الاعتكاف : أحكامه وآدابه (16) فتوى العنوان
الأخوة الأفاضل نريد معرفة أحكام الاعتكاف بالتفصيل حتى تكون عونا لنا في إحياء هذه السنة الطيبة في رمضان
السؤال
15/09/2008 التاريخ
الدكتور رجب أبو مليح المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فالاعتكاف سنة من السنن التي حرص عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ، ولا يكون إلا في المسجد، واختلف الفقهاء في مدته فمنهم من اشترط أن تكون ليلة كاملة من قبل غروب الشمس إلى صلاة الفجر ، ومنهم من أجازه ولو كان وقتا قصيرا.
ولذلك يجوز على الرأي الأخير أن يخرج الرجل إلى عمله ثم يعود إلى معتكفه، ويستحب أن ينشغل المعتكف بالذكر والعبادة ، ولا يؤثر الاحتلام على صحة الاعتكاف ، ولا يشترط أن يكون في مسجد بعينه فكل المساجد تصلح للاعتكاف، ولا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا بعد استئذان زوجها.
.
الاعتكاف: حكمه ، ومكانه ، ومدته العنوان
أود أن أسأل فضيلتكم عن حكم الاعتكاف ؟ وهل يصح للمسلم أن ينوي الاعتكاف كلما دخل المسجد أم لا ؟ جزاكم الله خيراً
السؤال
06/10/2007 التاريخ
أ.د حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
الاعتكاف سنة عند أكثر أهل العلم في العام كله ، وأوكد الاعتكاف ما كان في العشر الأواخر من رمضان ، وإذا نذر المسلم الاعتكاف صار الوفاء به فرضاً ، ويرى العلماء جواز الاعتكاف مدة يسيرة في المسجد كساعة أو ساعتين بنية التقرب لله تعالى .
وإليك تفصيل ذلك في فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ
الاعتكاف مسنون عند أكثر أهل العلم في العام كله وأوكد الاعتكاف ما كان في العشر الأواخر من رمضان وإذا نذر المسلم الاعتكاف صار الوفاء به فرضاً .
أما زمان الاعتكاف ومدته فجمهور العلماء يرون جواز الاعتكاف مدة يسيرة في المسجد كساعة أو ساعتين ونحو ذلك .
قال العلامة ابن القيم : رحمه الله :[ كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل وتركه مرة فقضاه في شوال . واعتكف مرة في العشر الأول ثم الأوسط ثم العشر الأواخر يلتمس ليلة القدر ثم تبين له أنها في العشر الأواخر فداوم على اعتكافه حتى لحق بربه عز وجل . وكان يأمر بخباء فيضرب له في المسجد يخلو فيه بربه عز وجل وكان إذا أراد الاعتكاف صلّى الفجر ثم دخله … وكان يعتكف كل سنة عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً … وكان إذا اعتكف دخل قبته وحده وكان لا يدخل بيته في حال اعتكافه إلا لحاجة الإنسان وكانت بعض أزواجه تزوره وهو معتكف ولم يباشر امرأة من نسائه وهو معتكف لا بقبلة ولا غيرها وكان إذا اعتكف طرح له فراشه ووضع له سريره في معتكفه … الخ ] زاد المعاد 2/88-90 .
قال ابن حزم : [ كل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف فالاعتكاف يقع على ما ذكرنا مما قل من الأزمان أو كثر إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد ولا وقتاً من وقت.
قال سويد بن غفلة : من جلس في المسجد وهو طاهر فهو عاكف فيه ما لم يحدث .
وعن عطاء بن أبي رباح عن يعلى بن أمية قال : إني لأمكث في المسجد ساعة وما أمكث إلا لأعتكف ، قال عطاء : هو اعتكاف ما مكث فيه وإن جلس في المسجد احتساب الخير فهو معتكف وإلا فلا ] المحلى 3/412 .
وينبغي أن يعلم أن الاعتكاف لا بد أن يكون في المسجد الذي تقام فيه الجمعة والجماعة حتى لا يحتاج المعتكف للخروج لهما ولا بد في الاعتكاف أيضاً من النية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم 🙁 إنما الأعمال بالنيات ). والمطلوب من المعتكف أن يلبث في المسجد وينشغل بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار وعليه أن يبتعد عن الخوض في أمور الدنيا ، وأن يجتنب ما لا يعنيه من الأقوال والأفعال ويجتنب أيضاً المراء والجدال والسباب ويقلل الكلام في أمور الدنيا ولا يتكلم إلا بخير. ويكره للمعتكف أن يترك الكلام تركاً مطلقاً معتقداً أن ذلك قربة لله لأن ذلك بدعة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من نذر ترك الكلام تركاً مطلقاً أن يتكلم.
