يشرح الإختصاصيّ في علم النفس العيادي سامر بالش، عن مشكلة إكتئاب ما بعد الولادة أي البلوز، مفسّراً أسبابها المباشرة وغير المباشرة، ومفصّلاً أعراضها الظاهرة. كما تعطي من جهتها المساعدة الإجتماعية شانتال فرح نصائح لتخطّي هذه المرحلة بأقلّ وطأة ممكنة وتعرض لأبرز الحالات المتفاقمة.
لا يمكن القول إن الإكتئاب الذي قد تعاني منه معظم السيدات مباشرة بعد الولادة هو حالة نفسية مرضيّة، وإنما هو تنفيس عن المشاعر والإرهاق النفسيّ والجسديّ الذي رافقها منذ أيّام الحمل وحتى الإنجاب. ولعلّ السبب الأبرز هو محاولة التأقلم السريعة مع التطوّرات الحاصلة والتغيير الهرموني الذي تختبره السيدة إبّان هذه المرحلة. لذلك، يجب إعتبار الأمر عابراً لكن من دون محاولة إنكاره أو قمعه عنوةً.
يرى بالش أنه «من أبرز أعراض الإكتئاب هذا تعكّر المزاج والقلق، كثرة البكاء، فقدان الشهية، إضطرابات النوم، صعوبة في التركيز، توعّك جسديّ من دون أعراض معيّنة، تعب شديد، نوبات ذعر وتوتر، وإفتقاد إلى الطاقة». ويجب ألا نتناسى أنّ مجهود عمليّة الولادة بحدّ ذاتها يستنفد طاقات الأمّ وتفتقر من بعده إلى الراحة والهدوء والحياة الروتينية التي إعتادتها. وقد لا تجد الأمّ نفسها قادرة على تلبية كل متطلّبات الطفل، والإستجابة لطلباته اذا كان كثير البكاء أو يعاني صعوبة في الرضاعة في الأيام الأولى وهو أمر شائع. كما أنّ كثرة الزوّار والحرمان من النوم ليلاً نهاراً والفوضى التي تعمّ المنزل وبعض «الإنتقادات» والتدخّل المستمرّ من المحيط، قد تؤدي بالسيدة إلى المعاناة من التوتر والكآبة.
إلاّ أنه في بعض الأحيان، قد تنقلب الكآبة العابرة إلى حالة حادّة من الذهان. فإذا ما إستمرّت الأعراض لفترة طويلة وزادت حدّتها وتطوّرت، فلا بدّ من تدخّل طبيّ نفسي.
يقول بالش «عندما تتحوّل حساسيّة الأيام الأولى إلى نوبات هلع متكرّرة وأزمات توتّر، وترافق مع خفقات قلب سريعة وضيق في النفس، فهذه الإشارات الأولى للإنهيار العصبيّ المحتمل. لذلك، لا بدّ من إستشارة المختصين للتغلّب على الأمر والقضاء عليه في مهده قبل تفاقمه». لذلك لا بدّ من التفرقة بين المرحلة الطبيعيّة التي يمكن أن تمرّ بها كلّ سيدة مولدة، وبين ما قد يتطوّر إليه الأمر في حال الإهمال النفسيّ.
تشير فرح إلى أنه «من المهمّ الطلب من الغير رعاية الطفل لبعض الوقت للتمع بقسط من الراحة أثناء النهار. وعندما تحسّ الوالدة بالشوق إلى الرضيع، يمكنها محاولة الإهتمام به بفرح وإفادة للإثني، من خلال تكريس وقت خاص للعب والإستحمام أو حتى عند الغناء له والتمدّد إلى جانبه. فهذا من شأنه أن يوطّد العلاقة ويجعل الأمور تنساب بسهولة أسرع لتنسى الأم بعد فترة كلّ المعاناة التي مرّت بها وكلّ التوتر الذي عاشته. فالأمر طبيعيّ ولا أحد بمنأى عنه».
خطوات بسيطةيقدّم الإختصاصيون بضع نصائح تساعد الوالدة على التغلّب على فترة البلوز العصيبة التي قد تمرّ بها. والأهمّ أن تتأكّد أنها ليس "مجنونة" أو "غير طبيعية" أو لا تحبّ طفلها بسبب الأنانية المفرطة. فهذه خطوات سهلة تساهم في تسهيل المرحلة الاحقة للولادة:<strong>/p
- التعبير عن المشاعر بكلّ وضوح وصراحة وطلب المساندة والدعم المعنويّ.
- الإتصال بأشخاص يمكنهم المساعدة في القيام بالأعمال المنزلية والمهمّات وحتى رعاية الطفل.
- تكريس وقت خاص للأم للراحة النفسية.
- والجسدية خلال فترات منتظمة من النهار.
- إيجاد الوقت لفعل شيء خاص بالأم من تأمل أو قراءة أو ممارسة المشي أو أخذ حمّام، على الأقلّ لنصف ساعة يومياً.
- التنفيس عن الأفكار والمشاعر عبر الحفاظ على يوميات وإعادة قراءة المذكّرات من فترة إلى أخرى لملاحظة التطوّر الحاصل.
- وضع حدّ للتدخّلا المزعجة من الآخرين بكلّ صراحة ولباقة.
- التحدّث مع إختصاصيّ اذا لزم الأمر للحصول على المساعدة المطلوبة.
- الإهتمام بالشكل الخارجيّ عبر الخضوع للتدليك، أو تصفيف الشعر أو وضع الماكياج والحصول على العناية بالبشرة.
- ممارسة الرياضة الخفيفة قدر المستطاع من مشي أو هرولة أو أيروبيك أو يوغا لتخفيف التوتر.
- الجلوس مع الشريك وتبادل الحديث ومحاولة إعادة الحياة إلى ما كانت عليه.
- الخروج بنزهات قصيرة مع الطفل والزوج لتنشّق الهواء النقيّ.
- محاولة أكل وجبات صغيرة على فترات منتظمة للمحافظة على الصحة والنشاط.
العفو حبوبة
مشكورة على المرور