التصنيفات
منتدى اسلامي

العبادة انقياد لمنهج الله وشرعه

العبادة انقياد لمنهج الله وشرعه:
إن مقتضى عبادة الإنسان لله وحده: أن يخضع أموره كلها لما يحبه تعالى ويرضاه، من الاعتقادات والأقوال والأعمال، وأن يكيف حياته وسلوكه وفقا لهداية الله وشرعه. فإذا أمره الله تعالى أو نهاه، أو أحل له أو حرم عليه كان موقفه في ذلك كله: (سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير).
فرق ما بين المؤمن وغيره: أن المؤمن خرج من العبودية لنفسه وللمخلوقين إلى العبودية لربه. خرج من طاعة هواه إلى طاعة الله. ليس المؤمن "سائبا" يفعل ما تهوى نفسه أو يهوى له غيره من الخلق. إنما هو "ملتزم" بعهد يجب أن يفي به، وميثاق يجب أن يحترمه، ومنهج يجب أن يتبعه. وهذا التزام منطقي ناشئ من طبيعة عقد الإيمان ومقتضاه.
مقتضى عقد الإيمان: أن يسلم زمام حياته إلى الله، ليقودها رسولهالصادق، ويهديه الوحي المعصوم.
مقتضى عقد الإيمان: أن يقول الرب: أمرت ونهيت. ويقول العبد: سمعت وأطعت .
مقتضى عقد الإيمان: أن يخرج الإنسان من الخضوع لهواه إلى الخضوع لشرع مولاه.
وفي هذا يقول القرآن الكريم: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا). ويقول: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون).
ليس بعابد لله إذن من قال: أصلي وأصوم وأحج، ولكني حر في أكل لحم الخنزير، أو شرب الخمر، أو أكل الربا، أو رفض ما لا يروقني من أحكام الشريعة، فأحكم فيه بغير ما أنزل الله: ليس بعابد لله من أدى الشعائر، ولكنه لم يخضع لآداب الإسلام وتقاليده في نفسه أو أهله، كالرجل الذي يلبس الحرير الخالص ويتحلى بالذهب، ويتشبه بالنساء، والمرأة التي تلبس ما يبرز مفاتنها، ولا يغطي جسدها، ولا تضرب بخمارها على جيبها. ليس بعابد لله من ظن أن عبوديته لله لا تعدو جدران المسجد،فإن انطلق في ميادين الحياة المتشعبة، فهو عبد نفسه فقط، وبعبارة أخرى:
هو حر في اتباع هواها، أو اتباع أهواء عبيد أنفسهم من المخلوقين!




التصنيفات
منوعات

ما الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة ؟

ما الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة ؟

الحمد لله
تستعمل كلمة "الدعاء" للدلالة على معنيين اثنين :
1- دعاء المسألة ، وهو طلب ما ينفع ، أو طلب دفع ما يضر ، بأن يسأل الله تعالى ما ينفعه في الدنيا والآخرة ، ودفع ما يضره في الدنيا والآخرة .
كالدعاء بالمغفرة والرحمة ، والهداية والتوفيق ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار، وأن يؤتيه الله حسنة في الدنيا ، وحسنة في الآخرة … إلخ .
2- دعاء العبادة ، والمراد به أن يكون الإنسان عابداً لله تعالى ، بأي نوع من أنواع العبادات ، القلبية أو البدنية أو المالية ، كالخوف من الله ومحبة رجائه والتوكل عليه ، والصلاة والصيام والحج ، وقراءة القرآن والتسبيح والذكر ، والزكاة والصدقة والجهاد في سبيل الله ، والدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ….. إلخ .
فكل قائم بشيء من هذه العبادات فهو داعٍ لله تعالى .
انظر : "القول المفيد" (1/264) ، "تصحيح الدعاء" (ص 15- 21) .
والغالب أن كلمة (الدعاء) الواردة في آيات القرآن الكريم يراد بها المعنيان معاً ؛ لأنهما متلازمان ، فكل سائل يسأل الله بلسانه فهو عابد له ، فإن الدعاء عبادة ، وكل عابد يصلي لله أو يصوم أو يحج فهو يفعل ذلك يرد من الله تعالى الثواب والفوز بالجنة والنجاة من العقاب .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
"كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء ، والنهي عن دعاء غير الله ، والثناء على الداعين ، يتناول دعاء المسألة ، ودعاء العبادة" انتهى .
"القواعد الحسان" (رقم/51) .
وقد يكون أحد نوعي الدعاء أظهر قصدا من النوع الآخر في بعض الآيات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – في قول الله عزّ وجلّ : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف/55-56- :
" هاتان الآيتان مشتملتان على آداب نوعَيِ الدُّعاء : دعاء العبادة ، ودعاء المسألة :
فإنّ الدُّعاء في القرآن يراد به هذا تارةً وهذا تارةً ، ويراد به مجموعهما ؛ وهما متلازمان ؛ فإنّ دعاء المسألة : هو طلب ما ينفع الدّاعي ، وطلب كشف ما يضره ودفعِه ،… فهو يدعو للنفع والضرِّ دعاءَ المسألة ، ويدعو خوفاً ورجاءً دعاءَ العبادة ؛ فعُلم أنَّ النَّوعين متلازمان ؛ فكل دعاءِ عبادةٍ مستلزمٌ لدعاءِ المسألة ، وكل دعاءِ مسألةٍ متضمنٌ لدعاءِ العبادة .
وعلى هذا فقوله : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ) يتناول نوعي الدُّعاء … وبكل منهما فُسِّرت الآية . قيل : أُعطيه إذا سألني ، وقيل : أُثيبه إذا عبدني ، والقولان متلازمان .
وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما ، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ؛ بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعاً .
فتأمَّله ؛ فإنّه موضوعٌ عظيمُ النّفع ، وقلَّ ما يُفطن له ، وأكثر آيات القرآن دالَّةٌ على معنيين فصاعداً ، فهي من هذا القبيل .
ومن ذلك قوله تعالى : (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ) الفرقان/77 أي : دعاؤكم إياه ، وقيل : دعاؤه إياكم إلى عبادته ، فيكون المصدر مضافاً إلى المفعول ، ومحل الأول مضافاً إلى الفاعل ، وهو الأرجح من القولين .
وعلى هذا ؛ فالمراد به نوعا الدُّعاء ؛ وهو في دعاء العبادة أَظهر ؛ أَي : ما يعبأُ بكم لولا أَنّكم تَرْجُونَه ، وعبادته تستلزم مسأَلَته ؛ فالنّوعان داخلان فيه .
ومن ذلك قوله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر/60 ، فالدُّعاء يتضمن النّوعين ، وهو في دعاء العبادة أظهر ؛ ولهذا أعقبه (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) الآية ، ويفسَّر الدُّعاء في الآية بهذا وهذا .
وروى الترمذي عن النّعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول على المنبر : إنَّ الدُّعاء هو العبادة ، ثمّ قرأ قوله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) الآية ، قال الترمذي : حديث حسنٌ صحيحٌ .
وأمَّا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) الآية ، الحج/73 ، وقوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا) الآية ، النّساء/117 ، وقوله : (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ) الآية ، فصلت/48 ، وكل موضعٍ ذكر فيه دعاءُ المشركين لأوثانهم ، فالمراد به دعاءُ العبادة المتضمن دعاءَ المسألة ، فهو في دعاء العبادة أظهر …
وقوله تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ) غافر/65 ، هو دعاء العبادة ، والمعنى : اعبدوه وحده وأخلصوا عبادته لا تعبدوا معه غيره .
وأمَّا قول إبراهيم عليه السّلام : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاء) إبراهيم/39 ، فالمراد بالسّمع ههنا ااء الطّلب ، وسَمْعُ الربِّ تعالى له إثابته على الثناء ، وإجابته للطلب ؛ فهو سميعُ هذا وهذا .
وأمَّا قولُ زكريا عليه السّلام : ( ولم أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) مريم/4 ، فقد قيل : إنَّه دعاءُ لسّمع الخاص ، وهو سمعُ الإجابة والقبول ، لا السّمع العام ؛ لأنَّه سميعٌ لكل مسموعٍ ، وإذا كان كذلك ؛ فالدُّعاء : دعاء العبادة ودعالمسألة ، والمعنى : أنَّك عودتَّني إجابتَك ، ولم تشقني بالرد والحرمان ، فهو توسلٌ إليه سبحانه وتعالى بما سلف من إجابته وإحسانه ، وهذا ظاهرٌ ههنا .
وأمَّا قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ) الآية ، الإسراء/110 ؛ فهذا الدُّعاء : المشهور أنَّه دعاءُ المسألة ، وهو سببُ النّزول ، قالوا : كان النّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدعو ربه فيقول مرَّةً : يا الله . ومرَّةً : يا رحمن . فظنَّ المشركون أنَّه يدعو إلهين ، فأنزل اللهُ هذه الآيةَ .
وأمَّا قوله : ( إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ) الطّور/28 ، فهذا دعاءُ العبادة المتضمن للسؤال رغبةً ورهبةً ، والمعنى: إنَّا كنَّا نخلص له العبادة ؛ وبهذا استحقُّوا أنْ وقاهم الله عذابَ السّموم ، لا بمجرد السّؤال المشترك بين النّاجي وغيره : فإنّه سبحانه يسأله من في السّموات والأرض ، (لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا) الكهف/14 ، أي : لن نعبد غيره ، وكذا قوله : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) الآية ، الصّافات/125 .
وأمَّا قوله : (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ) القصص/64 ، فهذا دعاءُ المسألة ، يبكتهم الله ويخزيهم يوم القيامة بآرائهم ؛ أنَّ شركاءَهم لا يستجيبون لهم دعوتَهم ، وليس المراد : اعبدوهم ، وهو نظير قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقولُ نَادُوا شُرَكائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فلمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) الكهف/52 " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن تيمية" (15/10-14) باختصار . وانظر أمثلة أخرى في "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/513-527) .
والله أعلم .




