يعاني أغلب الناس من ألم في الرأس بين الحين والآخر ، ولكنه يختفي عادة بشكل تلقائي في غضون ساعات قليلة . لكن هذا الألم يمكن أن يستمر عند بعض الناس لفترة أطول مسببآ ضائقة كبيرة . وقد يتركز عند مؤخرة الرأس ، أو على الجبهة وخلف العينين .
وتتفاوت نوعية الألم بين الفاتر والمستمر والمفاجي والحاد . ومع ذلك فمن النادر أن يكون الم الرأس ( الصداع ) سببآ مهددآ للحياة . كما أن معظم اوجاع الرأس ليست خطيرة بطبيعتها . رغم أنه قد يكون من الصعب إيجاد تفسير و علاج لها .
حيرة الأطباء :
لا يمكن لأنسجة الدماغ أن تؤلم ، لأنها لا تحتوي على مستقبلات للألم ، وهذا ما يجعل الم الرأس أمرآ يبعث على الإستغراب !
إن 95% من حالات الصداع لا تنجم عن أي مرض ، كما أن هذه الاوجاع الأولية تتفاوت بشكل كبير . ولا يعلم الباحثون ما الذي يحدث على الصعيد الفيزيائي حين يصاب المرء بالصداع ، ولا يزال البحث جاريآ لإكتشاف السبب الفعلي
نظرية جديدة في الصداع :
يركز الباحثون على ممر العصب الثلاثي التوائم وعلى السيروتونين الكيميائي الموجود في الدماغ بإعتبارهما المسؤولين المحتملين عن أوجاع الصداع الحادة . وهم يرجحون بأن الألم ينتج عن خلل في توازن الكيميائيات في الدماغ . فخلال الصداع ، تنخفض مستويات السيروتونين في الدماغ . وبنتيجة لذلك ، تتحرك نبضة على طول العصب الثلاثي التوأئم إلى الأوعية الدموية في غلاف الدماغ ( السحايا ) . فترتخي الأوعية الدموية وتصاب بالإلتهاب والتورم . عند ذلك يتلقى الدماغ إشارة الألم وتكون النتيجة الصداع !
يتحدث الاطباء عن اربعة انواع مختلفة لاوجاع الرأس
– صداع التوتر
– صداع المسكنات
– الصداع العنقودي ( الالم العصبي الشقيقي )
– الشقيقة ( الصداع النصفي )
قد يترافق الصداع مع مرض حمّوي مثل الانفلونزا وهو عرض شائع جدآ لحالات الزكام والتهابات الجيوب . كما أن الإستهلاك الزائد للكحول يمكن أن يؤدي إلى صداع في صباح اليوم التالي .
هنالك بعض الاسباب الاكثر خطورة للصداع ، لكنها لحسن الحظ نادرة . وهي تتضمن الاورام الدماغية ( الحميدة والخبيثة ) التي يمكنها أن تسبب الصداع الراجع ، والتهاب شرايين الدماغ التي تسبب ألمآ نابضآ مفاجئآ في أحد الصدغين أو كليهما . وتشمل الحالات الأخرى الخطيرة والنادرة المصاحبة للصداع التهاب السحايا ونزف العنكبوتية .
التعرف إلى الصداع الخطير :
سارع إلى طلب المشورة الطبية إن كنت تعاني من أي من الاعراض التالية :
– صداع حاد يتطور فجأة وبسرعة
– صداع يتفاقم رغم أخذ المسكنات
– تقيؤ بعد بدء هجمة الصداع
– خدر وضعف في الاطراف
– تشوش في الرؤية مع ألم في العينين
نحن ننصحك بإستشارة الطبيب بأسرع ما يمكن إن كنت تعاني من أي من الأعراض الاضافية المذكورة أعلاه .
صداع التوتر :
وهو النوع الاكثر شيوعآ للصداع . ويمكن أن يكون مؤلمآ بإعتدال أو بشدة . ويعتقد الاطباء أن الألم ينتج عن تشنج في عضلات الفروة .
