إن التسمية الصحيحة للسرطان هو الورم انطلاقاً من المصطلح اليوناني ورم Oncos وعلم Logos أي Oncologie أي علم الأورام نظراً لتعدد أنواعه وأشكاله . إن كلمة ورم تحتوي في دلالتها على تصنيف لحوالي 150 نوعية مرضية محددة من قبل منظمة الصحة العالمية .
ومن الممكن أن يظهر ورم معين في عضو معين من جسم الإنسان له تركيبه النسيجي الخاص به لكنه يختلف عن ورم موجود في عضو أو مكان آخر في الجسم من حيث الأعراض والمواصفات البايولوجية والسريرية وكذلك عملية انتشاره ونمط علاجه وتوقعات مختلفة كلياً عنها في عضو آخر . والخلايا الخبيثة إما أن تمتد محلياً وتغزو وتدمر النسيج الطبيعي المجاور وإما أن تنتقل عبر الأوعية اللمفاوية أو الأوعية الدموية إلى أمكنة أخرى من الجسم وتكون أو تؤسس بؤراً جديدة نامية تسمى البؤر السرطانية المنتقلة وتدمر الأعضاء الجديدة ثم تنتهي بوفاة المصاب .
ما هي خصائص الخلايا السرطانية ؟
الخصائص التي توصل إليها العلماء هي :
1 الكروموسومات Chromosomes ( الصبغيات ) إن السرطان يرتبط بعيب في الصبغات التي توجد في نواة الخلية وتحمل الصفات الوراثية ويتوجب على العلماء البحث عن سبب العيب ، حيث يعتقد أنه حيثما يوجد سرطان الدم ، الثدي ، الرئة أو أي عضو آخر يوجد أيضاً صبغات محطمة بها نقص أو زيادة في التركيب أو العدد وتشكل الدور الرئيسي في طبيعة السرطان .
2 انقسام الخلية Cell Division : عندما تنقسم الخلية الطبيعية ينتج عنها خليتان متماثلتان تماماً بهما نفس عدد الصفات الموجودة في الخلية الأصل . ولو نظرنا إلى الخلية السرطانية فإنه ينتج عن انقسامها خليتان متماثلتان كما يجد في انقسام الخلية الطبيعية . وخليتان متلاصقتان أي أن الانقسام يكون غير كامل ، بالإضافة إلى خليتين غير متماثلتين ، أي واحدة كبيرة والأخرى صغيرة مع الاختلاف في عدد الصبغيات ، وكذلك ثلاث خلايا ، أو عدة خلايا صغيرة مختلفة في الحجم وعدد الصبغيات كما أن الخلايا قد تتشابك أو قد تتلاصق الصبغيات .
3 دورة الخلية Cell cycle : تمر الخلية عند انقسامها بعدة مراحل تؤلف دورة الخلية وهي : المرحلة الأولية Prophase (P) ، المرحلة الانتقالية (M) Metaphase ، والمرحلة الانفصالية Anaphase (A) ، والمرحلة الأخيرة Telophase (T) .
وعند دراسة تلك المراحل لانقسام الخلية السرطانية تبين أنها تختلف من حيث النسب عن انقسامات الخلية الطبيعية ، ويتضح ذلك بصورة خاصة عند دراسة النسبة الزمنية بين المرحلة الانتقالية (M) والمرحلة الأولية (P) وتكتب (Mip) . في إحدى الدراسات على الفئران تبين أن تلك النسب نقصت في اليوم الثالث من 5091 إلى 5055 وتلك النسب تختلف كذلك بين مختلف أنواع انقسامات الخلايا السرطانية .
4 غشاء الخلية Cell membrane : في العادة عندما يصاب شخص بجرح فإن الخلايا مكان الجرح تنقسم وتواصل انقسامها إلى أن يلتئم الجرح ثم تتوقف الخلايا عن الانقسام .
عندما تتقارب خليتان وتتلاصقان فإنهما تتوقفان عن الانقسام ، وهذه ظاهرة فسيولوجية توجد عادة في الخلايا الطبيعية داخل الجسم وكذلك في المعمل ، فعندما نفصل إحدى الخلايا الطبيعية ونضعها في طبق بتري ونوفر لها الغذاء والظروف المناسبة للانقسام فإنها تنمو وتكون طبقة واحدة متراصة من الخلايا المتجانسة ، ومعدل الانقسام بطيء حيث يبلغ زمن انقسام الخلية الطبيعية لانتاج خليتين متماثلتين 24 ساعة تقريباً . وعندما نجري نفس التجربة السابقة على خلية سرطانية نجد أن معدل انقسامها أسرع من المعدل الطبيعي وبدلاً من أن تكون طبقة واحدة متراصة كما في الخلية الطبيعية ، تنمو بدون انتظام على شكل كتلة من الخلايا عبارة عن عدة طبقات سميكة وصلبة وبذلك نستنتج أن غشاء الخلية يلعب دوراً هاماً في طبيعة السرطان .
