التشبه بالكفار
• حكم الاحتفال بعيد ميلاد الشخص.
• حكم مشاركة الكفار في أعيادهم.
• إذا احتاجوا لكتابة التاريخ الميلادي.
• تعلم اللغة الأجنبية.
• لبس زي غير المسلمين.
• مشكلة الذوبان اللغوي للمسلين في الخارج .
• قص الشعر بالتساوي جائز دون تشبه بالكفار .
• تحريم الاحتفال بأعياد الكفار.
• هل يعتبر التأريخ بالتاريخ الميلادي موالاة للكفار .
• ضوابط التشبّه بالكفار .
• يريدون الزواج على الطريقة الهندوسية .
• الاستفادة مما عند الكفار .
• حكم فرق لشعر رأسها وعمل ما يسمى بالكعكعة .
• حكم ارتداء قلادة تشبه الصليب .
• ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟.
حكم الاحتفال بعيد ميلاد الشخص
ما حكم الاحتفال بمرور سنة أو سنتين مثلاً أو أكثر أو أقل من السنين لولادة الشخص وهو ما يسمى بعيد الميلاد ؟ أو إطفاء الشمعة . وما حكم حضور ولائم هذه الاحتفالات ، وهل إذا دعي الشخص إليها يجيب الدعوة أم لا ؟ أفيدونا أثابكم الله .
الحمد لله
قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ولا أصل لها في الشرع المطهر ولا تجوز إجابة الدعوة إليها ، لما في ذلك من تأيد للبدع والتشجيع عليها . وقد قال الله سبحانه وتعالى: ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) وقال سبحانه : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون . إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ) .
وقال سبحانه : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ) .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم في صحيحه . وقال عليه الصلاة والسلام : ( خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، و شر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ثم إن هذه الاحتفالات مع كونها بدعة منكرة لا أصل لها في الشرع هي مع ذلك فيها تشبه باليهود والنصارى في احتفالهم بالموالد . وقد قال عليه الصلاة والسلام محذراً من سنتهم وطريقتهم : " لتبعن سنة من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه : قالوا يا رسول الله : اليهود و النصارى ؟ .. قال : فمن ) أخرجاه في الصحيحين . ومعنى قوله " فمن" أي هم المعنيون بهذا الكلام وقال صلى الله عليه وسلم : "من تشبه بقوم فهو منهم "
(فتاوى إسلامية 1/115)
حكم مشاركة الكفار في أعيادهم
شاهدت الكثير من المسلمين يشاركون في احتفالات الكريسمس وبعض الاحتفالات الأخرى .
فهل هناك أي دليل من القرآن والسنة يمكن أن أريه لهم يدل على أن هذه الممارسات غير شرعية ؟
الحمد لله
لا يجوز مشاركة الكفار في أعيادهم للأمور التالية :
أولاً : لأنه من التشبه و " من تشبه بقوم فهو منهم . " رواه أبو داود ( وهذا تهديد خطير ) ، قال عبد الله بن العاص من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجاناتهم وتشبه بهم حتى يموت خسر في يوم القيامة .
ثانياً : أن المشاركة نوع من مودتهم و محبتهم قال تعالى : ( لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء … ) الآية ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق … ) الآية .
ثالثاً : إن العيد قضية دينية عقدية وليست عادات دنيوية كما دل عليه حديث : " لكل قوم عيد و هذا عيدنا " و عيدهم يدل على عقيدة فاسدة شركية كفرية .
رابعاً : ( و الذين لا يشهدون الزور …) الآية فسرها العلماء بأعياد المشركين ، و لا يجوز إهداء أحدهم بطاقات الأعياد أو بيعها عليهم و جميع لوازم أعيادهم من الأنوار و الأشجار و المأكولات لا الديك الرومي ولا غيره و لا الحلويات التي على هيئة العكاز أو غيرها .
وقد سبقت إجابة عن سؤال مشابه فيها مزيد من التفصيل تحت رقم 947 .
الشيخ محمد صالح المنجد
إذا احتاجوا لكتابة التاريخ الميلادي
السؤال :
أفيد فضيلتكم علما بأن مكاتب المنتدى الإسلامي تقع في دول تتعامل بالتاريخ الميلادي ، ونحن نتعامل بالتأريخ الهجري ، فسبب لنا ذلك إحراجا في التعامل مع الدوائر الحكومية التي لا تتعامل بالتأريخ الهجري ، ومشكلة في تحديد الميزانية ، ودفع الرواتب ، ورفع التقارير المالية للجهات المختصة في تلك الدول .
فهل يجوز لنا الاعتماد على التاريخ الميلادي في المعاملات والميزانية ، من باب الضرورة ، مع قناعتنا الكبيرة بأهمية التاريخ الهجري ، وكونه شعارا للمسلين ، وعلامة من علامات التمايز عن الكافرين ؟.