روعه



التصنيفات
منتدى اسلامي

عارفين ليه ثواب العبادة في شهر شعبان كبير أوي؟

خليجية


تعرفوا إن ثواب العبادة في شهر شعبان كبير أوي؟
عارفين ليه؟؟؟

أصل الشهر ده الناس بتغفل عنه
الناس بتعظم أوي شهر رجب لدرجة إن منهم من يقع في مخالفات فيه من كثرة تعظيمه
و الناس برده بتعظم أوي شهر رمضان و كلنا عارفين رمضان ,اللهم بلغنا رمضان
لكن يجوا عند شعبان و يغفلوا عنه في وسط الشهرين دول

طب ماعرفناش برده ليه الثواب كبير!!
صبركم عليا 🙂

الرسول عليه الصلاة و السلام قال:
(عبادة في الهرج كهجرة إليّ)

فانت بعبادتك في شهر شعبان بتعمر أوقات غفلة الناس بالطاعة

دا غير إن الأمر بيكون شاق عليك لواحدك في وسط الناس بتعمل طاعة ,,مش زي رمضان كلنا بنعبد ربنا مع بعض فبتكون العبادة سهلة علينا
و على قدر المشقة يكون الأجر

دا غير ماحدش عارف بعبادتك فانت كده بتعمل عمل سر ماحدش واخد باله منه فيبقى [COLOR="DarkRed"]أقرب للإخلاص[/COLR]
عرفتوا ليه بأى الثواب كبير
^__^

و ما ننساش يا جماعة إن أعمالنا هاترفع في الشهر ده و دا شيء فعلاً يرعب و يخوف
يا ترى أعمالنا ماذا سيرى الله عز و جل فيها؟
يا ترى هاترضيه؟

عشان كده لازم نسرع بالتوبة النصوح
و بعدين انت مش عايز تفرح ربنا بيك؟
(الله يفرح بتوبة عبده)
و ربنا لما يفرح بيك يفرحك و يفرح قلبك
يسعدك و يسعد قلبك
لسة فيه فرصة

ولازم نكثر من الطاعات
و خاصة الصيام اقتداءاً بالنبي صلى الله عليه و سلم

ربنا يرزقنا و إياكم العمل الصالح و يتقبل منا و منكم
آمين

خليجية




بارك الله فيك

اللهم بلغنا واياكم رمضان




اللهم اجعلنا منهم يارب

وهذه الرساله مميزه
وفقك اللهه لما يحبه ويرضاه




جزاك الله خير ..




خليجية

خليجية




التصنيفات
منوعات

بالعبادة والضحك تخلصى من الضغوط النفسيه

خليجيةالقاهرة: برغم التقدم الهائل في أساليب الترفيه إلا أن في المجتمع الشرقي لا تزال تعاني كثرة الضغوط الحياتية، ولذا تقدم لك الدكتورة عزيزة السيد أستاذ علم النفس بكلية البنات جامعة عين شمس سبع نصائح لتسعدي بحياتك بعيدا عن الضغوط‏:‏

‏*‏ الاستغراق في العبادة لأن الارتقاء بالنفس يساعد علي صفاء الذهن والإحساس بالرضا.

‏*‏ شجعي نفسك علي الاتصال بالآخرين‏.‏ واجعليهم يشاركونك لحظات السرور والسعادة‏..‏ فذلك يؤدي إلي الإحساس بالرضا والامتنان‏، حسبما أوردت صحيفة "الأهرام" المصرية.

‏*‏ حددي للضحك مساحة في حياتك للتخفي من التوترات والضغوط ولتحقيق التوازن النفسي‏,‏ وتحمل الآلام الجسمية‏.‏ ويتحقق ذلك من خلال الإقبال علي مشاهدة الأفلام الكوميدية أو الوجود مع الأطفال أو الخروج في نزهات خلوية‏.‏

‏*‏ خصصي وقتا لنفسك حتى ولو نصف ساعة في اليوم تقضيها في تأمل أهدافك لكي تحددي منها ما يستحق أن تكمليه وما لا يستحق أو تمارسي هواية تحبينها أو تتحدثي مع صديقة أو تستمعي إلي موسيقي‏.‏

‏*‏ اختاري الحظة المناسبة لتواجهي نفسك بالحقائق لتساعدك علي كشف ما تخفينه عن نفسك وعن الآخرين‏.‏

‏*‏ لا تخشي المخاطرة وتعلمي أن تخاطري وتقدمي في اتجاه الهدف الذي تحددينه لنفسك فالمخاطرة أمر يحفز المهمة ويجعل للأشياء لها مذاقا خاصا‏.‏

‏*‏ تعلمي أن تعطي نفسك مكافأة عن كل عمل تنجزيه بصورة جيدة أو عن مخاطرة نجحت في تخطيها‏،‏ فلا تتواني عن مكافأة نفسك‏.‏

من جانبه يوضح الدكتور إبراهيم عيد أستاذ الصحة النفسية‏ بجامعة عين شمس إن البعض يندمج في العمل لدرجة كبيرة بحيث لا يكون هناك وقت للترفيه رغم أنه ضروري لسلامة الصحة العقلية والجسمية‏,‏ وإذا كان هذا الوضع ينطبق عليك وتجدي صعوبة في الاسترخاء فقد يساعدك البدء في تطبيق نظام معين للترفيه، وحددي لنفسك ساعات تزاولين فيها أنشطة خاصة وابحثي لك عن هواية تستطيعين أن تمارسيها باستمتاع‏..‏ وإذا استطعت أن تفعلي ذلك فستجدي انك قد رجعت إلي تحمل مسئولياتك بحماس متجدد ونشاط‏.‏




التصنيفات
منوعات

أفضل العبادة انتظار الفرج

قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الشرح/ 5-6).
ولن يغلب عُسر يُسرين.

قال ابن رجب: ومن لطائف اقتران الفرج بالكر
ب، واليسر بالعسر، أنّ الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى، وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين، تعلّق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكُّل على الله، وهو من أكبر الأسباب التي تطلب بها الحوائج، فإن الله يكفى من توكُّل عليه، كما قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق/ 3).

قال الفضيل: والله لن يئست من الخلق حتى لا تريد منهم شيئاً لأعطاك مولاك كلّ ما تريد.

وقال وهب بن منبه: تَعبَّد رجلٌ زماناً، ثمّ بدت له إلى الله حاجة، فصام سبعين سبتاً، يأكل في كل سبتٍ إحدى عشرة تمرة، ثمّ سأل الله حاجته فلم يُعْطَها، فرجع إلى نفسه فقال: منكِ أُتيت، لو كان فيكِ خير أُعطيتِ حاجتك، فنزل إليه عند ذلك ملك فقال له: يا إبن آدم ساعتك هذه خير عبادتك التي مضت، وقد قضى الله حاجتك.

-عسى ما ترى ألا يدوم وإن ترى **** له فرجاً مما ألحَّ الدهرُ
-عسى فرج يأتى به الله إنه **** له كل يومٍ في خليقته أمرُ
-إذا لاح عُسر فارتج اليسر إنه **** قضى الله إنّ العسر يتبعه اليسرُ
يا إنسان بعد الجوع شِبع، وبعد الظمأ رى، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب، ويهتدى الضال، ويفُك العانى، وينقشع الظلام (فَعَسَى اللهُ أَن يَأتِي بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ) (المائدة/ 52).

بشِّر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال، ومسارب الأودية، بشِّر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء، ولمح البصر، بشِّر المنكوب بلطف خفى وكفٍّ حانية وادعة.
إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد، فاعلم أن وراءها رياضاً خضراء وارفة الظلال.إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد، فا

علم أنّه سوف ينقطع.

مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمنٌ، ومع الفزع سكينة، النار لا تحرق إبراهيم التوحيد، لأن الرعاية الربّانية فتحت نافذة (بَرْداً وَسَلاماً) (الأنبياء/ 69).

البحر لا يُغرق كليم الرحمن، لأن الصوت القوى الصادق نطق بـ(كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء/ 62).

المعصوم في الغار بشَّر صاحبه بأنّه وحده معنا فنزل الأمن والفتح والسكينة.إنّ عبيد ساعاتهم الراهنة وأرقّاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسة، لأنّهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب. ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار.

إذاً فلا تضق ذرعاً فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج، الأيام دول، والدهر قُلَّب، والليالي حُبالى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً، وإن مع العُسر يُسراً.




جزاكي الله خير
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته , ولا هما إلا فرجته , ولا دينا إلا قضيته , ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضا ولنا فيها فائدة إلا أتيت على قضائها في يسر منك وعافية .



جزاك الله خير وجعله في موازين حسناتك



خليجية



خليجية



التصنيفات
الاستشارات الخاصة و استشارات الصحة و الطب

نصائح للتغذية في رمضان لتقوية على العبادة

لامتناع عن الأكل خلال اليوم، يقلل النشاط و يضعف التركيز و قد يؤدي إلى خلل في النظر في أواخر الساعات من الصيام. لذلك لا بد من الإهتمام بالتغذية لتجنب العطش الشديد برمضان ولتغذية صحية بعيدا عن أوجاع المعدة للتقوية على العبادة
النصائح..
* إجعل لك صديقان في رمضان هما التمر واللبن .

* ابتعد على التكثير من الأملاح في الأطعمة ,
وذلك مثل ينصح بالتقليل من السمك لاحتوائه على كمية كبيرة من الأملاح،
والإبتعاد عن المخللات .

*يجب أن نقلل من المقليات قدر المستطاع، لأنها تزيد من الشعور بالعطش،
لكمية الدسم الموجودة فيها, فتعطي التخمة و نلجئ لشرب الماء بشكل مستمر.

*يفضل استعمال الليمون مع السلطة لتسهيل عملية الهضم.

* ننصحك بإدخال الخضار في وجباتك كحساء،
أو صحن السلطة متنوع ذات ألوان باهية.
كما أن لها ألياف صحية طازجة تعطي الإحساس بالشبع.
وجب أن تكون في الإفطار بينه و في السحور خاصة.

* ننصحك بأن يكون مثال على السحور:
بروتين خفيف دون دسم، مع نشويات مهمة لاحتوائها على السكريات ذات امتصاص بطيئ.
و فواكه وخضار.قليلة لكن موجودة.

*يجب الابتعاد عن المشروبات الغازية لأنها تعطي الإحساس بالشبع و تزيد
من حجم أو انتفاخ البطن، كما أنها لاتلبي حاجة الجسم لتروي من العطش.

* الاهتمام بتناول الفواكه وهي تأتي بالمرتبة الثانية بعد الماء بالأهمية.

* نجعل الماء بعد الافطار رفيقنا في السهرة،بحيث نشرب كميات صغيرة من حين لآخر
حتى نسترجع ما فقده الجسم في يومه.ممكن نعوض الماء بالمشروبات الصحية الأخرى،
مثل العصير المحضر في البيت يكون من الفواكه أو الخضار الطازجة وبدون سكر أو مواد كيميائية.

