنشقة، وغيرها من حبوب مضادات الالتهاب التي تعمل على التخفيف من الأعراض بشكل أساسي.
استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النّوم
رئيس قسم الأمراض الصدرية، مدير مركز اضطرابات النّوم
لاتحرمينا من جديدك