الجواب :
لا بأس بالجمع بين التأريخين ، مع تقديم التأريخ الهجري ، ويكتب بعده الموافق لكذا وكذا ميلادي ، وذلك أن التأريخ الهجري يعتمد على الأشهر الهلالية ، وهي مشاهدة ظاهرة للعيان ، لا تخفى على ذي عينين ، وأما الميلادي فليس للأشهر علامة بارزة يعلم بها إلا الحساب ، ولذلك جاء الشرع الإسلامي باعتبار الاشهر العربية في الصوم والحج والاعتكاف ونحوها ، فالبداءة بالتاريخ الهجري فيه إظهار لشعائر الإسلام ، وخواصه بين من يجهله ، والله أعلم .
الؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين ص 53.
تعلم اللغة الأجنبية
السؤال :
هل تعلم اللغة الإنجليزية حرام أم حلال ؟ .
الجواب :
الحمد لله
إذا كان هناك حاجة دينية أو دنيوية إلى تعلم اللغة الإنجليزية ، أو غيرها من اللغات الأجنبية فلا مانع من تعلمها ، أما إذا لم يكن حاجة فإنه يكره تعلمها .
من فتاوى الجنة الدائمة 12/133.
لبس زي غير المسلمين
من لبس غير زي المسلمين هل عليه ضر في دينه وصلاته أم لا ؟ وهل لبس النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبسه الأجناد في زماننا من قباء وغيره مما هو ضيق الكمين أم لا ؟
الحمد لله
يُنهى عن التشبه بالكفار في لباس وغيره ، للأحاديث الصحيحة المشهورة في ذلك وتنقص به صلاته ، وثبت في صحيح البخاري وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس قباء في بعض الأوقات ، وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة شامية ضيقة الكمين . والله أعلم .
من فتاوى الإمام النوي ص 61 .
مشكلة الذوبان اللغوي للمسلين في الخارج
نواجه نحن المسلمين في الخارج مشكلة الذّوبان اللغوي بحيث نتكلّم بلغة الكفّار في بلاد الغرب من حيث نشعر ولا نشعر ، مماشاةً لمن حولنا وتأثّرا بالوسط الذي نعيش فيه ، فما هو موقف الشريعة من هذا الأمر وكيف نتغلّب على المشكلة ؟
الحمد لله
اذكر شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله في شأن هذه المشكلة وتبيان خطرها وأثرها والموقف الشّرعي منها كلاما متينا نفيسا هذا نصّه :
" وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار ولرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه كما تقدم .
ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه .
وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق
وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية
وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال فقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله .. " اقتضاء الصراط المستقيم 2/207
ونصح بالإضافة لما تقدّم بما يلي :
– أن يجاهد المسلمون أنفسهم هم وأهلوهم وأولادهم على أن يتكلموا باللغة العربية في بيوتهم ومنتدياتهم واجتماعاتهم وأن يكون الوالدان قدوة للأولاد داخل البيت في هذا وان يتعمّدا أحيانا عدم إجابة الولد إذا لم يتكلّم باللغة العربية .
– الحرص على إدخال الأولاد المدارس والأكاديميات العربية ما أمكن ذلك .
– أن تعيش العوائل المسلمة في تجمعات سكانية ما أمكن حيث يكون المحيط والجيران والبيئة الصغيرة عربية اللغة .
– الاجتهاد في إقامة دورات لتعليم اللغة العربية واحتساب الأجر في ذلك والتقرّب إلى الله به وكذلك متابعة تعلّم اللغة العربية في الكتب والأشرطة والوسائل التعليمية الحديثة .
– السماع المستمر للقرآن الكريم المسجّل وأشرطة الدروس والمحاضرات الإسلامية باللغة العربية .
والله وليّ التوفيق وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
قص الشعر بالتساوي جائز دون تشبه بالكفار
ما هو الحكم في قص المسلمين لشعر رؤوسهم ، وهل هناك حد كأن يُقص الشعر بنفس الطول من جميع أنحاء الرأس ؟.
الحمد لله
قصّ الشعر والأخذ منه بالتساوي حتى يكون كالوفرة أو كالجمّة بحيث يبلغ إلى المنكبين أو الأذنين لا بأس به إن سلِم من التشبه بالكفار ، وإلا فالتشبه محرم ولو كان في أمر مباح أصله .
واما قصّ بعضه وترك بعضه فهذا لا يجوز ، وهذا القزع الذي صح عنه النهي من النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري وغيره .
والحكم عام للرجال والنساء ، لا بأس بالقصّ منه بالتساوي إذا سلِم من التشبه بالكفار ، ومن تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، فلا تأخذ من شعرها حتى يكون كشعر الرجل .