* لا ينصح بشرب الماء في بداية أو وسط الإفطار،حتى لا نملئ المعدة فقط بالماء،
و نترك المكان للأغذية الأخرى و المهمة إلا إذا كان هناك عطش كبير،فممكن نصف كأس لا يزيد عليه.




يسلمووووووووووو



التصنيفات
منتدى اسلامي

الاحكام الخمسه لقبول العبادة


خليجية
يجب على كل مسلم مكلف أن يتعلم من الفقه
كل ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته ليعبد الله
عن علم لاخذ الثواب وليكون على بصيرة من أمره
وليفهم كيف يصلي؟ وكيف يزكي وكيف يصوم
وكيف يحج وكيف يبيع وكيف يشتري؟

خليجية

والأحكام الشرعية خمسة:
1- الواجب يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج والبر الوالدين
وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والصدق
في الحديث وأداء الأمانة ونحو ذلك.

2- الحرام ضده يثاب تاركه ويعاقب فاعله مثل الزنا
والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقطيعة
الأرحام والمعاملة بالربا وحلق اللحى وشرب الدخان
وتصوير ذوات الأرواح من الأدميين والبهائم ونحو ذلك.

3- المسنون ومثله المستحب والمندوب
يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه مثل نوافل الصلاة
والصدقة والصوم والحج والذكر والدعاء والاستغفار.

4- المكروه ضد يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله
مثل تقديم اليسار عند دخول المسجد واليمين
عند دخول الحمام وفرقعة الأصابع في الصلاة وتشبيكها.

5- المباح فعله وتركه سواء مثل فضول الأكل
والشرب والنوم والمشي.

خليجية

وينقسم الواجب إلى :::
فرض عين يطلب حصوله من كل مسلم
بالغ عاقل مثل أصول الإيمان الستة
وأركان الإسلام الخمسة، ومعرفه العلم الشرعي

وإلى فرض كفاية يطلب حصوله من عموم المسلمين
إذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين كتعلم العلوم
والصناعات النافعة والجهاد والأذان والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر.
وكل ما فيه مصلحة خالصة أو راجحة أمر به الإسلام
وكل ما فيه مفسدة خالصة أو راجحة نهى عنه.




التصنيفات
منتدى اسلامي

"الدعاء" أعظم أنواع العبادة

الحمد لله رب العالمين، أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، توعد المجرمين بالعقاب، ووعد المتقين بالإثابة. وبعد:

فإن الدعاء أعظم أنواع العبادة، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي قال: « الدعاء هو العبادة » ثم قرأ: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر:60] [رواه أبو داود والترمذي. قال حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم]. وقد أمر الله بدعائه في آيات كثيرة، ووعد بالإجابة، أثنى على أنبيائه ورسله فقال: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [الأنبياء:90]. وأخبر سبحانه أنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فقال سبحانه لنبيه : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].

وأمر سبحانه بدعائه والتضرع إليه، لا سيما عند الشدائد والكربات. وأخبر أنه لا يجيب المضطر ولا يكشف الضر إلا هو. فقال: { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } [النمل:62].

وذم اللذين يعرضون عن دعائه عند نزول المصائب، وحدوث البأساء والضراء فقال: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } [الأعراف:94]. وقال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الأنعام:43،42]. وهذا من رحمته وكرمه سبحانه فهو مع غناه عن خلقه يأمرهم بدعائه، لأنهم هم المحتاجون إليه قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [فاطر:15]. وقال تعالى: { وَاللّهُ الغَنِيُ وَأنتُمُ الفُقَرَآءُ } [محمد:38].

وفي الحديث القدسي: { يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي، كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي، إنكم تخطئون باليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم } [رواه مسلم].

فادعوا الله عباد الله، وأعلموا أن لاستجابة الدعاء شروطاً لابد من توافرها. فقد وعد الله سبحانه أن يستجيب لمن دعاه. والله لا يخلف وعده، ولكن تكون موانع القبول من القبول من قبل العبد.

فمن موانع إجابة الدعاء: أن يكون العبد مضيعاً لفرائض الله، مرتكباً لمحارمة ومعاصيه

فهذا قد ابتعد عن الله وقطع الصلة بينه وبين ربه، فهو حري إذا وقع في شدة ودعاه أن لا يستجيب له.

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « تعرّف على الله في الرخاء، يعرفك في الشدة » يعني أن العبد إذا اتقى الله، وحفظ حدوده، وراعى حقوقه في حال رخائه فقد تعرّف بذلك إلى الله وصار بينه وبين ربه معرفة خاصة. فيعرفه ربه في الشدة، بمعنى أنه يفرجها له في الشدة، ويراعي له تعرّفه إليه في الرخاء فينجيه من الشدائد. وفي الحديث: « وما تقرب إليّ عبدي يشيء أحب إليّ مما افترضته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه. فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه » [رواه البخاري].

فمن عامل الله بالتقوى والطاعة في حال رخائه عامله الله باللطف والإعانه في حال شدته. كما قال تعالى عن نبيه يونس عليه الصلاة والسلام لما التقمه الحوت: { فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الصافات:144،143] أي لصار له بطن الحوت قبراً إلى يوم القيامة.

قال بعض السلف: ( إذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، إن يونس عليه الصلاة والسلام كان يذكر الله، فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى: { فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الصافات:144،143]، وإن فرعون كان طاغياً لذكر الله: { إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ } [يونس:90] فقال الله تعالى: { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [يونس:91] ).

ومن أعظم موانع الدعاء: أكل الحرام

فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : « الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام. فأنى يُستجاب لذلك » [رواه مسلم]. فقد أشار النبي إلى أن التمتع بالحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذية أعظم مانع من قبول الدعاء وفي الحديث: « أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة » .

وقد ذكر عبدالله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه قال: ( أصاب بني إسرائيل بلاء فخرجوا مخرجاً، فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إلى أكفاً قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام. الآن حين اشتد غضبي عليكم لن تزدادوا مني إلا بعداً ).

فتنبهوا لأنفسكم أيها الناس، وانظروا في مكاسبكم ومأكلكم ومشربكم وما تغذون به أجسامكم، ليستجيب الله دعاءكم وتضرعكم.

ومن موانع قبول الدعاء: عدم الإخلاص فيه لله

لأن الله تعالى يقول: { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [غافر:14] وقال تعالى: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً } [الجن:18]. فالذين يدعون معه غيره من الأصنام وأصحاب القبور والأضرحة والأولياء والصالحين كما يفعل عباد القبور اليوم من الإستغاثة بالأموات، هؤلاء لا يستجيب الله دعاءهم إذا دعوه لأنهم لم يخلصوا له. وكذلك الذين يتوسلون في دعائهم بالموتى فيقولون: ( نسألك بِفلان أو بجاهه ) هؤلاء لا يستجاب لهم دعاء عند الله لأن دعاءهم مبتدع غير مشروع، فالله لم يشرع لنا أن ندعو بواسطة أحد ولا بجاهه، وإنما أمرنا أن ندعوه مباشرة من غير واسطة أحد. قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [البقرة:186]، وقال تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر:60]، وإن استجيب لهؤلاء فهو من الاستدراج والابتلاء. فاحذروا من الأدعية الشركية والأدعية المبتدعة التي تروج اليوم.

ومن موانع قبول الدعاء، أن يدعوا الإنسان وقلبة غافل

فقد روى الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه » .

ومن موانع قبول الدعاء: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم » [رواه الترمذي].

وقال الإمام إبن القيم: ( الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب. ولكن قد يتخلف عنه أثره إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جداً. فإن السهم يخرج منه خروجاً ضعيفاً. وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والسهو واللهو وغلبتها عليها ). وقال: ( الدعاء من أنفع الأدوية. وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه. ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل وهو سلاح المؤمن. كما روى الحاكم في مستدركه من حديث على بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض » وروى الحاكم أيضاً من حديث إبن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء » ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : « إن الله يحب الملحين في الدعاء » ).

فالدعاء هو أعظم أنواع العبادة، لأنه يدل على التواضع لله، والإفتقار إلى الله، ولين القلب والرغبة فيما عنده، والخوف منه تعالى، والإعتراف بالعجز والحاجة إلى الله. وترك الدعاء يدلك على الكبر وقسوة القلب والإعراض عن الله وهو سبب لدخول النار. قال تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر:60] كما أن دعاء الله سبب لدخول الجنة. قال تعالى: { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ . قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ . فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ . إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } [الطور:25-28] يخبر سبحانه عن أهل الجنه أنهم يسألون بعضهم بعضاً عن أحوال الدنيا وأعمالهم فيها، وعن السبب الذي أوصلهم إلى ما هم فيه من الكرامه والسرور أنهم كانوا في دار الدنيا خائفين من ربهم ومن عذابه، فتركوا الذنوب، وعملوا الصالحات وأن الله سبحانه منّ عليهم بالهداية والتوفيق. ووقاهم عذاب الحريق. فضلاً منه وإحساناً، لأنهم كانوا في الدنيا يدعونه أن يقيهم عذاب السموم، ويوصلهم إلى دار النعيم.

فادعوا الله أيها المسلمون، وأكثروا من دعائه مخلصين له الدين.

قال تعالى: { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ } [الأعراف:56-55].




خليجية



خليجية



التصنيفات
منتدى اسلامي

الشتاء بستان الطاعة وميدان العبادة

الشتاء بستان الطاعة وميدان العبادة

خليجية

الحمد لله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، مكور الليل على النهار تبصرة لأولي القلوب والأبصار أحمده سبحانه {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن:17].

قال مجاهد {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} لِلشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ {ورَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} مَغْرِبُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ .

والله سبحانه رب الدهر كله وحديثني سيكون عن الشتاء والكلام عن الشتاء يطول والحديث فيه ذو شجون، فإذا أقبل الشتاء فحيا هلاً بـغنيمة العابدين وربيع المؤمنين

ألم تعلموا أنّ الصوم في الشتاء غنيمة باردة

فقد روى الترمذي في سننه عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : ألا أدلكم على الغنيمة الباردة ، قالوا : بلى، فيقول : الصيام في الشتاء [وصححه الألباني رحمه الله]

ومعنى الغنيمة الباردة: أي السهلة ولأن حرارة العطش لا تنال الصائم فيه .

