حينما يبدأ الجدال بين الرجل و تنفعل هي وتصرخ في وجهه بينما يجلس هو هادئا غير مبال بما يحدث حوله، ويتكرر هذا الموقف يوميا في مختلف العلاقات التي تجمع بين الجنسين.
ولا يمكن لهذا الانقسام في الادوار أن يتغير بين ليلة وضحاها ولكنه يمكن أن يساهم في أن ندرك أن كلا الموقفين يعبران عن عجز تام عن التصرف.
ففي داخل الرجل الهادئ ذو المظهر الخارجي القوي يكمن طفل صغير تتملكه الحيرة من سلوك شريكته ، بينما الغضب العارم للمرأة يخفي فتاة صغيرة ترغب في جذب الانتباه لها.
ويقول كيرت هالفيج أستاذ علم النفس في جامعة براونشفيج الالمانية إن الابحاث التجريبية تؤكد أن هناك عدد من الاختلافات بين الجنسين في التواصل، ولكن هذه الاختلافات ليست ضخمة كما يعتقد البعض فتنشئة الرجل في أي مكان في العالم تعتمد على تعليمه عدم إظهار أي مظاهر للضعف، مما يعني إن ذلك سيمنعه أحيانا من التعبير عن مشاكله ومناقشتها.
وفيما يختص بالتواصل فالرجل و يقفان على مفترق الطرق، فالحوار له وظائف تختلف لدى الجنسين من شخص لأخر طبقا للخلفية الثقافية حسبما يؤكد ديرك تزيمر أستاذ العلاج النفسي في جامعة تويبينجين.
فالنساء تفرغ طاقتها الانفعالية بالكلام ويسعين دائما للحصول على التأييد المعنوي والدعم، بينما يعمد الرجال للحوار لهدف محدد وليس لمجرد تفريغ شحنة انفعالية.
فحينما يقرر الرجل مناقشة مشكلة فهو لا يناقشها لمجرد إبداء رأيه فيها أو ينزل من صدره كاهلها فهو يناقشها للتوصل إلى حل نهائي لها.
ويوضح تزيمر أن التعبير عن المشاعر هو أمر تبرع فيه النساء وما زلن يتفوقن فيه، فهن أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم من خلال الكلمات أكثر مما يستطيع الرجال ولكن هذا لا يعني إن الرجل لا يتمتع بالمشاعر أو يعجز عن التعبير عنها.
ويضيف تزيمر انه إذا شاهدت مباراة لكرة القدم مثلا فانك سترى أن الرجال لاعبين وجمهور يعبرون عن مشاعرهم باندفاع شديد دون سابق إنذار، ولكن النساء أكثر قدرة على صياغة المشاعر في كلمات ولذلك فعلى الرجال التعلم من النساء كيف يعبرون بالكلمات عن مشاعرهم ليتمكنوا من بناء علاقات صحية.
إن ميل الرجل للصمت له أهميته في مجال العمل مثلا، فالتعبير عن المشاعر أمر غير مناسب في مجال العمل.
ولكن المشكلة تكمن في أن الرجل يستمر في انتهاج هذه السياسة حتى بعد عودته للمنزل فيقضي بقية يومه جالسا أمام شاشة التلفزيون في هدوء. ويقول هالفيج إن الرجل يجد صعوبة في الفصل بين حياته الخاصة وعمله
ويرى تزيمر أن هذا الصمت ما هو إلا تعبير عن "الحاجة". فيجب على أن تدرك أن هذا الصمت يمثل عجزا لا يمكن تغييره بين يوم وليلة، فقط يمكن تغييره ببطء شديد وتفهم كامل لمساعدة الزوج على تعلم أبجديات الحوار من جديد ليتمكن من الحديث عن الامور التي تهمه.
وتقول آنا شوه وهي معالجة نفسية في ميونيخ إن النساء يملن إلى لعب دور الام في أي علاقة، وبدلا من أن يتقبلن شريكهن يهدفهن إلى تغييره بالكامل وتربيته من جديد، وتضيف أن النساء اللائي يقمن بهذا الدور يفشلن في إدراك أن "دورهن التعليمي" سيكون له تبعات قاتلة على علاقتهن بأزواجهن. وتتابع أن الرجل لا يحب أن توجهه زوجته أو تملي عليه أفعاله.
وإذا شعر الرجل بأنه في مأزق أو يتعرض للهجوم سينسحب تماما كالاطفال الصغار الذين يبتعدون في غضب حينما توبخهم أمهاتهم كما تؤكد آنا، وحينما تستخدم الدموع أو تشتكي بصوت مرتفع للتعبير عن مشاعرها لا يجب أن تتوقع الكثير من الرجل مثل أن يحاول أن يفهمها مثلا، فحينما تبكي يشعر الرجل انه يتعرض لهجوم شخصي ويؤدي ذلك غالبا إلى الانسحاب والصمت
والحل الوحيد لانهاء "تلك اللعبة غير الهادفة" من الهجوم والهجوم المضاد هو الحوار من القلب والانفتاح على الاخر، وعلى انتظار الوقت المناسب ثم التحدث ببساطة ومناقشة الأمور، وتجنب الإجابات المحيرة غير الواضحة أو الأعذار والتلميحات، فالرجال يميلون لفهم الامور حرفيا لذلك فمن المهم أن توضح لزوجها بصراحة ووضوح ما ترغب فيه وما تتوقعه منه على أمل الحصول على ما ترغب