الشيخ عبد الكريم الخضير .
تحريم الاحتفال بأعياد الكفار
هل تجوز مشاركة غير المسلمين في أعيادهم ، كعيد الميلاد ؟.
الحمد لله
لا يجوز للمسل أن يشارك الكفار في أعيادهم ويظهر الفرح والسرور بهذه المناسبة ويعطل الأعمال سواء كانت دينية أو دنيوية لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة ومن التعاون معهم على الباطل ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من تشبه بقوم فهو منهم) والله سبحانه وتعالى يقول : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) المائدة/2 .
ونصحك بالرجوع إلى كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ، فإنه مفيد جداًّ في هذا الباب .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتوى رقم (2540).
هل يعتبر التأريخ بالتاريخ الميلادي موالاة للكفار
هل التأريخ بالتاريخ الميلادي يعتبر من موالاة الكفار ؟.
الحمد لله
لا يعتبر موالاة ، لكن يعتبر تشبهاً بهم .
والصحابة رضي الله عنهم كان التاريخ الميلادي موجوداً في عصرهم ، ولم يستعملوه ، بل عدلوا عنه إلى التاريخ الهجري .
وضعوا التاريخ الهجري ولم يستعملوا التاريخ الميلادي مع أنه كان موجوداً في عهدهم ، هذا دليل على أن المسلمين يجب أن يستقلوا عن عادات الكفار وتقاليد الكفار ، لاسيما وأن التاريخ الميلادي رمز على دينهم ، لأنه يرمز إلى تعظيم ميلاد المسيح والاحتفال به على رأس السنة ، وهذه بدعة ابتدعها النصارى ، فنحن لا نشاركهم ولا نشجهم على هذا الشيء . وإذا أرّخنا بتاريخهم فمعناه أننا نتشبه بهم .
وعندنا والحمد لله التاريخ الهجري الذي وضعه لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد بحضرة المهاجرين والأنصار ، هذا يغنينا . انتهى
فضيلة الشيخ صالح الفوزان في كتاب المنتقى 1/257 .
ضوابط التشبّه بالكفار
ما هي حدود التشبه بالغرب ؟؟ هل كل ما هو حديث وجديد ويأتينا من الغرب فهو تشبه بهم ؟؟ بمعنى آخر : كيف نطلق الحكم على شيء ما بأنه محرم لأنه تشبه بالكفار ؟.
الحمد لله
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) رواه أبو داود (الباس / 3512) قال الألباني في صحيح أبي داود : حسن صحيح . برقم (3401)
قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْعَلْقَمِيّ : أَيْ تَزَيَّى فِي ظَاهِره بِزِيِّهِمْ , وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيهمْ فِي مَلْبَسهمْ وَبَعْض أَفْعَالهمْ اِنْتَهَى . وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسه بِالْكُفَّارِ مَثَلا مِنْ الِّبَاس وَغَيْره , أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوْ الْفُجَّار أَوْ بِأَهْلِ التَّصَوُّف وَالصُّلَحَاء الأَبْرَار ( فَهُوَ مِنْهُمْ ) : أَيْ فِي الإِثْم وَالْخَيْر .
قَالَ شَيْخ الإِسْلام اِبْن تَيْمِيَّةَ فِي الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم : وَقَدْ اِحْتَجَّ الإِمَام أَحْمَد وَغَيْره بِهَذَا الْحَدِيث , وَهَذَا الْحَدِيث أَقَلّ أَحْوَاله أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيم التَّشَبُّه بِهِمْ كَمَا فِي قَوْله { مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } وَهُوَ نَظِير قَوْل عَبْد الَّه بْن عَمْرو أَنَّهُ قَالَ : مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوت حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة فَقَدْ يُحْمَل هَذَا عَلَى التَّشَبُّه الْمُطْلَق فَإِنَّهُ يُوجِب الْكُفْر , وَيَقْتَضِي تَحْرِيم أَبْعَاض ذَلِكَ , وَقَدْ يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الْقَدْر الْمُشْتَرَك الَّذِي يُشَابِههُمْ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ مَعْصِيَة أَوْ شِعَارًا لَهَا كَانَ حُكْمه كَذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى الَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّشَبُّه بِالأَعَاجِمِ , وَقَالَ : " مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى . وَبِهَذَا اِحْتَجَّ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة أَشْيَاء مِنْ زِيّ غَيْر الْمُسْلِمِينَ . أه . انظر عون المعبود شرح سن أبي داود .
والتشبه بالكفار على قسمين :
تشبه محرَّم ، وتشبه مباح .