قال ابن رجب رحمه الله: "قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف".

وثبت عن عمر رضي الله عنه أنّه قال: "الشتاء غنيمة العابدين". رواه أبو نعيم بإسناد صحيح

وجاء في حديث حسن لغيره : "الشتاء ربيع المؤمن: طال ليله فقامه، و قصر نهاره فصامه".

قال ابن رجب: "إنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنّه يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات ويُنْزِّه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه".

وقد أكد السلف على ذلك وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكانوا يعتنون بالشتاء ويرحبون بقدومه ويفرحون بذلك ويحثون الناس على اغتنامه .

فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام".

ولله در الحسن البصري من قائل: "نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه".

وعن الحسن أيضاً أنّه قال: "الشتاء ذَكْر وفيه اللقاح والصيف أنثى وفيه النتاج".

وعن عبيد بن عمير- رحمه الله – : أنه كان إذا جاء الشتاء قال: "يا أهل القرآن! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا".

فإذا لم نصم صيام داود "وهو أن نصوم يوماً ونفطر يوماً" أفلا نصوم الاثنين والخميس، وإذا كان ذلك صعبا علينا في هذا الزمان أفلا نصوم الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري، بل إن «من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله» سواء كان من أول الشهر أو وسطه أو آخره .

فرصة ذهبية للمُتَنفْْل الذي يبتغي الأجر من الله رب العالمين وغنيمة باردة له ولمن عليه قضاء من أهل الأعذار أو من عليه كفارات هؤلاء يغتنموا جميعاً هذه الغنيمة الباردة

ومن الأجور العظيمة التي ثبت لفاعلها الثواب الجزيل في الشتاء الوضوء على المكاره:

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟». قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ» [رواه مسلم].

وهكذا دلنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هذا الأجر العظيم المتثمل في مَحْو الْخَطَايَا وغُفْرَانهَا وَرَفْع الدَّرَجَات بإِعْلَاء الْمَنَازِل فِي الْجَنَّة.

فمن الأعمال التي جاء ذكرها في الحديث َإِسْبَاغ الْوُضُوء عَلَى الْمَكَارِهِ يعني إِتْمَامُهُ وَإِكْمَالُهُ بِاسْتِيعَابِ الأعضاء بِالْغُسْلِ وَتَطْوِيلِ الْغُرَّةِ وَتَكْرَارِ الْغُسْلِ ثَلَاثًا وتطبيق السنن الوادرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَكَارِه تَكُون فِي مُدَّةِ الْبَرْدِ أوعند ِشِدَّةِ الْبَرْد وَأَلَمِ الْجِسْم وَنَحْو ذَلِكَ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا الْمَكَارِهَ لِمَشَقَّتِهَا عَلَى الْعَامِلِ وَصُعُوبَتِهَا عَلَيْهِ ولذلك أُمِرَ الْمُكَلَّفُ بِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ وأنت ترى أن مما يكرهه الشخص وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أن يَتوَضَّأُ مَعَ بَرْدٍ شَدِيدٍ وَعِلَلٍ يَتَأَذَّى مَعَهَا بِمَسِّ الْمَاءِ.

فمن علم ذلك هانت عليه مشقة القيام من النوم للوضوء والقيام بين يدي الرب جل في علاه وترك لذة الفراش الدافىء إلى لذة الصلاة ومناجاة العليم الخبير بل صارت المشقة والألم الحاصل في الوضوء عند البرد لذة لا تعدلها لذة.

مع التنبيه على أنّ بعض أهل العلم ذكروا أنّ "تسخين الماء لدفع برده ليقوي على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور".

كانوا كثيرا من الليل ما يصلون

إنّ الشتاء أمره عجيب لمن تذوق طعم العبادة فيه وقد ذكر الله تعالى من أوصاف أهل الجنة أنهم {كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [سورة الذاريات:17] ومما يدخل الجنّة بسلام الصلاة بالليل والنّاس نيام.

وقد كان العابد منهم كالنجم الساطع في ليالي الشتاء وضّاءً منيراً ولهذا أثُِر عن غير واحد من السلف عند مشهد الاحتضار أنهم يبكون قيام ليالي الشتاء: ومنها أنه لما احتضر أحد السلف بكى فقيل له: أتجزع من الموت وتبكي. فقال: ما لي لا أبكي ومن أحق بذلك مني؟ والله ما أبكى جزعاً من الموت، ولا حرصاً على دنياكم، ولكني أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء. وجاءت هذه االقصة عن عدد السلف.

وقال معضد: "لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما باليت أن أكون يعسوباً".

وليس هذا بغريب فإنّ في العبادة لذة لا يعلمها إلاّ الله ومن فقدها فهو محروم قال عبد الله بن وهب: "كل ملذوذ إنّما له لذة واحدة إلاّ العبادة فإنّ لها ثلاث لذات: إذا كنت فيها، وإذا تذكرتها، وإذا أعطيت ثوابها".

وأحسبهم رحمهم الله ذاقوا اللذة الأولى والثانية وأسال الله أن لا يحرمنا وإيّاهم الثالثة.

وكانوا رحمهم الله يستثمرون الليل عموماً وليل الشتاء على وجه الخصوص في طلب العلم.

فكان أبو هريرة – رضي الله عنه – يقسّم ليله ثلاثة أقسام بين القيام والنوم وطلب العلم فعنه رضي الله عنه قال: "جزّأت الليل ثلاثة أجزاء: ثُلثاً أصلي، وثُلثاً أنام، وثُلثاً أذكر فيه حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وروي مثله عن عمرو بن دينار وسفيان الثوري.

وكانوا يرشدون إلى ذلك أيضاً

قال أحمد بن الفرات: "لم نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء في الحفظ فأجمعوا أنّه ليس شيئ أبلغ فيه من كثرة النظر، وحفظ الليل غالب على حفظ النهار"، وقال: "سمعت إسماعيل بن أبي اويس يقول: إذا هممت أن تحفظ شيئا فنم وقم عند السحر فأسرج، وانظر فيه فإنّك لا تنساه بعد إن شاء الله".

وهذا الخطيب البغدادي يقول: "واعلم أنّ للحفظ ساعات ينبغي لمن أراد التحفظ أن يراعيها.. فأجود الأوقات: الأسحار، ثم بعدها وقت انتصاف النهار، وبعدها الغدوات دون العشيات، وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار"، قيل لبعضهم: بم أدركت العلم؟ قال: بالمصباح والجلوس إلى الصباح، وقال آخر: بالسفر والسهر والبكور في السحر.

وسمعنا عن كثير من العلماء من المتقدمين والمتأخرين أنهم يعكفون على طاعة الله وطلب العلم في وقت غفل النّاس فيه عن هذا وناموا وتجد الواحد منهم يسهر الليالي الطوال مجتهداً في ذلك طلباً وتحصلياً وتحقيقاً للمسائل وتخريجاً وتثبتاً في الأحاديث وتبحراً في العلوم.

هناك فرق كبير بين هؤلاء ومن يضيّع أوقات الشتاء بل وسائر أيام العام في اللهو وارتكاب المعاصي. فطوبى لمن رقد إذا نعس، واتقى اللّه إذا استيقظ فحاله أحسن وأطيب من هذا العاصي لربه.

قال يحيى بن معاذ: "الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك".

وقال أحمد بن فارس من شعراء العصر العباسي ناصحاً:

إذا كنت تأذى بحرِ المصـــيف *** ويبَسِ الخريف وبَردِ الشــتا
ويلهيكَ حُسنُ زمـــانِ الربيع *** فأخذُك للعلم قـــلْ ليْ متى

قلت: فطلبك للأجر قل لي متى؟ وقيامك لليل قل لي متى؟ ونشرك للعلم قل لي متى؟ وعملك في الدعوة قل لي متى؟

والمقصود استثمار الأوقات قبل فوات الأعمار، والمسلم في عبادة دائمة فهو يشتغل دائما في طاعة الله فإن لم يجد عملاً حسياً اشتغل في التدبر والتأمل والتفكر في ملكوت الله.

وفي الشتاء عظة

والشتاء بحد ذاته موعظة ففي شدة برده عبرة وعظة لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فقد ثبت في الصحيح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «وَاشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ» [رواه البخاري ومسلم]، ومن وقف عند ذلك فتأمّل واعتبر كان ذلك تسلية وتصبيرا له على العبادة حتى يسلم من زمهرير جهنم وحرها، وتوجب عليه الاستعاذة من زمهريها.

وفي الشتاء تنزل البركات وتنشر الرحمات من رب الأرض والسماوات

قال تعالى {وَهُوَ الَّذِى يُنَزّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِىُّ الْحَمِيدُ} [سورة الشورى:28 ] وفي سورة الأنبياء يقول: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَـوتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَـهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ} [سورة الأنبياء: 30].

يقول ابن عباس: "كانت السماوات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، فلما خلق للأرض أهلا فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات".

وقد وصفه الله تعالى بالبركة: يقول سبحانه: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَـرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّـتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [سورة ق:9].

وصاحب القلب الحي يذكر الله في كل وقت وحين نزول المطر ويأتي بالسنن الواردة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ أَنَسٌ – رضي الله عنه -: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنْ الْمَطَرِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا، قَالَ : «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» [رواه مسلم].

وكذلك فإن من السنة إذا هطل المطر أن يقول المسلم ((اللهم صيباً نافعاً)).

وبعد نزوله يقول: ((مُطرنا بفضل الله ورحمته)).

ومن أدعية الاستصحاء ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكامِ والظرابِ وبُطون الأودية، ومنابت الشجر)).

وجاء في حديث حسن : " ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء، و تحت المطر "

والمسلم في الشتاء يتذكر نعم الله عليه فيشكرها ولا يكفرها

وقد امتن الله علينا بأن خلق لنا سبحانه ما نتقوى به على شدة البرد فقال سبحانه: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5].

فمن نعم الله علينا الأنعام التي سخرها الله لمصالح بني آدم ومن جملة منافعها العظيمة.

أن (فِيهَا دِفْءٌ) قال العلماء: "ممّا تتخذون من أصوافها وأوبارها، وأشعارها، وجلودها، من الثياب والفرش والبيوت".

وقال سبحانه {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80].