ويتم الاحساس به عادة على شكل شدّ في الجبهة ، غالبآ ما يمتد نحو الخلف إلى الرقبة ( يؤدي تدريجيآ إلى ألم أو تعقد أو ضغط في العنق أو الجبهة أو فروة الرأس )
يصاحب هذا الصداع شيء من الغثيان لكن بدون قيء في العادة .
يدوم الصداع ساعات قليلة لكنه قد يستمر في بعض الاحيان ، وهو يصيب الرجال والنساء على حد سواء .
هنالك العديد من العوامل التي يمكن أن تحث على هذا الصداع، مثل الاجهاد ، الضجيج ، بعض انواع الدخان ، المشاكل المتعلقة بالنظر ، و الاكتئاب .
غالبآ ما يكون صداع التوتر ناتجآ عن وضعية جلوس سيئة وعن التحديق لفترات طويلة في شاشة الكمبيوتر .
يستجيب هذا الصداع بشكل جيد لتقنيات الاسترخاء و المسكنات التي لا تحتاج إلى وصفات طبية . وهو يتحسن غالبآ عن طريق ممارسة بعض التمارين الرياضية المعتدلة . كما أن تدليك فروة الرأس أمر مفيد غالبآ .
إذا كنت تعاني من صداع متكرر ، يحتاج طبيبك إلى معرفة شدة اعراضه وتكرار ظهورها . لذا من المفيد غالبآ أن يأخذ علمآ بها . وفي بعض الحالات ، يمكن إجراء مسح مقطعي حوسبي CT scan من أجل معرفة السبب الكامن وراء الصداع المستمر أو المتكرر .
تجنب محفزات الصداع :
العوامل التالية تختلف بإختلاف الاشخاص
– الكحول
– التدخين
– الضغط أو التعب
– اجهاد العين
– النشاط الجسدي أو الجنسي
– الاوضاع غير السليمة
– تغيير حالات النوم أو أوقات تناول الوجبات
– الموز ، الكافيين ، الاجبان المعتّقة ، الشوكولا ، الفاكهة الحمضية ، الطعام المخمّر أو المخلل أو المملح ، التوابل ، المواد المضافة على الاطعمة ( نيتريت الصوديوم في الهوت دوغ أو النقانق أو اللحم ، أو غلوتامات وحيد الصوديوم في الاطعمة المعالجة أو الصينية ) ، البيتزا ، الزبيب
– تغيير المناخ أو الارتفاع أو الوقت
– التغيرات الهرمونية التي تطرأ خلال الدورة الشهرية أو بعد سن اليأس ، إستعمال وسائل تحديد النسل الفموية ( حبوب منع الحمل ) ، أو الخضوع لعلاج بديل للهرمونات
– الاضواء القوية أو البرّاقة
– الروائح بما في ذلك العطور أو الازعاء أو الغاز الطبيعي
– الهواء الملوث أو الغرف المكتظة
– فرط الضجيج
علاج صداع التوتر العرضي :
جرّب أولآ التدليك أو الكمادات الساخنة أو الباردة أو الحمام الدافيء أو الراحة أو تقنيات الإسترخاء .
في حال لم تنجح هذه الوسائل في تخفيف الألم ، تناول جرعة منخفضة من الأسبرين ( بالنسبة للبالغين فقط ) أو الاسيتامينوفين أو الابوبرفين .
