يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مشروعية رفع اليدين في الدعاء :
هذا على ثلاثة أقسام:
…القسم الأول: ما ورد فيه رفع اليدين .
والقسم الثاني: ماورد فيه عدم الرفع.
والقسم الثالث: مالم يرد فيه شيء.
فمثال القسم الأول: إذا دعا الخطيب باستسقاء، أو استصحاء فإنه يرفع يديه والمأمومون كذلك،لما رواه البخاري في حديث أنس رضي الله عنه (( في قصّة الأعرابي الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة أن يستسقي فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون)) أخرجه البخاري
ومما جاء في السنة رفع اليدين في القنوت في النوازل أو في الوتر. وكذلك رفع اليدين على الصفا وعلى المروة، وفي عرفة، وما أشبه ذلك فالأمر في هذا واضح.
الثاني: ماورد فيه عدم الرفع كالدعاء حال خطبة الجمعة في غير الاستسقاء والاستصحاء، فلو دعا الخطيب للمؤمنين والمؤمنات أو لنصر المجاهدين في خطبة الجمعة فإنه لايرفع يديه، ولو رفعهما لأنكر عليه، ففي صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: "قبح الله هاتين اليدين،لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد أن يقول بيده هكذا.وأشار بإصبعه المسبحة"أخرجه مسلم، وكذلك رفع اليدين في دعاء الصلاة كالدعاء بين السجدتين، والدعاء بعد التشهّد الأخير ،وما أشبه ذلك، هذا أيضاً أمره ظاهر.
الثالث: ما لم يرد فيه الرفع ولا عدمه: فالأصل الرّفع لأنه من آداب الدعاء ومن أسباب الإجابة، قال النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحْيِيْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهَ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً"أخرجه ابوداود والترمذي.
لكن هناك أحوال قد يُرَجَّحُ فيها عدم الرّفع وإن لم يرد كالدعاء بين الخطبتين مثلاً،فهنا لا نعلم أن الصحابة كانوا يدعون فيرفعون أيديهم بين الخطبتين، فرفع اليدين في هذه الحال محلّ نظر، فمن رفع على أن الأصل في الدعاء رفع اليدين فلا يُنْكَرُ عليه، ومن لم يرفع بناءً على أن هذا ظاهر عمل الصحابة فلا ينكر عليه،فالأمر في هذا إن شاء الله واسع)