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -: "يذكر تعالى عباده نعمه، ويستدعي منهم شكرها والاعتراف بها فقال: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} في الدور والقصور ونحوها تكنُّكم من الحر والبرد وتستركم أنتم وأولادكم وأمتعتكم، وتتخذون فيها الغرف والبيوت التي هي لأنواع منافعكم ومصالحكم وفيها حفظ لأموالكم وحرمكم وغير ذلك من الفوائد المشاهدة، {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأنْعَامِ} إمّا من الجلد نفسه أو ممّا نبت عليه، من صوف وشعر ووبر.

{بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} أي: خفيفة الحمل تكون لكم في السفر والمنازل التي لا قصد لكم في استيطانها، فتقيكم من الحر والبرد والمطر، وتقي متاعكم من المطر، (وَ) جعل لكم {مِنْ أَصْوَافِهَا} أي: الأنعام {وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا} وهذا شامل لكل ما يتخذ منها من الآنية والأوعية والفرش والألبسة والأجلة، وغير ذلك.

{وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} أي: تتمتعون بذلك في هذه الدنيا وتنتفعون بها، فهذا ممّا سخر الله العباد لصنعته وعمله ..، وكثرة النعم من الأسباب الجالبة من العباد مزيد الشكر، والثناء بها على الله تعالى". ا هـ.

وهكذا يحقق المسلم معاني العبودية في كل وقت وحين يعبد الله ويذكره ويدعوه ويرجوه.

وإنّما الأيّام مراحل يقطعها الإنسان مرحلة مرحلة وأفضل النّاس من أخذ في كل مرحلة زاداً للآخرة.

وأقول هذا ولا أعلم أحدا أشد تضييعاً مني لذلك.

أسأل الله أن يرزقني وجميع إخواني المسلمين الإخلاص والقبول وأن يوفقنا لما يحب ويرضى إنّه سميع مجيب، والله تعالى أعلم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين البشير والنذير والسراج المنير محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.




وفقك الله والى الامام



جزاكـ الله خير



التصنيفات
منوعات

لذة المناجاة وحلاوة العبادة

لذة المناجاة وحلاوة العبادة

الدكتور / علي بن عمر بادحدح

الخطبة الأولى
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون
عن أي شيء يبحث الإنسان في هذه الحياة ? أليس الناس يبحثون عن السعادة العظمى ، والثروة الكبرى ؟ أليسوا يجدون في إثر الطمأنينة المستقرة والراحة المستمرة ؟ أليسوا يرغبون في أن يدخل السرور إلى قلوبهم وأن تشيع البهجة في نفوسهم وأن تعلو البسمة شفاههم وأن تترقب ألسنتهم بجميل القول ، وأن تستقبل آذانهم حسن الكلام؟ أليس كثير من الناس يبحثون عن اللذة والسعادة ؟

إن طريقها في هذا الدين العظيم وكثيرون هم الضايعون في بحثهم، وآخرون كثيرون أيضاً هم الواهبون فيما توصلوا إليه من نتائج، يلتمسون بها السعادة، ويقصدون بها حصول اللذة ، وأولئك في حيرتهم يعمهون ، والآخرون في أوهامهم يتخبطون، وأنت أيها المؤمن الصادق .. أيها المسلم المخلص .. أيها العبد الخاضع لله ، صاحب اللسان الذاكر لله – عز وجل- والدمعة الخاشعة لله – سبحانه وتعالى – والجبهة الخاضعة لعظمة الله – جل وعلا – أنت وحدك إن فهمت هذا الإيمان ، تفاعلت معه، وإن أتيت بموجباته ، فأنت السعيد الفريد في هذه الحياة الدنيا، وأنت الناجي الفائز بإذن الله -عز وجل- في الحياة الأخرى.

اللذة التي يبحث عنها الناس

أي شيئ تطلب ؟ وعن أي شيء تبحث ؟ والأمر قد يسره الله – سبحانه وتعالى- وبسطه بين يديك ، وجعله طريق واحدة ، تبدأ من أول لحظة تعي فيها، وتدرك التكليف ، وإذا به طريق يمتد من هذه الأرض الصغيرة ،إلى السموات العلى إلى رضوان الله – سبحانه وتعالى – إن اللذة والسعادة في الإيمان .. في السعي لنيل رضى الرحمن.. في عبادة الملك المنان – سبحانه وتعالى –

فلننظر إلى هذه اللذة التي ذاقها المؤمنون .. التي عرفها وعلمها للناس المرسلون ، والتي اقتطف ثمارها وتمتع بأذواقها عباد الله الصالحون ، والتي حرمها كثيراً من المسلمين في هذه الأوقات ، لأنهم لم يأخذوا سبيلها، ولم ينهجوا طريقها، ولم يؤدوا واجباتها.

اللذة الحقيقية

إن أعظم هذه المنن والنعم أن تكون الحياة كلها لله – سبحانه وتعالى – { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }، { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }.
ما أعظم أن يكون الضعيف مرتبطاً بالله القوي ! ما أعظم أن يكون العبد العاجز مرتبطاً بالله – سبحانه وتعالى – الذي لا منتهى لكماله ! ما أعظم أن يخضع الفقير للمعدم للغني القاهر – سبحانه وتعالى – ! إنه حينئذً يتحول إلى صورةً أخرى ، وإلى معنىً آخر في هذه الحياة ، إنه يرتبط حينئذٍ بالسماء ، يرتبط بنور الوحي ، يرتبط بنفخة الله – عز وجل – التي نفخها في خلقة آدم أول ما خلق .. عندما جعل خلقه قبضة من طين، ونفخةً من روح ، عندما أراد الله – عز وجل – أن يجعل لهذه الروح غذاءها المرتبط بخالقها – سبحانه وتعالى – .
الإيمان الذي أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن فيه اللذة والحلاوة والمتعة والسعادة .. الذي فيه طمأنينة القلب ، وسكينة النفس ، فها هو – عليه الصلاة والسلام- يعبر تعبيراً صريحاً واضحا ،ً قوي المعنى: ( ذاق طعم الإيمان ، من رضي بالله ربًاً، وبالإسلام دينا،ً وبمحمدً – صلى الله عليه وسلم – نبياً ورسولاً ) ما أعظم هذا الاستقرار والسكينة والطمأنينة ، عندما ترتبط بالله – عز وجل- خضوعاً لإله واحد، وغيرك من الناس يخضع لقوى الأرض ، يبتغي لديها خيراً، وآخرون يخضعون لقوى البشر يخشون منها ضراً، وأنت حر طليق لا عبودية لك إلا لله – سبحانه وتعالى- ، والناس أيضاً يتخبطون ويتحيرون ويلتمسون طريقاً هنا وهناك ، ومنهجا من شرق وغرب ، وأنت عندك منهج الإسلام ، الصراط المستقيم الذي جمع الله – سبحانه وتعالى – فيه الخير كله، ونفى عنه القصور والضر كله { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً }، والناس يبحثون عن قدوات يلتمسونها هنا وهناك ، وقدوتك العظمى وأسوتك المثلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خير الخلق أجمعين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً }. ما أعظم هذه الوحدة التي توحد وجهتك وقصدك لله – سبحانه وتعالى – خضوعاً وذلة ، وعلى الإسلام منهج تحاكم وشريعة حياة ، ومع الرسول- صلى الله عليه وسلم- قدوة تحتذى ، وأسوة تتبع . ما أعظم هذه الطمأنينة التي تنسكب في القلب ! { الذين أمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، ما أعظمها من نعمة ! وما أعظمها من لذة ! لو أن الإنسان تفاعل بها انفعال صادقاً.. لو أنه تشربها تشرباً كاملاً ، لو أنه عاشها وبقي معها، في مداومة مستمرة ، وفي حياة متواصلة ، إذاً لتحقق له أيضاً ما بينه النبي – صلى الله عليه وسلم – من المفارقة في اللذة التي إذا جناها العبد حقيقةً، وإذا اقتطفها ثانيةً ؛ فإنه لا يرضى عنها بديلاً ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار )، كل هذه المشاعر من المحبة والميل العاطفي ،إنما رابطها الإيمان الذي يغذيها وينميها، ويجعلها متعةً ولذة في هذه الحياة ، ولذا قال سلف الأمة – عندما تذوقوا هذه الحلاوة -: " والله إنا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف ". ذاقوا طعمها .. ذاقوا صلة بالله – سبحانه وتعالى – عظيمة، التي متى تعلق قلبك بها لن يتعلق بشيء سواه ، وبدأ حينئذً كل أمرك من طموح، ومن شوق ، ومن آمال ، ومن غايات في هذه الحياة ، يرتبط بهذا الإيمان كما بين النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذه المنن الإيمانية ، والمنح الربانية ، التي يسوقها – سبحانه وتعالى – لك أنت – أيها العبد المؤمن المسلم- من بين هذه البشرية الحائرة الضالة المتخبطة ، البعيدة عن منهج الله ، الجاحدة لرب الأرباب ، وملك الملوك – سبحانه وتعالى- .
تأمل قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل إني أحب فلان فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يحب فلان فأحبوه فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ) .
فإذا أنت ترى القلوب تهفو إليك ، وترى الأيدي تعانقك ، وترى الشفاه تبتسم لك ، وترى بريق العيون ينظر لك نظرة المحبة، ولم تسدي إليهم معروفا ،ً ولم تقدم إليهم مساعدة، وإنما هي لغة التحاور الإيماني وإنما هي مشاعر القلوب التي ترسل بإذن الله – عز وجل – تلك الروابط ، التي تسعد بها البشرية ، والتي تطمئن بها أسباب الحياة بين البشر .
حتى تدرك مدى ما ينعكس من أثار الإيمان في طمأنينتك وعلاقتك بهذا الكون وعلاقتك بهذه الحياة تأمل قول النبي – عليه الصلاة والسلام – عندما قال : ( من ابتغى رضى الله بسخط الناس ، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ، ومن ابتغى سخط الله برضى الناس ، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس)، يبقى شقياً محروماً ، منكوداً مطرداً ، وإن ملك الأموال كلها ، وإن كان بين يديه كل شيء من ملذات الحياة ، لكن في صدره ضيق ، وفوق قلبه أكوام من الهموم ، وفوق عينيه غم يتجسد في مراء وجهه ، كأن عليه قطع من سواد مظلم ، وكأن على وجوههم قتر وذلة . نسأل الله – سبحانه وتعالى – السلامة.