ويجوز للمعتكف أن يأكل ويشرب وينام في المسجد مع وجوب محافظته على نظافة وطهارة المسجد ويجوز له أن يتطيب ويلبس ما شاء من الملابس الحسنة ، ويجوز أن يخرج للوضوء والغسل والأعمال الضرورية لأن الخروج من المسجد يفسد الاعتكاف إلا لما ذكرنا .
والله أعلم .
اعتكاف الزوجة واشتراط إذن الزوج العنوان
إذا أرادت المرأة أن تعتكف فهل يجب عليها الحصول على إذن الزوج؟ السؤال
12/10/2006 التاريخ
الدكتور محمد سعدي المفتي
الحل
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، لأن اعتكافها في المسجد يفوت حق الزوج، وإن أذن لها الزوج ثم بان له أن يرجع عن إذنه فقد اختلف العلماء في هذا، فذهب الشافعية والحنابلة أن للزوج أن يمنعها من الصوم[النافلة] أو الاعتكاف ولو كانت شرعت فيه، والمالكية قالوا يمنعها قبل الشروع لا بعده، والحنفية قالوا: ليس له منعها.
قال الشيرزاي رحمه الله تعالى في المهذب:
لا يجوز للمرأة أن تعتكف بغير إذن الزوج؛ لأنَّ استمتاعها ملك للزوج، فلا يجوز إبطاله عليه بغير إذنه.
وقال ابن قدامة المقدسي في المغني [بتصرف]:
ليس للزوجة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، فإن أذن الزوج لها، ثم أراد إخراجها منه بعد شروعها فيه، فله ذلك في التطوع. وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة في الزوجة : ليس لزوجها إخراجها ؛ لأنها تملك بالتمليك، فالإذن أسقط حقه من منافعها، وأذن لها في استيفائها، فلم يكن له الرجوع فيها، كما لو أذن لها في الحج فأحرمت به، بخلاف العبد ؛ فإنه لا يملك بالتمليك. وقال مالك : ليس له تحليلهما.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
الزوجة مرتبطة بإذن الزوج في التطوع بالعبادات، فلا يجوز لها إذا كان زوجها حاضرا أن تتطوع بصلاة أو صوم أو حج أو اعتكاف بدون إذنه، إذا كان ذلك يشغلها عن حقه ; لأن حق الزوج فرض، فلا يجوز تركه بنفل ; ولأنَّ له حق الاستمتاع بها، ولا يمكنه ذلك أثناء الصوم أو الحج أو الاعتكاف.
وقد روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد أي حاضر إلا بإذنه }. رواه البخاري. فإن تطوعت بصوم أو حج أو اعتكاف دون إذنه فله أن يفطرها في الصوم، ويحللها من الحج، ويخرجها من الاعتكاف لما فيه من تفويت حق غيرها بغير إذنه، فكان لرب الحق المنع. وهذا باتفاق.
وإن أذن الزوج لها أن تتطوع بصوم أو اعتكاف أو حج، فعند الشافعية والحنابلة : له أن يمنعها من الصوم أو الاعتكاف ولو كانت شرعت فيه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة وحفصة وزينب رضي الله تعالى عنهن في الاعتكاف، ثم منعهن منه بعد أن دخلن فيه، فقد أخرج الشيخان عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبني لها. قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فأبصر الأبنية فقال : ما هذا ؟ قالوا : بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آلبر أردن بهذا ؟ ما أنا بمعتكف }.
وعند الحنفية ليس له أن يمنعها ؛ لأنه لما أذن لها فقد ملَّكها منافع الاستمتاع بها، وهي من أهل الملك فلا يملك الرجوع عن ذلك. وعند المالكية : له أن يمنعها ما لم تشرع في العبادة، فإن شرعت فلا يمنعها.
وما أوجبته المرأة على نفسها بنذر، فإن كان بغير إذنه فله أن يمنعها منه، وهذا باتفاق. وإن كان بإذنه، فإن كان في زمان معين فليس له منعها منه. وإن كان في زمان مبهم، فله المنع عند المالكية إلا إذا دخلت فيه، وهو على وجهين عند الشافعية والحنابلة.
والله أعلم.