القسم الأول : التشبه المحرّم : وهو فعل ما هو من خصائص دين الكفار مع علمه بذلك ، ولم يرد في شرعنا .. فهذا محرّم ، وقد يكون من الكبائر ، بل إن بعضه يصير كفراً بحسب الأدلة .
سواء فعله الشخص موافقة للكفار ، أو لشهوة ، أو شبهة تخيل إليه أنّ فعله نافع في الدنيا والآخرة .
فإن قيل هل من عمل هذا العمل وهو جاهل يأثم بذلك ، كمن يحتفل بعيد الميلاد ؟
الجواب : الجاهل لا يأثم لجهله ، لكنه يعلّم ، فإن أصر فإنه يأثم .
القسم الثاني : التشبه الجائز : وهو فعل عمل ليس مأخوذاً عن الكفار في الأصل ، لكن الكفار يفعلونه أيضاً . فهذا ليس فيه محذور المشابهة لكن قد تفوت فيه منفعة المخالفة .
" التشبه بأهل الكتاب وغيرهم في الأمور الدنيوية لا يباح إلا بشروط
1- أن لا يكون هذا من تقاليدهم وشعارهم التي يميّزون بها .
2- أن لا يكون ذلك الأمر من شرعهم ويثبت ذلك أنه من شرعهم بنقل موثوق به ، مثل أن يخبرنا الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله أو بنقل متواتر مثل سجدة التحية الجائزة في الأمم السابقة .
3- أن لا يكون في شرعنا بيان خاص لذلك ، فأما إذا كان فيه بيان خاص بالموافقة أو المخالفة استغنى عن ذلك بما جاء في شرعنا .
4- أن لا تؤدي هذه الموافقة إلى مخالفة أمر من أمور الشريعة .
5- أن لا تكون الموافقة في أعيادهم .
6- أن تكون الموافقة بحسب الحاجة المطلوبة ولا تزيد عنها ."
انظر كتاب السن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار لسهيل حسن ص 58- 59.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
يريدون الزواج على الطريقة الهندوسية
أسأل الله أن يهدي المؤمنين الذين يقلدون الكفار ، زواج أختي قريب وقررت أن تقيم حفلاً قبل الزواج يسمى هولود ، وهو احتفال قبل الزواج حيث تجلس الزوجة على كرسي وبقربها فواكه وطعام ، ويحضر الرجال والنساء ليطعموها ، ثم يضعون الهولود وهي زينة توضع على الرأس ، هذا من تقاليد الهندوس وقلدهم المسلمون في جنوب آسيا في هذه الأيام .
والداي وافقا على هذا وكذلك أختي ، أرجو أن تدعو الله أن يهدي المسلمين حتى لا يصروا على فعل المعاصي ويدخلهم الله الجنة.
الحمد لله
أولاً :
واضح من السؤال أن فيه مخالفتين شرعيتين ، الأولى منهما : التشبه بالهندوس الكفار ، ولا يجوز للمسل أن يتشبه فيما هو من خصائصهم كبعض الألبسة والاحتفالات والأعياد وغيرها .
ومن الحِكَم في منع المشابهة للكفار : حتى لا يؤثر ذلك على باطن المتشبه ، لأن الذي يتشبه بالقوم من الخارج فإن ذلك يؤثر فيه من الداخل حتى يكاد يرى نفسه ذات المشبّه به ، ولكي يتميز المسلم من الكافر حتى لا يهان المسلم ولا يعظم الكافر .
وفي مثل هذا يقول الشيخ ابن عثيمين حفظه الله – مبيناً حال الذين يلبسون الزنار في الوسط ( وهو حزام كان خاصاً بغير المسلمين فيما سبق ) – :
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : أقل أحوال هذا الحديث التحريم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم .
إذاً فلا يقتصر على الكراهة فقط لأننا نقول : إن العلة في ذلك أن يشابه زنار النصارى فإن هذا يقتضي أن نقول : إنه حرام لقول الرسول صلى عليه الله وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " ، وليس المعنى أنه كافر ، لكن منهم في الزي والهيئة ، ولهذا لا تكاد تفرق بين رجل متشبه بالنصارى في زيِّه ولباسه وبين النصراني ، فيكون منهم في الظاهر .
قالوا : وشيء آخر وهو : أن التشبه بهم في الظاهر يجر إلى التشبه بهم في الباطن ، وهو كذلك ؛ فإن الإنسان إذا تشبه بهم في الظاهر : يشعر بأنه موافق لهم ، وأنه غير كاره لهم ويجره ذلك إلى أن يتشبه بهم في الباطن ، فيكون خاسراً لدينه …
فالصواب : أن لبسه حرام .
" الشرح الممتع " ( 2 / 192-193 ) .
وفي جواب السؤال ( 21694 ) تجد تفصيلاً لحكم التشبه بالكفار وضوابطه .