5 تميز الخلايا Cell differentiation : أخذت عدة خلايا طبيعية من الكبد وكذلك عدة خلايا طبيعية من الطحال ووضعت في طبقي بتري وحفظت في ظروف مناسبة للانقسام فوجد أن خلايا الكبد تتجمع وتتلاصق وتكون نسيجاً من الخلايا الكبدية ، وكذلك نفس الشيء بالنسبة لخلايا الطحال والنسيجان متميزان ومعزولان عن بعضهما . وعندما تجرى نفس الطريقة السابقة على خلايا سرطانية من الكبد والطحال فلن تتميز الخلايا وينتج كتلة من الخلايا الكبدية والطحالية . مما يوضح أن الخلية السرطانية غير ناضجة وليس لها القدرة على التميز ، وذلك يفسر انتشار السرطان في داخل النسيج فمثلاً سرطان الثدي قد تتساقط منه عدة خلايا سرطانية وتصل إلى الحوض وتسبب سرطان العظام .
6 الانتكاس أو النزوح المرضي Collapse or Re-infection : عندما يتم استئصال السرطان بالجراحة أو تدميره بالأشعة أو علاجه بالأدوية المضادة للسرطان فإنه يحدث انتكاس أو نزوح بحيث يظهر السرطان مرة أخرى في نفس المكان أو في موضع آخر ، وعملية النزوح تنتج عن الاستئصال الجراحي غير الكامل أو بسبب انتقال بعض الخلايا السرطانية أثناء العملية الجراحية إلى نسيج سليم وكذلك في حالة عدم التدمير الشامل لجميع الخلايا السرطانية وفي حالة العلاج بالأشعة ، أو عدم العلاج التام بالأدوية المضادة للسرطان . وقد يظهر المرض بعد العلاج نتيجة لظاهرة انتشار السرطان ويطلق عليها عملية النزوح المرضي. قد تسقط بعض الخلايا السرطانية في تيار الدم قبل العلاج وتكون هناك مستعمرات سرطانية في أماكن أخرى داخل الجسم وقد تستغرق فترة قصيرة وعند ذلك يصبح الأمل في الشفاء ضعيفاً ، لأن المرض يكون قد استشرى في عدة أماكن داخل الجسم وحينئذ يصعب السيطرة عليه .
7 حمض اللاكتيك Lactic Acid : لاحظ العلماء أن الخلايا السرطانية تفرز كميات أكبر من حمض اللاكتيك من الخلايا الطبيعية . وهذه الظاهرة توجد عادة عند نمو الورم السرطاني في داخل الجسم وكذلك عند نمو الخلية السرطانية في المختبر. ويعود الفضل في اكتشاف هذه الظاهرة لعالم الكيمياء الحيوية الألماني وأربيرج ولذلك تسمى ظاهرة واربيرج (Warberg Phenomenon) .
8 الدورة الدموية في الورم السرطاني Blood circulation inside the tumor : قام علماء الكيمياء الهندسية بتطوير طريقة حديثة لدراسة الدورة الدموية في الورم السرطاني ، وذلك بعمل تجويف صغير في أذن الأرنب المصابة بالسرطان ، تم زراعة عدة خلايا سرطانية في ذلك التجويف ، ثم غلق بغطاء زجاجي شفاف حيث يمكن معرفة التطورات التي تحدث بوضع أذن الأرنب تحت الميكروسكوب وقد لوحظ أن الخلايا السرطانية تتكاثر وتكون شعيرات دموية تتصل بالدورة الدموية في أذن الأرنب وتبين أن الدورة الدموية في الورم السرطاني بطيئة عن المعدل الطبيعي .