لذة الخلوة مع الله

والمؤمن الذي خلى بربه كما قال الحسن البصري حينما سئل : ما بال أهل الليل على وجوههم نور ؟ قال : لأنهم خلوا بربهم فألبسهم من نوره – سبحانه وتعالى – .
المؤمن الذي في عز المحنة وشدتها وهولها ، يبقى ساكناً ، مطمئناً بوعد الله – عز وجل – وبنصر الله – سبحانه وتعالى – كما كان من الرسل والأنبياء ( ما ضنك باثنين الله ثالثهما) أعظمها من نعمة ! وما أعظمها من لذة ! لو أن الإنسان تفاعل بها انفعال صادقاً.. لو أنه تشربها تشرباً كاملاً ، لو أنه عاشها وبقي معها، في مداومة مستمرة ، وفي حياة متواصلة ، إذاً لتحقق له أيضاً ما بينه النبي – صلى الله عليه وسلم – من المفارقة في اللذة التي إذا جناها العبد حقيقةً، وإذا اقتطفها ثانيةً ؛ فإنه لا يرضى عنها بديلاً ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار )، كل هذه المشاعر من المحبة والميل العاطفي ،إنما رابطها الإيمان الذي يغذيها وينميها، ويجعلها متعةً ولذة في هذه الحياة ، ولذا قال سلف الأمة – عندما تذوقوا هذه الحلاوة -: " والله إنا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف ". ذاقوا طعمها .. ذاقوا صلة بالله – سبحانه وتعالى – عظيمة، التي متى تعلق قلبك بها لن يتعلق بشيء سواه ، وبدأ حينئذً كل أمرك من طموح، ومن شوق ، ومن آمال ، ومن غايات في هذه الحياة ، يرتبط بهذا الإيمان كما بين النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذه المنن الإيمانية ، والمنح الربانية ، التي يسوقها – سبحانه وتعالى – لك أنت – أيها العبد المؤمن المسلم- من بين هذه البشرية الحائرة الضالة المتخبطة ، البعيدة عن منهج الله ، الجاحدة لرب الأرباب ، وملك الملوك – سبحانه وتعالى- .
تأمل قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل إني أحب فلان فأحبه فيحبه جبريل .. { قال كلا إن معي ربي سيهدين } .. { قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم }، ما أعظم هذه الطمأنينة المنسكبة في القلب ، والتي تجعل الإنسان مستقراً مطمئناً .
فليتك تحلو والحياة مريرة **** وليتك ترضى والأنام غضابُ
فإذا صح منك الود فالكل هيناً **** وكل الذي فوق التراب ترابُ

هكذا عندما تتعلق بالله – عز وجل – تكون أشواقك وأفراحك ، وكل ما يمر بك إنما ينزل هذا المنزل العظيم فما الذي يفرحك في هذه الدنيا ؟ إنه الفرح بفضل الله .. بطاعة الله – سبحانه وتعالى – { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }، عندما يفرح الناس بالعلاوات وزيادة الأموال .. عندما يفرحون بالدور والقصور ، يفرح المؤمن بسجدةٍ خاشعة ، في ليلة ساكنة ، في وقت سحر يناجي فيها ربه ، ويسكب دمعه ، ويتذلل بين يدي خالقه – سبحانه وتعالى – { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون } ما هذا الشوق الذي يستولي على القلب عندما يتغلغل فيه الإيمان ؟ فهذا بلال – رضي الله عنه – عندما تحين وفاته ، تصيح زوجته وتقول: يا حزناه فيقول : بل وافرحتاه ، غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
الشوق إلى لقاء الله – سبحانه وتعالى – دعا أنس بن النضر أن يلغي ذلك التفكير المادي المنطقي في يوم أحد ،وإذا به يقول : "واهاً لريح الجنة ، والله إني لأجد ريحها دون أحد " ثم ينطلق مشتاقاً راغباً محباً متولعاً عاشقاً للقاء الله – سبحانه وتعالى – راغباً في طاعة الله – سبحانه وتعالى – ويلقي بنفسه يعانق الموت قبل أن يأتيه ، وإذا أعظمها من نعمة ! وما أعظمها من لذة ! لو أن الإنسان تفاعل بها انفعال صادقاً.. لو أنه تشربها تشرباً كاملاً ، لو أنه عاشها وبقي معها، في مداومة مستمرة ، وفي حياة متواصلة ، إذاً لتحقق له أيضاً ما بينه النبي – صلى الله عليه وسلم – من المفارقة في اللذة التي إذا جناها العبد حقيقةً، وإذا اقتطفها ثانيةً ؛ فإنه لا يرضى عنها بديلاً ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار )، كل هذه المشاعر من المحبة والميل العاطفي ،إنما رابطها الإيمان الذي يغذيها وينميها، ويجعلها متعةً ولذة في هذه الحياة ، ولذا قال سلف الأمة – عندما تذوقوا هذه الحلاوة -: " والله إنا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف ". ذاقوا طعمها .. ذاقوا صلة بالله – سبحانه وتعالى – عظيمة، التي متى تعلق قلبك بها لن يتعلق بشيء سواه ، وبدأ حينئذً كل أمرك من طموح، ومن شوق ، ومن آمال ، ومن غايات في هذه الحياة ، يرتبط بهذا الإيمان كما بين النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذه المنن الإيمانية ، والمنح الربانية ، التي يسوقها – سبحانه وتعالى – لك أنت – أيها العبد المؤمن المسلم- من بين هذه البشرية الحائرة الضالة المتخبطة ، البعيدة عن منهج الله ، الجاحدة لرب الأرباب ، وملك الملوك – سبحانه وتعالى- .
تأمل قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل إني أحب فلان فأحبه فيحبه جبريل به يمضي شهيداً إلى الله – سبحانه وتعالى – .
وذاك عمير بن الحمام في موقعة وغزوة بدر يأكل تمرات ، فحينما يسمع نداء النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( لا يقاتلهم اليوم رجل مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ) فيرمي بالتمرات قائلاً : ما أطولها من حياة حتى أبلغ هذه الأمنية العظيمة .

نعمة الإيمان وأثره على الحياة
الإيمان يحول الحياة كلها إلى جنة خضراء ، كأنما الإنسان في بستان تجري من حوله الأنهار ، وتزينه الأزهار ، ويستمتع بضلال الأشجار ، ويتناول لقطف تلك الثمار ، كأنه ما مسه من ضر ، ولا لقي في هذه الحياة من عناء ، كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير) ، وقال في حديث آخر : ( عجباً لأمر المؤمن ! إن أمره كله له خير ، إن أصابته سراء شكر ، وإن أصابته ضراء صبر ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) ففي كل الأحوال هو يرى نور الله – عز وجل – ويرى حكمة قدر الله – عز وجل – ويسلم لأمر الله – عز وجل – ويبتغي في السراء ، وفي الضراء رضوان الله – عز وجل- ويلتمس أجر الله – سبحانه وتعالى – حتى الشوكة يشاكها العبد المؤمن يكفر الله – سبحانه وتعالى – به من خطاياه ما أعظم هذه المنة أيها الأخوة الأحبة ! .

إنها نعمة لا تدانيها نعمة ، ولا توازيها منة ، عندما ينشغل الناس بجمع الأموال والثروات ، وينشغل العبد المؤمن بجمع الأعمال الصالحة والحسنات ، يلتمس أجراً هنا ، ويلتمس حسنةً هناك كما كان أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – لا يتنافسون على غنائم أعظمها من نعمة ! وما أعظمها من لذة ! لو أن الإنسان تفاعل بها انفعال صادقاً.. لو أنه تشربها تشرباً كاملاً ، لو أنه عاشها وبقي معها، في مداومة مستمرة ، وفي حياة متواصلة ، إذاً لتحقق له أيضاً ما بينه النبي – صلى الله عليه وسلم – من المفارقة في اللذة التي إذا جناها العبد حقيقةً، وإذا اقتطفها ثانيةً ؛ فإنه لا يرضى عنها بديلاً ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار )، كل هذه المشاعر من المحبة والميل العاطفي ،إنما رابطها الإيمان الذي يغذيها وينميها، ويجعلها متعةً ولذة في هذه الحياة ، ولذا قال سلف الأمة – عندما تذوقوا هذه الحلاوة -: " والله إنا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف ". ذاقوا طعمها .. ذاقوا صلة بالله – سبحانه وتعالى – عظيمة، التي متى تعلق قلبك بها لن يتعلق بشيء سواه ، وبدأ حينئذً كل أمرك من طموح، ومن شوق ، ومن آمال ، ومن غايات في هذه الحياة ، يرتبط بهذا الإيمان كما بين النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذه المنن الإيمانية ، والمنح الربانية ، التي يسوقها – سبحانه وتعالى – لك أنت – أيها العبد المؤمن المسلم- من بين هذه البشرية الحائرة الضالة المتخبطة ، البعيدة عن منهج الله ، الجاحدة لرب الأرباب ، وملك الملوك – سبحانه وتعالى- .
تأمل قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل إني أحب فلان فأحبه فيحبه جبريل الدنيا ، ولا على لعاعتها ، وإنما – كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه – : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . جاءت الحسرة في نفوس الصحابة على ذلك الأجر والثواب الذي لا يستطيعونه فقال لهم النبي – عليه الصلاة والسلام – مسلياً وفاتحاً أفاقاً وأبواباً من الخير عظيمة ( أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به كل تسبيحة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ) وذكر أبواب من الخير عظيمة ثم ماذا ؟ رجع القوم بعد ذلك مرة أخرى فقالوا : يا رسول الله سمع إخواننا ما قلت ففعلوا مثلما فعلنا . قال : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .
كان القوم إنما همهم أن يجمعوا رصيداً يحضون فيه برحمة الله – سبحانه وتعالى – ويتأهلون فيه لنيل رضوان الله – عز وجل- وأن يشملهم بواسع رحمته ، وأن يتغمدهم برضوانه ومغفرته- سبحانه وتعالى- .
وقد ورد في صحيح مسلم عن حال الصحابة أنه أحدهم كان لا يجد الصدقة يتصدق بها ، فماذا كان يصنع وقد عذره الله سبحانه وتعالى ؟ قال : فكان أحدنا يحتمل الحمال – عنده قوة بدن – فيعمل حاملاً لا ليتوسع في الرزق ، ولا ليرفع من مستوى المعيشة ،ولا ليزيد في الأرصدة ، ولا ليؤمن المستقبل- كما يقول الناس اليوم – ولكن يحمل الحمالة ليجد ما يتصدق به بين يدي الله – سبحانه وتعالى – .
ما أعظم هذه النفوس وهذه الغايات ! سعادة عندما يقدم لله – عز وجل – .. سعادة عندما يفرّج كربة أخيه المسلم ، سعادة عندما يتابع النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم ما أعظم أن ينشغل الناس بسفساف القول كذباً ودجلاً .. نفاقاً وتذمراً .. وغيبة ونميمة ، ولا تزال أنت – أيها العبد المؤمن – مرطباً لسانك بذكر الله .. مسبحاً لمالك السموات والأرض – سبحانه وتعالى – .. ما تزال تستغفر كما كان المصطفى – صلى الله عليه وسلم – يستغفر في اليوم والليلة سبعين مرة . – وفي روايات أخرى – مائة مرة .
ما تزال تلهج بذكر الله – عز وجل- متبعاً وصية رسولك – صلى الله عليه وسلم – ( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ) ، وكذلك تشنف أذنك ، وترطب لسانك بتلاوة القرآن ، والناس ساهون لاهون ، وفي غيهم يعمهون ، وأنت تثلج صدرك ، وتطمئن قلبك ، وترطب لسانك بتلك الآيات العطرة ، في صخب هذه الحياة الداوية .. في هذه الأعصر التي كثر فيها قول الباطل .

