مفهوم الذات وعلاقته بممارسة آليات الدفاع النفسي وبعض الأعراض العصابية لدى طلبة السنة
تعتبر مرحلة المراهقة بصفة خاصة ، مرحلة ضغوط شديدة ، ونتيجة لذلك يتوقع أن يحدث فيها تقلبات في مفهوم الذات . وخاصة في نهاية هذه المرحلة ، والتي تأتي في نهاية مرحلة الدراسة الجامعية . حيث أصبح الفرد خلالها يتمتع بارتباطات متعددة ، قد تؤثر في سلوكه . فالمجتمع الذي حوله يطالبه بدوره كمواطن ، والمهنة التي يعد لها نفسه تتطلب منه تحمل مسئوليته نحو مواجهة المستقبل ، والأسرة التي يعيش فيها تضع له أهدافاً جديدة صعبة المنال.
وعليه فإن فهم طبيعة الذات في هذه المرحلة ، والتعرف على مدى ممارسة الحيل الدفاعية ، ومدى انتشار الأعراض العصابية بين هذه الفئة من الشباب ، يعتبر من الأمور الجديرة بالدراسة . وخاصة وأن بعض الدراسات تشير نتائجها إلى أن الأعراض العصابية أكثر ظهوراً عند الأفراد المثقفين ، وأنها تظهر في العقد الثالث من العمر.
مشكلة البحث :-
مشكلة البحث في معرفة علاقة مفهوم الذات ، بممارسة الحيل الدفاعية وظهور بعض الأعراض العصابية . وذلك من خلال دراستها على عينة من طلاب وطالبات السنة النهائية بجامعة المرقب.
أهمية البحث :-
أهمية هذا البحث قد نبعت من كون نتائجه قد تفيد في التعرف على جانب من جوانب شخصية الطالب الجامعي ، باعتبار أن مفهوم الذات يعد مؤشراً نفسياً واجتماعياً ريمكن من خلاله فهم الشخصية ، والتنبؤ بسلوك الأفراد ، كذلك تفيد نتائج هذا البحث المهتمين بالتربية ، والمشتغلين في مجال التوجيه والإرشاد ، وتساعدهم في اتخاذ الإجراءات التي تستهدف تنمية مفهوم موجب الذات لدى الشباب ، بغية إعداد جيل خال من الأمراض النفسية والعقلية.
ويجدر بالذكر أن هذه الدراسة تقدم ثلاثة مقاييس ، من إعداد الباحث واستمارة للخلفية الشخصية والأسرية والاجتماعية ، وهي جميعاً قد تصلح للتطبيق على أكثر من فئة من فئات المجتمع العربي بعد تقنينها . والمقاييس هي : مقياس مفهوم الذات ، ومقياس الأعراض العصابية ، ومقياس ممارسة الحيل الدفاعية.
ومن ضمن ماتم التوصل إليه من نتائج مايلي :-
أولاً : النتائج المتعلقة بالسؤال الأول للبحث : والذي مؤداه " ما مدى ارتباط متغيرات الخلفية الشخصية والثقافية والاجتماعية لدى أفراد عينة البحث بدرجاتهم على مقياس مفهوم الذات ومقياس الأعراض العصابية ومقياس الحيل الدفاعية ؟"
فيما يتعلق بمتغير الجنس تبين أنه لاتوجد علاقة بين متغير الجنس ومفهوم الفرد عن ذاته . واتضح أن أعراض الخوف والقلق والاكتئاب والسمات الهستيرية أكثر إنتشاراً بين الإناث . وعموماً فإن الإناث أيضاً أكثر شعوراً بالوسواس القهري وبتوهم المرض وممارسة الحيل الانسحابية والابدالية من الذكور ، ولكن بفروق غير دالة معنوياً . وهنا قد يتبادر للذهن بعض الأسئلة مثل : لماذا تعاني الإناث الأعراض العصابية أكثر من الذكور ؟ ولماذا تنتشر الحيل العدوانية بين الذكور أكثر من الإناث ؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة تحتاج إلى أبحاث أكثر تعمقاً ، وتخصصاً ، وتكون موجهة لقياس مثل هذه القضايا.