9 عمر الإنسان والإصابة بالسرطان Age and cancer Infection of Human : من المعروف أن السرطان يصيب الإنسان في أي مرحلة من مراحل العمر فهناك حالات كثيرة للسرطان بين الأطفال والشباب وخاصة سرطان العظام وسرطان الدم ، إلا أن معظم المنكوبين هم من المسنين ويعود ذلك الاختلاف إلى ضعف مقاومة الجسم مع تقدم السن ، وكذلك زيادة احتمال تحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية مع مرور الزمن .
أنواع السرطان Types of Cancer :
1 سرطان الفم والبلعوم والجهاز الهضمي Digestive system :
أ سرطان الفم والبلعوم والمريء Mouth Pharynx and Esophagous cancer : يعتبر الفم والبلعوم والمريء الممر الرئيسي الذي يمر بها الطعام في اتجاه المعدة ومن الواضح أن أي ورم يصيب تلك المناطق يسبب صعوبة في البلع ، وهو مرض شائع يصيب الإنسان خاصة في الشتاء نتيجة إصابته بالانفلونزا أو الجراثيم الهوائية التي تفضل البقاء في تلك المناطق لتوفر الأكسجين ، لكن عندما يكون هناك صعوبة في البلع وتستمر لفترة طويلة وزيادة الألم مع مرور الزمن بدون سبب واضح فقد تكون تلك الأعراض إنذارات مبكرة للسرطان.
ب سرطان المعدة Stomach Cancer : يعتبر سرطان المعدة من أخطر الأورام السرطانية لأن جدار المعدة في حالة حركة في معظم الأوقات ويفرز جدارها أحماضا وأنزيمات هاضمة ، ويعتبر عسر الهضم الإنذار المبكر للإصابة بسرطان المعدة ومع مرور الزمن يزيد عسر الهضم وتشتد الآلام ويصاب المريض بالأنيميا الناتجة عن نزف الدم من الورم السرطاني ثم يفقد المريض الشهية للطعام وقد يتقيأ وخاصة في الصباح .
ج سرطان الأمعاء Intestine Cancer : في حالة سرطان الأمعاء يظهر الإنذار المبكر على هيئة مغص وآلام في البطن تستمر لفترة طويلة مع خروج غازات بصورة متزايدة ويصاب المريض باضطراب في إخراج الفضلات حيث يتناوب الإمساك والإسهال ثم تظهر على المريض أعراض فقر الدم بسبب النزف الدموي المستمر من الأورام السرطانية نتيجة للحركة المعوية .
2 سرطان الجهاز التناسلي Sexual system :
أ سرطان الرحم وعنق المهبل Vagina cancer : كلما تقدمت المرأة في العمر زاد معدل ارتفاع نسبة السرطان . أما بالنسبة لعلاقة سرطان الرحم بإنجاب الأطفال فقد تبين أن معدل الإصابة يزيد مع زيادة عدد الأطفال ، حيث أن تعرض الرحم لعمليات الولادة المتكررة يزيد من احتمال إصابة الأنسجة بالالتهابات والجروح المزمنة التي قد تؤدي إلى نشوء السرطان . إن الإنذار المبكر لسرطان الرحم يتمثل في النزيف المهبلي في فترات متقطعة ويزيد مع مرور الزمن ، أو نزول إفرازات مهبلية بدون أسباب مرضية .
ب سرطان الخصية Testis Cancer : تظهر علامة سرطان الخصية بصورة مباشرة على هيئة ورم في الخصية ، كما يشعر المصاب بألم فيها يمتد إلى الجنب والظهر ، ويزيد الورم والألم مع مرور الزمن ولا يكون هناك أسباب مرضية واضحة لتلك الأعراض .
3 سرطان الجهاز البولي Urinary system :
أ سرطان المثانة البولية Bladder Cancer : إن إنذارات سرطان المثانة البولية تتشابه مع أعراض الحصوة ، حيث يشعر المريض بآلام شديدة أثناء التبول مع نزول بعض قطرات من الدم بصورة متقطعة وتزيد تلك الأعراض مع مرور الزمن .
ب سرطان الكلية Kidney Cancer : يعتبر ظهور الدم في البول أول علامات سرطان الكلية وذلك لسهولة النزف من الورم السرطاني ويشعر المصاب بآلام شديدة في الظهر . ويصيب سرطان الكلية الأطفال قبل سن العاشرة وأخطر أنواعه ورم ويرمز نسبة إلى الطبيب الذي كان أول من وصف أعراضه ، وعلامات هذا المرض هو تضخم أحد جانبي البطن مع الشعور بآلام شديدة فيه ، واضطرابات في عملية التبول مع نزول قطرات دم في البول .