مفاتيح سعادة المسلم
يبقى المسلم متميزاً لأنه لا يفتر ولا ينأ عن ذكر الله – سبحانه وتعالى – ويشعر بمدى التوجيه الإلهي الرباني الذي جاء مؤكداً ومطلقاً ، مما يدل على أفاق واسعة من هذا الأمر العظيم { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } أي لا حد له ولا منتهى ولا وقت ولا زمان ولكنه في الليل وفي النهار .. تسبيح في الغدو والآصال .. ذكر ودعاء لله – سبحانه وتعالى- تستفتح فيه يومك وتفتح لك فيه أبواب الرضى ، وأبواب الهناء ، وأبواب الرزق وأبواب السعادة في الدنيا ، وتختم به ليلك ونهارك ويومك ،فإذا بك تطمئن في كنف الله ، وإذا بك تبيت في حفظ الله ، وغيرك قد تسلطت عليه المردة والشياطين، وذاك يمسه جن ، وذاك يركبه شيطان وأنت محفوظ بإذن الله – سبحانه وتعالى – ما أعظم هذه السعادة ! وما أجل هذه النعم والمنن ! .
والناس في ليلهم صاخبون ، وبعضهم في المعاصي غائصون ، ويحيون السهرات الماجنة ، ويعيشون مع الأفلام الداعرة ، وأنت – أيها العبد المؤمن – في خلوة من صخب الحياة إلى هدوء الليل وقمت تختلس تلك الركيعات بين يدي الله – سبحانه وتعالى – في ذلك الوقت الذي هو أعظم وقتاً ، وفيه أعظم منة ، كما أخبر النبي – عليه الصلاة والسلام -: ( ينزل ربنا إذا بقي الثلث الأخير من الليل فينادي: هل من سائل فأعطيه ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ وذلك الدهر كله )، فكيف يحضى أولئك الغافلون وأولئك العاصون بهذه المنن ؟ إنهم عنها والله لمحرومون ، وأنت إن كنت من أهل الليل .. إن كنت من أهل مناجاة الأسحار .. إن كنت من أهل ذرف الدموع في تلك الأوقات الفاضلة ، المكثرين من التلاوة والأذكار ، المداومين على الدعاء والاستغفار ؛ فإنك حضي وحري بأن تنال موعود النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا جنة ربكم بسلام )، ما بال الناس يستيقظون وعلى وجوههم قتر وفي جباههم تجهّم ؟! والمؤمن الوحيد كما أخبر النبي – عليه الصلاة والسلام – هو الذي ينشرح صدره ، ويبدأ يومه بهذه العبادة والمناجاة لله – سبحانه وتعالى – كما في الحديث الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – عليه الصلاة والسلام – ( يضرب الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة يقول: نم علي الصلاة والسلام – مسلياً وفاتحاً أفاقاً وأبواباً من الخير عظيمة ( أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به كل تسبيحة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ) وذكر أبواب من الخير عظيمة ثم ماذا ؟ رجع القوم بعد ذلك مرة أخرى فقالوا : يا رسول الله سمع إخواننا ما قلت ففعلوا مثلما فعلنا . قال : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .
كان القوم إنما همهم أن يجمعوا رصيداً يحضون فيه برحمة الله – سبحانه وتعالى – ويتأهلون فيه لنيل رضوان الله – عز وجل- وأن يشملهم بواسع رحمته ، وأن يتغمدهم برضوانه ومغفرته- سبحانه وتعالى- .
وقد ورد في صحيح مسلم عن حال الصحابة أنه أحدهم كان لا يجد الصدقة يتصدق بها ، فماذا كان يصنع وقد عذره الله سبحانه وتعالى ؟ قال : فكان أحدنا يحتمل الحمال – عنده قوة بدن – فيعمل حاملاً لا ليتوسع في الرزق ، ولا ليرفع من مستوى المعيشة ،ولا ليزيد في الأرصدة ، ولا ليؤمن المستقبل- كما يقول الناس اليوم – ولكن يحمل الحمالة ليجد ما يتصدق به بين يدي الله – سبحانه وتعالى – .
ما أعظم هذه النفوس وهذه الغايات ! سعادة عندما يقدم لله – عز وجل – .. سعادة عندما يفرّج كربة أخيه المسلم ، سعادة عندما يتابع النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم ما أعظم أن ينشغل الناس بسفساف القول كذباً ودجلاً .. نفاقاً وتذمراً .. وغيبة ونميمة ، ولا تزال أنت – أيها العبد المؤمن – مرطباً لسانك بذكر الله .. مسبحاً لمالك السموات والأرض – سبحانه وتعالى – .. ما تزال تستغفر كما كان المصطفى – صلى الله عليه وسلم – يستغفر في اليوم والليلة سبعين مرة . – وفي روايات أخرى – مائة مرة .
ما تزال تلهج بذكر الله – عز وجل- متبعاً وصية رسولك – صلى الله عليه وسلم – ( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ) ، وكذلك تشنف أذنك ، وترطب لسانك بتلاوة القرآن ، والناس ساهون لاهون ، وفي غيهم يعمهون ، وأنت تثلج صدرك ، وتطمئن قلبك ، وترطب لسانك بتلك الآيات العطرة ، في صخب هذه الحياة الداوية .. في هذه الأعصر التي كثر فيها قول الباطل .

مفاتيح سعادة المسلم
يبقى المسلم متميزاً لأنه لا يفتر ولا ينأ عن ذكر الله – سبحانه وتعالى – ويشعر بمدى التوجيه الإلهي الرباني الذي جاء مؤكداً ومطلقاً ، مما يدل على أفاق واسعة من هذا الأمر العظيم { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } أي لا حد له ولا منتهى ولا وقت ولا زمان ولكنه في الليل وفي النهار .. تسبيح في الغدو والآصال .. ذكر ودعاء لله – سبحانه وتعالى- تستفتح فيه يومك وتفتح لك فيه أبواب الرضى ، وأبواب الهناء ، وأبواب الرزق وأبواب السعادة في الدنيا ، وتختم به ليلك ونهارك ويومك ،فإذا بك تطمئن في كنف الله ، وإذا بك تبيت في حفظ الله ، وغيرك قد تسلطت عليه المردة والشياطين، وذاك يمسه جن ، وذاك يركبه شيطان وأنت محفوظ بإذن الله – سبحانه وتعالى – ما أعظم هذه السعادة ! وما أجل هذه النعم والمنن ! .
والناس في ليلهم صاخبون ، وبعضهم في المعاصي غائصون ، ويحيون السهرات الماجنة ، ويعيشون مع الأفلام الداعرة ، وأنت – أيها العبد المؤمن – في خلوة من صخب الحياة إلى هدوء الليل وقمت تختلس تلك الركيعات بين يدي الله – سبحانه وتعالى – في ذلك الوقت الذي هو أعظم وقتاً ، وفيه أعظم منة ، كما أخبر النبي – عليه الصلاة والسلام -: ( ينزل ربنا إذا بقي الثلث الأخير من الليل فينادي: هل من سائل فأعطيه ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ وذلك الدهر كله )، فكيف يحضى أولئك الغافلون وأولئك العاصون بهذه المنن ؟ إنهم عنها والله لمحرومون ، وأنت إن كنت من أهل الليل .. إن كنت من أهل مناجاة الأسحار .. إن كنت من أهل ذرف الدموع في تلك الأوقات الفاضلة ، المكثرين من التلاوة والأذكار ، المداومين على الدعاء والاستغفار ؛ فإنك حضي وحري بأن تنال موعود النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا جنة ربكم بسلام )، ما بال الناس يستيقظون وعلى وجوههم قتر وفي جباههم تجهّم ؟! والمؤمن الوحيد كما أخبر النبي ك ليل طويل ، فإذا استيقظ وذكر الله انحلت عقدة ، فإذا قام وتوضأ انحلت الثانية ، وإذا صلى انحلت عقده كلها وأصبح نشيط النفس وإلا أصبح خفيف النفس كسلان ) .
أنت – أيها العبد المؤمن – بيدك مفاتيح السعادة بين يديك خيرات وثروات عظمى ، فيها سكينة النفس ، وطمأنينة القلب ، ولذة الحياة ، وحسن القول ، وجميل ما يصنع ، وأحسن ما يعمل من الأعمال الصالحة ، فما أعظم هذا التميز وهذا التأهيل الذي يمكن للعبد المؤمن أن يكون فيه فريداً بين كل من لم يكون على منهج الله – سبحانه وتعالى – وما بالنا حرمنا هذه النعم ؟ لأننا لم نرتبط بها حق الارتباط ، ولم نؤدها حق الأداء ، لم نشعر بتلك اللذة التي كان النبي – عليه الصلاة والسلام – يقول فيها : (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، منتهى السعادة ، منتهى السرور ، منتهى الانشراح ، منتهى الإقبال واللذة في تلك العبادة ، فأي أحد لا يحب الإقبال على ما يسره مما يحبه ويميل إليه قلبه !! إنه إذا وجد شيئاً يحبه أقبل عليه وتعلق به ، وبذل لأجله كل شيء ، ولذلك كان – عليه الصلاة والسلام – إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة فإذا بالطمأنينة ،وإذا بالسعادة ، وإذا باليقين الراسخ ينبعث في القلب من جديد ، ويحيي في النفس حياةً قوية راسخة ، ولذلك كان يقول – عليه الصلاة والسلام – : (أرحنا بها يا بلال ) .