كذلك من شأن التمارين الرياضية المعتدلة أن تساعد على الشعور بالتحسن
علاج الصداع المتكرر :
– تجنب محفزات الصداع قدر الإمكان ، ويحتاج الكثيرون إلى تغيير أسلوب معيشتهم على سبيل المثال
– احصل على قسط وافي من النوم المريح والتمرين
– استعمل الاسبرين ( للبالغين فقط ) أو الاسيتامينوفين أو الابوبرفين لتسكين الألم
– ضع مذكرة بحالة الصداع التي تعاني منها وضمنها العوامل التالية :-
أ- الحدة . هل الألم شديد أم مزعج فقط ؟
ب- التكرر والمدة . متى يبدأ الصداع ؟ أهو يبدأ تدريجيآ أم يصيب الرأس بسرعة ؟ هلى يطرأ الألم في وقت معين من النهار ؟ هل يرافق الدورات الشهرية أو الفصلية ؟ كم يدوم ؟ ما الذي يوقفه ؟
ت – الاعراض المقترنة به . هل يمكنك أن تتوقع قدوم الالم ؟ هل تشعر بالغثيان أو الدوار ؟ هل يشوب نظرك ألوانآ برّاقة أو بقعآ بيضاء ؟ هل تشعر بشهوة تجاه اطعمة معينة قبل بدء الصداع ؟
ث- الوضع . هل يضرب الألم عادة جهة واحدة من الرأس ؟ عضلات العنق ؟ محيط العين ؟
ج – محفزات الصداع , هل يمكنك ربط صداعك بأي نوع من الطعام أو النشاط أو المناخ أو الوقت أو العوامل البيئية ؟
ح – التاريخ العائلي . هل يعاني أشخاص آخرون في العائلة من صداع مشابه ؟
صداع المسكنات :
قد يبدو غريبآ ، لكن المسكنات قد تكون سببآ فعليآ للصداع . فقد دلّت الدراسات على أن الإستخدام المنتطم والطويل الأمد لمسكنات آلام الصداع يمكن أن يسبب ألمآ شبيهآ بصداع التوتر .
يميل من يعاني من هذا النوع من الصداع إلى إستخدام أنواع أقوى من المسكنات ، لكن ذلك لن يؤدي إلى تفاقم الحالة . ويمكن تجنب هذا النوع من الصداع بالإمتناع عن تناول المسكنات إلا عند اللزوم .
من ناحية ثانية ، إن كنت تعاني من صداع لا تزيله المسكنات البسيطة ينبغي عليك التشاور مع طبيبك للتحقق من السبب .
الصداع العنقودي ( الألم العصبي الشقيقي ) :
يسبب ألمآ ثابتآ ومزعجآ داخل العين وحولها ويطرأ بشكل متسلسل ويبدأ في الوقت نفسه من النهار أو الليل .
يسبب إماهة واحمرارآ في إحدى العينين وإحتقانآ في الأنف من الجهة نفسها .
يطرأ هذا الصداع أحيانآ بشكل منتظم ويرتبط بالضوء أو بالتغيرات الفصلية .
قد يساء تشخيصه على أنه عدوى في الجيوب أو مشكلة في الأسنان .
هذه الحالة الإستثنائية غير مفهومة تمامآ ، وفيها يستيقظ المعانون منها ، وغالبيتهم من الرجال في منتصف الليل على وقع ألم مبرح في إحدى العينين . وتدوم هذه الهجمة ما بين 15 إلى 30 دقيقة . ويتبع الصداع نمطآ معينآ بحيث يحدث مرة إلى أربع مرات كل يوم .
يكون هذا الالم شديد المقاومة للمسكنات وللعقاقير المضادة للشقيقة ، برغم أن الليثيوم ، وهو عقار يستخدم أيضآ في علاج بعض الإضطرابات النفسية ، يمكن أن يساعد في منع حدوث النوبات وقد يوقف إستنشاق الأكسجين النوبة . ويمكن أن يفاقم التدخين وشرب الكحول من خطر حدوث الصداع العنقودي .
الشقيقيه ( الصداع النصفي ) :
يمكن لهذا الشكل الحاد من الصداع أن يكون مرهقآ للغاية . ويعاني الملايين من الأشخاص في مختلف أرجاء العالم من الشقيقة كل عام .
تحدث النوبات الأولى للشقيقة قبل سن الثلاثين ، لكن الأطفال بعمر الثلاث سنوات قد يعانون أيضآ من هذه الحالة . ومن النادر أن يعاني المرء من أول نوبة للشقيقة بعد سن الأربعين ، وعادة يقل توترات النوبة وحدتها مع التقدم في السن .