ثانياً :
والمنكَر الثاني في الحفل المذكور في السؤال هو دخول الرجال على العروس ، وهي في زينتها ، واختلاط الرجال بالنساء فيه ، وكلاهما محرَّم .
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو قال الحمو الموت " .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2173 ) .
قال النوي :
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه : أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا : أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت ، وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم وعادة الناس المساهلة فيه ، ويخلو بامرأة أخيه ، فهذا هو الموت ، وهو أولى بالمنع من أجنبي لما ذكرناه فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث .
" شرح مسلم " ( 14 / 153 ) .
وتجد التوسع في الكلام عن الاختلاط في جواب السؤال ( 1200 ) فلينظر .
ونسأل الله تعالى أن يهدي أهلك والمسلمين إلى ترك المنكرات وبغضها وإلى ما فيه الخير والهدى والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الاستفادة مما عند الكفار
كيف نستفيد مما عند الكفار دون الوقوع في المحظور ؟ وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " الذي يفعله أعداء الله وأعداؤنا وهم الكفار ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : عبادات .
القسم الثاني : عادات .
القسم الثالث : صناعات وأعمال .
أما العبادات : فمن المعلوم أنه لا يجوز لأي مسلم أن يتشبه بهم في عباداتهم ، ومن تشبه بهم في عباداتهم فإنه على خطر عظيم فقد يكون ذلك مؤدياً إلى كفره وخروجه من الإسلام .
وأما العادات : كالباس وغيره فإنه يحرم أن يتشبه بهم لقول النبي صلى الله عليكم وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " .
وأما الصناعات والحِرَف : التي فيها مصالح عامة فلا حرج أن نتعلم مما صنعوه ونستفيد منه، وليس هذا من باب التشبه ، ولكنه من باب المشاركة في الأعمال النافعة التي لا يعد مَن قام بها متشبهاً بهم .
وأما قول السائل : " وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟ ".
فنقول : إن المصالح المرسلة لا ينبغي أن تجعل دليلاً مستقلاً ، بل نقول : هذه المصالح المرسلة إن تحققنا أنها مصلحة فقد شهد لها الشرع بالصحة والقبول وتكون من الشرع .
وإن شهد لها بالبطلان فإنها ليست مصالح مرسلة ولو زعم فاعلها أنها مصالح مرسلة .
وإن كان لا هذا ولا هذا فإنها ترجع إلى الأصل ، إن كانت من العبادات فالأصل في العبادات الحظر ، وإن كانت من غير العبادات فالأصل فيها الحل ، وبهذا يتبين أن المصالح المرسلة ليست دليلاً مستقلاً . "
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/40 .
حكم فرق لشعر رأسها وعمل ما يسمى بالكعكعة
ما حكم عمل تسريحة للشعر أثناء حفلات الأعراس ؟ أي رفعه وما حكم ذلك بالنسبة للعروس لأنه في الغالب تعمل العروس تسريحة في ليلة زفافها ؟.
الحمد لله
لا حرج على في تسريح شعرها وتزينه في ليلة زفافها ، بل ذلك أمر حسن مطلوب ، ولا حرج في إعانتها على ذلك ، بشرط ألا يكون في ذلك تشبه بالكافرات أو الفاجرات ، والمقصود بالتشبه أن تكون تسريحة الشعر مما عُلم اختصاص الكافرات بها ، أو عرف أنها قصة فلانة من الكافرات أو الفاجرات ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) وصحه الألباني في صحيح الجامع الصغير. وقد سبق ذكر ضابط التشبه الممنوع في جواب السؤال رقم ( 32533 )
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن اقتباس تسريحات الشعر من النساء العارضات للأزياء ؟ وهل يدخل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم "
فأجاب: ( كذلك مسألة الشعر ، فإنه لا يجوز للمرأة أن تصف شعرها على صفة شعر الكافرات أو الفاجرات لأن من تشبه بقوم فهو منهم .
وبهذه المناسبة فإني أنصح نساءنا المسلمات المؤمنات وأنصح أولياء أمورهن بالبعد عن هذه المجلات وعن هذه التسريحات التي تدعو للتلقي عن الكفار ومحبة ما هم عليه من الألبسة الخليعة التي لا تمت إلى الحياء ولا الشريعة الإسلامية بصلة . أو الموضات التي يكون عليها تسريح الشعر ، وليكن المسلمون متميزين عن غيرهم لما تقتضيه الشريعة الإسلامية ، وبالطابع الإسلامي حتى يعود للأمة الإسلامية عزتها وكرامتها ومجدها وما ذلك على الله بعزيز)
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (م12) سؤال رقم 188
وأما رفع الشعر إلى أعلى ، أو جعله كعكعة فوق الرأس ، أو فرقه من الجنب ، فقد منع ذلك بعض أهل العلم ، لعلة التشبه بالكافرات ، ومنهم من أدخل " الكعكعة" في الذم الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم ( 2128 ).