فلنرتح من تعب الحياة ، ومن سخطها في ظل العبادة والخشوع والخضوع لله – سبحانه وتعالى – فإن هذا طريق بإذن الله – عز وجل – موصل إلى سعادة الدنيا ، وإلى نجاة الآخرة .

الخطبة الثانية
اعلموا – أيها الأخوة ابع النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم ما أعظم أن ينشغل الناس بسفساف القول كذباً ودجلاً .. نفاقاً وتذمراً .. وغيبة ونميمة ، ولا تزال أنت – أيها العبد المؤمن – مرطباً لسانك بذكر الله .. مسبحاً لمالك السموات والأرض – سبحانه وتعالى – .. ما تزال تستغفر كما كان المصطفى – صلى الله عليه وسلم – يستغفر في اليوم والليلة سبعين مرة . – وفي روايات أخرى – مائة مرة .
ما تزال تلهج بذكر الله – عز وجل- متبعاً وصية رسولك – صلى الله عليه وسلم – ( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ) ، وكذلك تشنف أذنك ، وترطب لسانك بتلاوة القرآن ، والناس ساهون لاهون ، وفي غيهم يعمهون ، وأنت تثلج صدرك ، وتطمئن قلبك ، وترطب لسانك بتلك الآيات العطرة ، في صخب هذه الحياة الداوية .. في هذه الأعصر التي كثر فيها قول الباطل .

مفاتيح سعادة المسلم
يبقى المسلم متميزاً لأنه لا يفتر ولا ينأ عن ذكر الله – سبحانه وتعالى – ويشعر بمدى التوجيه الإلهي الرباني الذي جاء مؤكداً ومطلقاً ، مما يدل على أفاق واسعة من هذا الأمر العظيم { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } أي لا حد له ولا منتهى ولا وقت ولا زمان ولكنه في الليل وفي النهار .. تسبيح في الغدو والآصال .. ذكر ودعاء لله – سبحانه وتعالى- تستفتح فيه يومك وتفتح لك فيه أبواب الرضى ، وأبواب الهناء ، وأبواب الرزق وأبواب السعادة في الدنيا ، وتختم به ليلك ونهارك ويومك ،فإذا بك تطمئن في كنف الله ، وإذا بك تبيت في حفظ الله ، وغيرك قد تسلطت عليه المردة والشياطين، وذاك يمسه جن ، وذاك يركبه شيطان وأنت محفوظ بإذن الله – سبحانه وتعالى – ما أعظم هذه السعادة ! وما أجل هذه النعم والمنن ! .
والناس في ليلهم صاخبون ، وبعضهم في المعاصي غائصون ، ويحيون السهرات الماجنة ، ويعيشون مع الأفلام الداعرة ، وأنت – أيها العبد المؤمن – في خلوة من صخب الحياة إلى هدوء الليل وقمت تختلس تلك الركيعات بين يدي الله – سبحانه وتعالى – في ذلك الوقت الذي هو أعظم وقتاً ، وفيه أعظم منة ، كما أخبر النبي – عليه الصلاة والسلام -: ( ينزل ربنا إذا بقي الثلث الأخير من الليل فينادي: هل من سائل فأعطيه ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ وذلك الدهر كله )، فكيف يحضى أولئك الغافلون وأولئك العاصون بهذه المنن ؟ إنهم عنها والله لمحرومون ، وأنت إن كنت من أهل الليل .. إن كنت من أهل مناجاة الأسحار .. إن كنت من أهل ذرف الدموع في تلك الأوقات الفاضلة ، المكثرين من التلاوة والأذكار ، المداومين على الدعاء والاستغفار ؛ فإنك حضي وحري بأن تنال موعود النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا جنة ربكم بسلام )، ما بال الناس يستيقظون وعلى وجوههم قتر وفي جباههم تجهّم ؟! والمؤمن الوحيد كما أخبر النبي المؤمنون – أن العبادة ليست سكوناً ، بل حركة وليست ضعفاً بل قوة ، إنها أن تخضع الحياة كلها لله – عز وجل – ولذلك تأملوا إلى العبادة العظمى التي تعلقت بها قلوب العباد الصادقين ، والزهاد المخلصين ، فإذا بهم ينطلقون في مواكب الجهاد رفعاً لراية الله – سبحانه وتعالى – ونشراً لدعوة الإسلام وهم هم الذين كانوا رهبان الليل إذا بهم فرسان النهار ، هم أولئك القوم منهم عبدالله بن المبارك – رضي الله عنه ورحمه الله – إمامٌ من أئمة التابعين ، وعالم من العلماء المحدثين ، وأحد الذين لم يدعو الحج لبيت الله الحرام ، لكنه كان يحج عاماً، ويغزو عاماً ، وقيل: إنه غزا نحو مائتي غزوة ضد أعداء الله – سبحانه وتعالى – وتأملوا تلك اللذة التي يجدها الصالحون في كل أنواع العبادة ، ومنها عبادة الجهاد والدعوة في سبيل الله – عز وجل – وهذا خالد بن الوليد – رحمة الله عليه ورضي عنه وأرضاه – يقول : " ما ليلة تهدى إلي فيها عروس ، أنا لها محب مشتاق ، أحب إليّ من ليلة شديد قرها، كثير مطرها ، أصبّح فيها العدو فأقاتلهم في سبيل الله – عز وجل – تلك الليلة ما فيها من شدة البرد ، وبما فيها من انتظار العدو ، وبما فيها من قعقعة السيوف أحب إلى نفسه من عروس تهدى إليه وهو لها محب ومشتاق ومنتظر – ! إنها لذة عجيبة لا يعرفها إلا من مارسها ، وهو الذي يجد لذة في الجهاد ومحبة وميل له فإذا به يشتاق وينبعث إليه.
إذاً – أيها الأخوة الأحبة – ينبغي لنا أن نراجع أنفسنا ، وأن لا تشغلنا هذه الحياة بمطالبها المادية ، ولا بلغوها العارض ، بل ينبغي أن نعرف أن أساس هذه الحياة ، وأساس قطف ثمرتها ، وأساس أخذ ما يمكن أن يكون إن شاء الله – عز وجل – من أسباب النجاة إنما هو ربط القلب بالخالق – سبحانه وتعالى – ، إنما هو خفض الجباه لله – عز وجل – إنما هو رفع الأكف طلباً من الله – سبحانه وتعالى – ، إنما هو اليقين الراسخ أنه لا شيء في هذا الوجود ، ولا قوة في هذا الوجود ، ولا مضاء ولا مشيئة في هذا الوجود إلا لله – سبحانه وتعالى – فهو القاهر فوق عباده ، وهو المعطي والمانع ، وهو النافع والضار ، وهو الذي يسهل الأمور ، ويفرج الكروب – سبحانه وتعالى – ، وإذا ادلهمت الأمور ، وإذا تعاظمت الخطوب ، فليس لها من دون الله – سبحانه وتعالى – كاشف .
ماذا – أيها العبد المؤمن – هل تعاني من ضيق وشغف في العيش؟ فالإيمان والطاعة والعبادة لذة تعوضك عن ذلك ، ويعطيك الله – عز وجل – توفيق ييسر لك فيه من أبواب الرزق { ومن يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب }، إن كل شيء مرتبط بهذا المعنى العظيم ،معنى صلة العبد بالخالق – عز وجل – معنى صلة العبودية بالربوبية والألوهية ، معنى صلة هذا التذلل والخضوع للملك الجبار – سبحانه وتعالى – ولذلك ما فقدنا اللذة ، ولا غاب عنا الأنس ، ولا ذهبت عنا الحلاوة ، إلا عندما فقدنا هذه المعاني ، وانشغلنا – حتى الأخيار منا الذين يرتادون المساجد – وربما شغلتهم أمور أخرى ، وخلافات في الأقوال ، وكثرة في المحفوظات ، وما خلص إلى قلوبهم هذا السر الإيماني ، وتلك الوحدة الإيمانية التي تحيل الظلمة نوراً ، وتقلب الحزن سروراً.
إن هذا المعنى الإيماني الذي ينبغي أن يكون فلك حياة الإنسان المسلم ، ومحور رحاه الذي يدور فيه في هذه الحياة ، لا يتكلم إلا من هذا المنطلق ، ولا يتقدم إلا من هذا المنطلق ، ولا يحزم إلا من هذا المنطلق ، كل شيء يربطه بالسعي إلى رضوان الله ، والرغبة في نيل رحمة الله ، والمبالغة في الخضوع والذلة لله – عز وجل – .
ومما زادني شرفاً وتيهاً **** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي **** وأن صيرت أحمد لي نبياً
هذا هو الشرف ، وهذه هي النعمة ، وذلك هو التميز فالله الله في عبادتكم ، والله الله في إخلاصكم ، والله الله في مناجاتكم ، والله الله في كتاب ربكم ، والله الله في لحظات الأسحار ، والله الله في الأذكار والاستغفار، الله الله في تصفية القلوب ، وتهذيب النفوس ، وأن نبعد كل شيء يؤرث القلب ظلمةً ، ويؤرث الصدر ضيقاً، ويؤرث الحياة شقاءً ومرارةً ، إذا تنكرنا أمر الله عز وجل فإن كل شيء كما قال الله سبحانه وتعالى { قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم } إنما هو بسبب التخلف ، وبسبب القصور في طاعة الله – سبحانه وتعالى – أما المؤمن الموصول بالله -عز وجل- فإن حاله كما قال الله – عز وجل – :{ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } ما أعظم الصلة بالله عز وجل .

فلنحرص على أن نراجع أنفسنا ، وأن نخلص نياتنا ، وأن نصحح مقاصدنا، وأن نكثر أعمالنا ، وأن نقلل من لغو الدنيا وانشغالنا بها ، فقد دخلت في عقولنا وقد تعشعشت في قلوبنا ، وقد جرت في دمائنا ، وقد صرفتنا عن كثير من مهمات الحياة الأخرى ، وليس ذلك يعنى – بحال من الأحوال – أن تترك الدنيا ! بل الدنيا مزرعة الآخرة ، ولكن اجعل القلب موصولاً بالله تجعل الدنيا كلها بإذن الله – عز وجل – ممراً ومعبراً سريعاً وهيّناً في الآخرة بعون الله – سبحانه وتعالى – .