انواع الشقيقة :
يصف الاطباء الشقيقة على أنها إما تقليدية أو شائعة :
– في الشقيقة التقليدية ، يؤثر الصداع في جانب واحد من الرأس ، ويتلقى معظم الناس إنذارآ قبل بدء الصداع يتمثل عادة في أضواء لامعة أو نجوم أو خطوط متكسرة . وتكون حوالي 20 % من حالات الشقيقه من النوع التقليدي
– في الشقيقة الشائعة ، يتمثل العرض الوحيد غالبآ على شكل صداع على جانب واحد من الرأس
يعاني عادة المصابون بالشقيقه أو ما يسمى بالصداع النصفي من أعراض أخرى ، مثل إضطراب الرؤية ، إضافة إلى الصداع .
ليس هنالك من سبب واضح للحالة ، لكن يرجح أن تكون ناجمة عن توسع بعض الأوعية الدموية في الدماغ . فقبيل ظهور الاعراض ، تضيق الشرايين الصغيرة في الدماغ ، ما يقلل من جريان الدم . ولأسباب غير واضحة تمامآ ، يبدأ الصداع وتتسع الشرايين الصغيرة مجددآ .
الاسباب المحتملة :
يبدو أن هنالك بعض الأسباب التي تسبب في حدوث نوبة الشقيقة عند بعض الأشخاص ، نذكر منها :
– التوتر ، الاجهاد
– بعض المواد الغذائية ، مثل الجبنة ، الشوكولاته والقهوة
– الخمر
– تفويت الوجبات
– حبوب منع الحمل
– الحيض
– الجماع
وهنالك نسبة عالية من المصابين بالشقيقة لهم أقارب يعانون منها أيضآ .
علامات و اعراض الشقيقة :
مع تنامي الإحساس بالصداع ، قد تظهر أيضآ بعض الأعراض التالية :
– القيء
– النفور من الضوء الساطع ( رهاب الضوء )
– سرعة الغضب
قد يسبق الشقيقة تغير في البصر أو وخز مؤلم في إحدى جبهتي الوجه أو الجسم أو إشتهاء نوع معين من الطعام .
بعد إنقضاء نوبة الشقيقة ، يشعر المصاب بالرغبة في النوم . ومن غير المعتاد أن تستمر نوبة الشقيقة لأكثر من 24 ساعة ، رغم أن بعض الاشخاص قد يعانون من نوبات راجعة بحيث يفصل بينها يوم أو نحو ذلك .
خيارات علاج الشقيقة ( الصداع النصفي ) :
تكمن الأدوية لمنع نوبات الشقيقة في تجنب أية عوامل تعجّل في حدوث النوبة .
قد يفيد تدوين الأطعمة التي تناولتها والعوامل الأخرى لكي تتمكن من تحديد السبب المحتمل للنوبة . وفي العديد من الحالات ، يكفي تغيير بسيط في النظام الغذائي لمنع معاودة النوبات
عند بداية الإحساس بصداع الشقيقة ، يمكن للمسكنات أو العقاقير المضادة للشقيقة التي تؤثر على الأوعية الدموية في الدماغ أن تساعد في تخفيف الألم . وقد ينصحك الطبيب بتناول أدوية مضادة للقيء لإخماد الغثيان و/أو التقيء ، أو قد يصف لك بعض العقاقير التي تقي من النوبات كعلاج طويل الأمد .
عناية ذاتية خاصة لداء الشقيقة :
– إبدأ العلاج فورآ بألم الشقيقة . إذ تمثل هذه الطريقة الفرصة الأفضل لإيقاف الآلام في وقت مبكر .
– استعمل الاسبرين ( للبالغين فقط ) أو الاسيتامينوفين أو الابوبرفين بالجرعات المناسبة لتسكين الألم
– يتمكن البعض من إيقاف نوبة الشقيقة بالنوم في غرفة مظلمة أو بإستهلاك الكافيين من القهوة أو الكولا