ولو فرض أن فرق الرأس من الجنب مثلا ، كان شعارا للكافرت أو الفاجرات في زمن ، ثم زال هذا الاختصاص ، وانتشر بين المسلمات ، بحيث لا يُظن بفاعلته أنها كافرة أو فاجرة ، فقد زال التشبه حينئذ ، فلا يكون محرّماً .
قال الحافظ في الفتح 1/307 في كلامه على " المياسر الأرجوان " وهو فراش صغير أو شيء كالمخدّة يجعله راكب الفرس تحته ، وكانت من فعل الأعاجم : ( وإن قلنا النهي عنها من أجل التشبه بالأعاجم ، فهو لمصلحة دينية ، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار ، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال المعنى ، فتزول الكراهة . والله أعلم ) ا.ه
وقال أيضا ردا على من جعل لبس الطيلسان ( وهو نوع من الثياب ) من التشبه ، لأنه من لباس اليهود كما في حديث الدجال ، قال رحمه الله : ( وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم ، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح" فتح الباري 10/274 . وقد نقلنا عن غيره ما يؤيد ذلك ، في الجواب المحال عليه آنفا . والله أعلم .
وهذه فتاوى العلماء في عمل الكعكعة وفرق شعرها من الجنب
جاء في فتاوى الجنة الدائمة 17/126 :
ما حكم عمل الرأس فرقة من الجنب ، وعمله ضفيرة واحدة فقط، وعمله كعكعة ؟ تقصد بذلك التجمل لزوجها أو تقصد إظهارها بالمظهر الائق ؟
أما عمل الرأس فرقة من الجنب في ذلك تشبه بنساء الكفار، وقد ثبت تحريم التشبه بالكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما عمله ضفيرة واحدة أو أكثر وسدله على ظهرها مضفورا أو غير مضفور فلا حرج فيه ما دام مستورا .
وأما عمله كعكعة فلا يجوز؛ لما فيه من التشبه بنساء الكفار، والتشبه بهن حرام، ولتحذير النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله : " " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رؤوسهن مثل أسنة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه أحمد ومسلم ).
وسئل الشيخ الفوزان حفظه الله :
( ما حكم فرق شعر الرأس من الجانب وليس من الوسط ؟
فأجاب :
( لا يجوز للمرأة أن تفرق رأسها من الجانب . قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " وأما ما يفعله بعض نساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا، أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج ، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من التشبه بنساء الكفار" انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 1/47 ) انتهى من المنتقى 3/321
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( ما حكم وضع الحشوى داخل الرأس أي ما حكم تجميع لشعرها فوق الرأس أو ما يسمونه بوضع الكعكة ؟
الشعر إذا كان على الرأس على فوق فإن هذا عند أهل العلم داخل في النهي أو في التحذير الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد" وذكر الحديث وفيه " ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة" . فإذا كان الشعر فوق فيه نهي . أما إذا كان على الرقبة مثلا فإن هذا لا بأس به إلا إذا كانت ستخرج إلى السوق فإنه في هذه الحال يكون من التبرج لأنه سيكون له علامة من وراء العباءة تظهر ، ويكون هذا من باب التبرج ومن أسباب الفتنة فلا يجوز )
انتهى نقلا عن فتاوى ، جمع المسند ص 218.
الإسلام سؤال وجواب
حكم ارتداء قلادة تشبه الصليب
(أنا شاب) لي صديقة مسلمة ترتدي قلادة عنق متدلية تشبه الصليب. وهي عبارة عن المفتاح الفرعوني الذي يسمى مفتاح سر الحياة ويبدو مثل دائرة عليها حرف t مما يجعله يشبه الصليب. فهل هذه القلادة حرام أم أنها مباحة ولا داع أن تقلق صديقتي بشأنها ما دامت القلادة ليست صليبًا في ذاتها ؟.
الحمد لله
أولا :
هذه القلادة يحرم لبسها ؛ لأنها على صورة المفتاح الفرعوني ، ومعلوم أن الفراعنة كانوا كفارا ، ولا يجوز للمسل أن يلبس شيئا فيه شعار من شعارات الكفار ، أو شيء مما يختصون به ، فإذا انضم إلى ذلك أنها على هيئة الصليب الذي يعبده النصارى ، كان هذا سببا آخر مؤكدا لتحريمها .