وبصدد متغير التخصص ، اتضح أن طلاب التخصصات الأدبية أكثر إيجابية في مفهوم الذات المدرك والاجتماعي ، وأنهم أقل اكتئاباً وأكثر ممارسة للحيل الإنسحابية والعدوانية ، وأنهم أكثر خوفاً وشعوراً بالوسواس القهري ويتسمون بالهستيريا وبممارسة الحيل الابدالية ولكن بفروق غير دالة معنوياً . وأن طلاب التخصصات العلمية أكثر قلقاً وتوهماً للمرض ولكن بفروق غير دالة معنوياً . وبصدد هذه النتائج يتساءل الباحث : لماذا يرتبط مفهوم الذات بممارسة الحيل الدفاعية وامتلاك السمات الهستيرية ، والشعور بالوسواس القهري والخواف ؟ وهل يتوجب على من يتمتع بمفهوم ذات إيجابي أن يمارس الحيل الدفاعية ويمتلك السمات الهستيرية ، ويعاني من الوسواس القهري والخواف ؟ تحتاج الإجابة عن مثل هذه الأسئلة إلى أبحاث أكثر تخصصاً في تقصي الحقائق الكامنة وراء هذه القضايا.
وبصدد هذه النتائج يتضح أن بعضها جاء في غي الاتجاه المتوقع . فقد تبين أن ارتفاع تعليم الوالدين يرتبط بانخفاض مفهوم الذات المدرك والاجتماعي للابن . والمنطقي أنه كلما ارتفع تعليم الوالدين يجب أن يرتفع مستوي مفهوم الذات للابن . ولعل هذا التناقض يرجع إلى خلل في العبارة المتعلقة بقياس مستوي التعليم . حيث كانت متعددة السلالم . وبمعني آخر أنه لوحصرت سلالم المقياس في عبارتي أمي ومتعلم ، لكان من الممكن أن تكون العلاقة موجبة بين مستوي تعليم الوالدين ومفهوم الذات المدرك والاجتماعي .
ثانياً : النتائج المتعلقة بالسؤال الثاني : والذي مؤداه " مامدى إسهام كل بعد من أبعاد مقياس الأعراض العصابية ومقياس ممارسة الحيل الدفاعية في مفهوم الذات ؟
أشارت نتائج الدراسة إلي أن المتغيرات المستقلة ( القلق والاكتئاب ) لها إسهام معنوي في مفهوم الذات بمعني أنه كلما ارتفعت درجة الفرد علي مقياس مفهوم الذات كلما كان ذلك نتيجة لانخفاض درجته علي مقياس القلق ومقياس الاكتئاب ، حيث بلغ إسهامهما علي التوالي – 44% ، 09% في حين أنه كلما ارتفعت درجة الفرد علي مقياس مفهوم الذات كان ذلك نتيجة لارتفاع درجته علي مقياس الوسواس القهري ومقياس الهستيريا ، حيث بلغ إسهامهما علي التوالي 30% ، 68% .
أما بالنسبة لأعراض الخواف وتوهم المرض فقد أشارت النتائج وجود إسهام معنوي لهما في الثأتير علي إدراك الفرد لذاته وللآخرين
وفيما يتعلق بممارسة الحيل الدفاعية فقد أشارت النتائج إلى أن الحيل الدفاعية الانسحابية لها إسهام معنوي في مفهوم الذات كان ذلك نتيجة لانخفاض درجته علي مقياس ممارسة الحيل الدفاعية الانسحابية حيث بلغ إسهامهما – 70% في حين انه كلما ارتفعت درجة الفرد علي مقياس مفهوم الذات كان نتيجة لارتفاع درجته علي مقياس ممارسة الحيل الدفاعية العدوانية والابدالية ، حيث بلغ إسهامهما علي التوالي 49 % ، 42 %
ثالثاً : النتائج المتعلقة بالسؤال الثالث للبحث : والذي مؤداه " هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعات الأربعة مجتمعة (( ذكور وإناث التخصصات الأدبية ، وذكور وإناث التخصصات العلمية )) علي مقياس مفهوم الذات ومقياس الأعراض العصابية ومقياس الحيل الدفاعية ؟ وماهي المجموعات الأكثر والأقل درجة علي تلك المقاييس ؟
أشارت نتائج تحليل التباين إلى عدم وجود فروق ذات دلالة معنوية بين المجموعات فيما يتعلق بالذات المدركة والحيل الدفاعية العدوانية والابدالية وتوهم لمرض . وقد جاءت الفروق لصالح مجموعتي الأدبي ( ذكور وإناث )
وعند مستوي دلالة (0.05) بالنسبة للذات الاجتماعية ، وعند مستوي دلالة (0.01) بالنسبة لمقياس الحيل الانسحابية .
