الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
و على آله و صحبه و التابعين
و بعد
من نتائج إطلاق البصر
ذريعة للفساد :
أيها الإخوة الكرام .. إطلاق البصر سببٌ لأعظم الفِتَن، فكم فسد بسبب النظر من عابد،
وكم انتكس بسببه من شابٍ كان طائعاً لله، وكم وقع بسببه أناس في الزنا والفاحشة، والعياذ بالله،
العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره، غض القلب شهوته وإرادته،
وإذا أطلق العبد بصره، أطلق القلب شهوته وإرادته،
ونُقِشَت فيه تلك المبصرات فشغل بها عن التفكر في رب الأرض والسماوات.
وقوع الهوى في القلب :
لما كان إطلاق البصر سببا لوقوع الهوى في القلب، أمر الشارع
الحكيم، في أعلى مرتبات النصوص في القرآن الكريم، بغض البصر، وحينما تجد في
القرآن الكريم آيةً صريحة واضحة الدلالة قطعية المعنى، تأمر بغض البصر، معنى ذلك
أن الموضوع خطير جداً .
,
الأمر بغض البصر
يقول الله عز وجل :
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ ( سورة النور )
خالق السماوات والأرض يقول : ﴿ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ ( سورة النور )
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: " أمر الله نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم
وحفظ فروجهم، وأن يُعْلِمَهم أنه مشاهدٌ لأعمالهم مطلع عليها ".
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ ( سورة النور )
ولما كان مبدأ ذلك من قِبَلِ البصر، جعل الأمر بغضِّه مقدَّم على حفظ الفرج ..
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ ( سورة النور )
الحوادث مبدؤها من النظر
طريق حفظ الفرج غض البصر، فإن كل الحوادث مبدؤها من النظر، ومعظم النار من مستصغر الشرر، تكون نظرةٌ، ثم خطرةٌ، ثم خطوةٌ، ثم خطيئة ،
قيل : النظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولِد الخطرة،
ثم تولد الخطرة الفكرة، ثم تولد الفكرة الشهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة ، فيقع الفعل .
وهذه حكمة بالغة : " الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده "..
,
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتلك السهام بلا قوس ولا وتــر
والـعبد ما دام ذا عين يقلِّبها في أعين الغيد موقوف على الخطـر
يصر مقلته ما ضر مـــهجته لا مرحباً بسرورٍ عاد بالضــرر
الأدلة النبوية على خطورة وفتنة إطلاق البصر
كما تعوَّدنا لا تقبل شيئاً إلا بالدليل، ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل، فماذا قال النبي عليه
أتم الصلاة والتسليم في موضوع غض البصر ؟ يقول عليه الصلاة والسلام :
(( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجل من النساء )) ( متفق عليه )
وهذا من أعلى مراتب الحديث الشريف، متفق عليه، اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم.
(( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجل من النساء ))
وقال عليه الصلاة والسلام :
(( فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) ( رواه مسلم )
وعن جرير بن عبد الله قال :
(( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري )) ( رواه مسلم )
وعند أبي داود قال له : (( اصرف بصرك ))
وقال عليه الصلاة والسلام:
(( يا عليّ، لا تتبع النظرة النظرَة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة ))
رواه الترمذي وأبو داود، وحسنه علماء الحديث المعاصرون.
وقال صلى الله عليه وسلم :
(( العينان تزنيان وزناهما النظر )) ( متفق عليه ) .
ماذا بعد الحق إلا الضلال ، ماذا بعد هذه الأحاديث الشريفة الصحيحة ، في أعلى مراتبها ؟!!
,
و تذكروا قول الله عز وجل : ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) .
قال أحمد بن حنبل : " كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل ".
البلابل جمع [ بَلْبَلَة ] لا جمع بُلْبُل،
فرق كبير بين البلابل التي هي جمع بلبلة وبين البلابل التي هي جمع بلبل.
,
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إياكم والجلوس في الطرقات . فقالوا : ما لنا بد ،
إنما هي مجالسنا نتحدث فيها . قال : فإذا أبيتم إلا المجالس ، فأعطوا الطريق حقها .
قالوا : وما حق الطريق ؟ قال : غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ) .. ( صحيح )
,
أيها الإخوة الكرام، إن الذي أجمعت عليه الأمة، واتفق على تحريمه علماء السلف والخلف من الفقهاء والأئمة،
هو أن نظر الأجانب من الرجال والنساء بعضهم إلى بعض، وهم مَن ليس بينهم رحم من نَسب،
ولا محرم من الرضاع، فهؤلاء حرام نظر بعضهم إلى بعض،
فالنظر والخلوة محرَّم على هؤلاء عند كافة المسلمين،
الموضوع ليس خلافيا بل هو من المواضيع المتفق عليها .
,
من عوامل سد الذريعة إلى تعمد النظر إلى النساء
نهي المرأة عن الخروج من البيت متعطّرة :
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة إذا خرجت إلى المسجد أن تطيب،
أو أن تصيب بخوراً، ذلك لأنه ذريعة إلى ميل الرجال وتشوقهم إليها..
نهي المرأة عن وصف امرأة لزوجها :
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنعت المرأة المرأةَ لزوجها،
حتى كأنه ينظر إليها، سد للذريعة، وحماية عن مفسدة..
نهي النساء عن الضرب بأرجلهن عند المشي :
فالله جل جلاله نهى النساء عن الضرب بأرجلهن عند السير، سداً لذريعة النظر إليهن،
قال الله تعالى : ﴿ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ ( سورة النور )
,
غض البصر في استطاعة الإنسان
لا تقل لا أستطيع ,,
فالله عز وجل يقول : ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ ( سورة البقرة )
فالله الخالق الخبير، هو الذي يعلم وسعك لا أنت ، أنت إن قلت : لا أستطيع ، كلامك مردود ،
لأن الله عز وجل قال : ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ ( سورة البقرة ) .
و شيوعُ معصيةٍ .. لا يقلبها إلى طاعة .. و لا يجعلها مباحة .. و لا يلغي عقابها
كما أن ندرة الطاعة لا تلغي فضلها
يقول الله عزَّ و جل : ( بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) ( سورة الزمر ) .
ملاحظة : الكلام عن غض البصر ليس فقط للرجال إنما للنساء أيضاً
قال الله عز و جل : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) ( سورة النور ) .
فاحرص أخي و أختي الكرام على تطبيق أوامر الله و اجتناب ما حرَّم الله
فهذه الدنيا فانية و حياتك فيها لن تدوم , و الآخرة خيرٌ و أبقى .
جعلنا الله و إياكم من أهل الجنة