ورد النهي عن استعمال ما فيه صليب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقض ما فيه الصليب ، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ الَّهُ عَنْهَا قالت : " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلا نَقَضَهُ " . رواه البخاري (5952)
هذا مع ما في لبس هذه القلادة من تشبه بالكفار ، وهو منهي عنه بكثير من الأحاديث والآثار نذكر منها فيما يلي أهمها :
1-قال النبي صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود ( 3512 ) وصحه الألباني .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : "وهذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ‘ وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم " . اقتضاء الصراط المستقيم 1/237 .
2-عن عَبْدَ الَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : رَأَى رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ " إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا " رواه مسلم ( 2077 )
يقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد (10/19) : " هذا الحديث يدل بالنص الصريح على حرمة التشبه بالكفار في الملبس ، وفي الحياة والمظهر ، ولم يختلف أهل العلم منذ الصدر الأول في هذا " اه.
قال ابن تيمية – رحمه الله- : " المشابهة في الأمور الظاهرة تورث تناسبا وتشابها في الأخلاق والأعمال ولهذا نهينا عن مشابهة الكفار ومشابهة الأعاجم ومشابهة الأعراب ونهى كل من الرجال والنساء عن مشابهة الصنف الآخر كما في الحديث المرفوع : ( من تشبه بقوم فهو منهم " اه. مجموع الفتاوى 22 / 154 .
ويتلخص مما سبق أن تلك القلادة لا يجوز لبسها .
وسئلت الجنة الدائمة للإفتاء عن المشابهة المنهي عنها بالكفار فأجابت : " المراد بمشابهة الكفار المنهي عنها مشابهتهم فيما اختصوا به من العادات وما ابتدعوه في الدين من عقائد وعبادات ، كمشابهتهم في حلق الحية … وما اتخذوه من المواسم والأعياد والغلو في الصالحين بالاستغاثة بهم والطواف حول قبورهم والذبح لهم ، ودق الناقوس وتعليق الصليب في العنق أو على البيوت أو اتخاذه وشما باليد مثلا… ) فتاوى الجنة الدائمة 3/429 . كما سئلت عن المسلم الذي يلبس الصليب فأجابت : " إذا بُيِّن له حكم لبس الصليب وأنه شعار النصارى ، ودليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم والرضا بما هم عليه وأصر على ذلك حُكِم بكفره ؛ لقوله عز وجل ) وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ الَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 ، وفيه أيضا إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى عليه الصلاة والسلام ، والله سبحانه تعالى قد نفى ذلك وأبطله في كتابه الكريم حيث قال عز وجل : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) النساء/157 " . فتاوى الجنة الدائمة 2/119 .
ثانيا :
قد ذكر السائل أشار في سؤاله أن العلاقة بينه وبين تلك الفتاة علاقة صداقة ، والظاهر أن هذه العلاقة بينهما تقوم على غير نطاق الزواج ، وهي علاقة محرمة لا يقرها الإسلام ؛ إذ لا يجوز للرجل أن يقيم علاقةً مع امرأة أجنبية وكذلك لا يجوز للمرأة أن تقيم علاقةً مع رجل أجنبي، لما في ذلك من الوقوع فيما حرم الله من الخضوع بالقول أو النظر أو المس أو الخلوة أو الفاحشة، ولما فيه من إفساد القلب وإفساد تعلقه بالله وبعوديته له حتى لو لم تحصل بينهما فواحش حسية.
وقد استقصينا الكلام في هذا الموضوع وفي جواب سؤال رقم فليراجع (20945 ، 33702 ، 47031 ) هناك .
الإسلام سؤال وجواب
ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟
كيف كان المسلمون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يميزون أنفسهم عن الكفار في الباس ؟ هل كان كفار مكة يلبسون هم أيضا الثوب الطويل ( الذي يعرف اليوم بالجلابية ) ؟ وبناء على ذلك هل يعتبر الثوب الواسع من الملابس الائقة إسلاميّا ؟.
الحمد لله
الباس من نعم الله تعالى على عباده ، فهي تستر العورة وتقي الحر والبرد ، وقد امتن الله به عليهم فقال : ( يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ الَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) الأعراف/26 ، وقال : ( وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ) النحل/81 .
والأصل في الباس الإباحة ، فلمسلم أن يلبس ما يشاء مما يصنعه هو أو يصنعه له غيره من المسلمين وغيرهم ، وهذا هو حال الصحابة رضي الله عنهم في مكة وفي غيرها ، فلم يكن من يُسلم منهم يلبس لباساً خاصّاً به ، وكان النبي صلى الله صلى الله عليه يبلس الجبة الشامية والحلة اليمنية ، ولم يكن أهل صناعتهما من المسلمين ، فالعبرة بموافقة الباس للشروط الشرعية ، وتجد في جواب السؤال رقم ( 36891 ) ملخصاً لأحكام الباس بالنسبة للرجال ، فلينظر .
وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار عموماً – في الباس وغيره – ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود ( 4031 ) وصحه العراقي في "تخريج إحياء علوم الدين" (1/342) والألباني في "إرواء الغليل" (5/109) .
ونهانا نهياً خاصاً عن : التشبه بهم في الباس ، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال له : ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) رواه مسلم ( 2077 ) .
و روى مسلم (2069) عن عمر رضي الله عنه أنه كتب للمسلين في أذربيجان : ( إياكم والتنعم وزي أهل الشرك ) رواه مسلم ( 2069 ) .
وثياب الكفار التي يحرم على المسلمين لبسها هي ما يختص بلبسه الكفار , فلا يلبسها غيرهم , أما ما يلبسه الكفار والمسلمون , فلا حرج في لبسه ولا كراهية فيه ، لأنه ليس خاصاً بالكفار .
وقد سئل علماء الجنة الدائمة للإفتاء عن المشابهة بالكفار المنهي عنها فأجابوا :
" المراد بمشابهة الكفار المنهي عنها : مشابهتهم فيما اختصوا به من العادات ، وما ابتدعوه في الدين من عقائد وعبادات ، كمشابهتهم في حلق الحية … .
أما لبس البنطلون والبدلة وأمثالهما من الباس ، فالأصل في أنواع الباس الإباحة ، لأنَّهُ من أمور العادات ، قال تعالى : ( قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) الآية ، ويستثنى من ذلك ما دلَّ الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال ، والذي يصف العورة لكونه شفافاً يُرى من ورائه لون الجلد ، أو كونه ضيقاً يحدد العورة ، لأنه حينئذ في حكم كشفها , وكشفها لا يجوز ، وكالملابس التي هي من سيما الكفار فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء , لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم ، وكلبس الرجال ملابس النساء , ولبس النساء ملابس الرجال , لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال .
وليس الباس المسمى بالبنطلون مما يختصُّ بالكفار ، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول ، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الإلف ومخالفة عادة سكانها في الباس ، وإن كان ذلك موافقاً لعادة غيرهم من المسلمين ، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك الباس ألاَّ يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات " انتهى .
" فتاوى الجنة الدائمة " ( 3 / 307 – 309 ) .
وقالوا أيضاً :
" يجب على المسلمين والمسلمات أن يحرصوا على الأخلاق الإسلامية ، وأن يسيروا على منهج الإسلام في أفراحهم وأتراحهم ولباسهم وطعامهم وشرابهم وجميع شؤونهم .
ولا يجوز لهم أن يتشبَّهوا بالكفار في لباسهم بأن يلبسوا الملابس الضيقة التي تحدِّد العورة ، أو الملابس الشفافة الرقيقة التي تشف عن العورة ولا تسترها ، أو الملابس القصيرة التي لا تغطي الصدر أو الذراعين أو الرقبة أو الرأس أو الوجه " انتهى .
" فتاوى الجنة الدائمة " ( 3 / 306 ، 307 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن مقياس التشبُّه بالكفار ؟
فأجاب :
" مقياس التشبه : أن يفعل المتشبِّه ما يختص به المتشبَّه به ، فالتشبُّه بالكفار أن يفعلَ المسلم شيئاً من خصائصهم .
أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبُّهاً ، فلا يكون حراماً من أجل أنَّه تشبّه إلاَّ أن يكون محرَّماً من جهة أخرى .
وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة ، وقد صرَّح بمثله صاحب "فتح الباري" حيث قال (10/272) : " وقد كره بعض السلف لبس البرنس ؛ لأنَّهُ كان من لباسِ الرهبانِ ، وقد سئل مالكٌ عنه فقال : لا بأس به ، قيل : فإنَّهُ من لبوس النصارى ، قال : كان يلبس ههنا " انتهى . قلت : لو استدلَّ مالك بقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل ما يلبس المحرم ؟ فقال : ( لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرانس … ) لكان أولى .
وفي "الفتح" أيضاً (10/307) : " وإن قلنا النهي عنها ( أي : عن المياثر الأرجوان ) من أجل التشبُّه بالأعاجم : فهو لمصلحة دينية ، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار ، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى ، فتزول الكراهة ، والله أعلم " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / 290) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" وتباح ثياب الكفار إذا لم تعلم نجاستها ؛ لأن الأصل الطهارة ؛ فلا تزول بالشك ، ويباح ما نسجوه أو صبغوه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وصبغوه " انتهى .
" الملخص الفقهي " ( 1 / 20 ) .
وخلاصة الجواب : أنه يحرم على المسلم أن يتشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم من الباس وغيره , أما ما لا يختص به الكفار فلا حرج فيه .
والله أعلم .