وكانت الفروق لصالح مجموعتي الإناث ( أدبي وعلمي ) وعند مستوي دلالة ( 0.05 ) بالنسبة لمقياس الهستيريا والوسواس القهري وعند مستوي دلالة ( 0.01 ) بالنسبة لمقياس الخواف وتوهم المرض والقلق .
وفيما يتعلق بأعراض الاكتئاب فقد كانت الفروق بين المجموعات دالة عند مستوي ( 0.05 ) ولصالح مجموعتي التخصصات العلمية (ذكور وإناث ) .
رابعاً : النتائج المتعلقة بالسؤال الرابع للبحث والذي مؤداه "هل توجد فروق ذات دلالة معنوية بين درجات أفراد العينة وفق متغيري الجنس والتخصص علي مقياس مفهوم الذات ومقياس الأعراض العصابية ومقياس الحيل الدفاعية ؟
تبين أن هناك فروقاً دالة معنوياً عند مستوي ( 0.05 ) بين مجموعتي الأدبي ( ذكوراً وإناثا ) علي مقياس القلق ولصالح مجموعة الإناث . وتبين كذلك وجود فروق دالة معنوياً عند مستوي ( 0.01 ) علي مقياس الخواف المرضي وممارسة الحيل الانسحابية ولصالح الإناث . بينما كانت الفروق غير دالة معنوياً علي بقية المقاييس الأخرى وهي : الذات المدركة والذات الاجتماعية والهستيريا والحيل الدفاعية العدوانية والابدالية .
أما بالنسبة للتخصصات العلمية فقد تبين أن هناك فروقاً دالة معنوياً عند مستوي (0.05) بين مجموعتي العلمي ( ذكوراً وإناثا ) علي مقاييس القلق والوسواس القهري وممارسة الحيل الانسحابية ، ولصالح الإناث . في حين جاءت الفروق دالة معنوياً عند مستوي (0.01 ) بين كلا المجموعتين علي مقياس الخواف المرضي والهستيريا ولصالح الإناث أيضاً . بينما كانت الفروق غير دالة معنوياً علي بقية المقاييس الأخرى وهي : مقياس الذات المدركة والذات الاجتماعية والاكتئاب وتوهم المرض والحيل الدفاعية العدوانية والابدالية .
أما فيما يتعلق بالفروق بين مجموعتي ( العلمي والأدبي ) فقد أشارت نتائج البحث إلى وجود فروق دالة معنوياً عند مستوي (0.01 ) بين مجموعتي العلمي والأدبي علي مقياس الذات المدركة والذات الاجتماعية والوسواس القهري ولصالح التخصصات الأدبية . بينما كانت الفروق غير دالة معنوياً بالنسبة لبقية المقاييس الأخرى .
التوصيات :
في ضوء نتائج البحث يوصي الباحث بالتوصيات التالية والتي قد تساعد علي تحقيق التوافق والانسجام ، وتكوين مفهوم موجب للذات والتوصيات هي :-
<!–[if !supportLists]–>1- <!–[endif]–>العمل علي توعية الوالدين والمربين والقائمين علي عمليات التنشئة الاجتماعية ، بدورهم الهام في تنمية مفهوم الذات السوي والموجب ، والقيام بإرشاد الشباب إلى الطرق المختلفة التي يستطيعون من خلالها التعرف علي قدراتهم وإمكاناتهم من اجل تحقيق التوافق في مختلف مجالات الحياة ز
<!–[if !supportLists]–>2- <!–[endif]–>العمل علي تأسيس وحدة للإرشاد والتوجيه النفسي بالكليات الجامعية وذلك بهدف بحث مشكلات الطلاب النفسية والتربوية والاجتماعية ، ومن تم الوقوف علي الأسباب التي قد تؤدي إلى تكوين مفهوم سلبي للذات ، وتؤدي إلى عدم التوافق .
<!–[if !supportLists]–>3- <!–[endif]–>العمل علي تنمية إمكانات الشباب إلى أقصى حد ممكن ، حتى يتمكنوا من اتخاذ قراراتهم وحل مشاكلهم بأنفسهم ، والوصول إلى تحديد أهدافهم بطريقة واضحة تكفل لهم تحقيق الذات والتوافق النفسي مع أنفسهم ومع الآخرين .
<!–[if !supportLists]–>4- <!–[endif]–>توعية الطلاب وأفراد المجتمع بأسباب المرض النفسي وأعراضه والتفرقة بينه وبين المرض الجسمي . والعمل علي تنمية اتجاهات ايجابية لدي الأفراد نحو المرض النفسي حتى يمكنهم الإفصاح عن تلك الأعراض والتماس العلاج المناسب لها .