أجيال المستقبل أمانة عظيمة في أعناقنا فمع تطور الحياة المدنية للإنسان، وتشابك العلاقات، وتعدّد أنواع التفاعل والتأثير الاجتماعي والثقافي، تعددت العوامل والوسائل المؤثرة في تربية الإنسان، وتوجيه سلوكه، وصياغة شخصيته و تكمن الخطورة في هذا الانهماك الرهيب في قضايا التنمية المعاصرة وعدم الاهتمام الكافي بمشاكل الأجيال القادمة خاصة موضوع التربية والتنشئة الذي يعد ساحة مترامية الأطراف يصعب استقصاء أبعادها في هذه العجالة لذلك كان العزاء الوحيد في مناقشتها هو تسليط الضوء على أبرز ملامحها ومظاهرها .
التنشئة العقلية :ــــ
من الأسماء المميزة لطبيعة الإنسان ما عرفه به علماء المنطق بأنه " حيوان ناطق " أي انه مفكر ذو عقل وتدبير وحيلة فلم يتبوأ أعلى قمة في شرف الوجود الا بما أودع الله فيه وخصه به من العقل والقوة المفكرة وهي ميزة ميزه الله بها عن سائر الحيوانات وصيرته سيدا لها :ــ
لولا العقول لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرف من الإنسان
والقرآن يؤكد أن التعقل هي مقدرة فكرية يتميز بها الإنسان من سائر كائنات هذا العالم : " وَلَقَد كَرَّمْنا بَني آدَمَ وحَمَلْناهُم في البَرِّ والبَحْرِ وَرَزَقْناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُم عَلى كَثير مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً " الإسراء / 70
و من خصائص العقل :
التأمل في الأمور , وتقليبها على جميع الوجوه , واستخراج الأسرار , و استكناه البواطن , وربط النتائج بالمقدمات , وإدراك الحكم . والعقول تتفاوت في الإدراك والتأمل والتأني لبلوغ درجة الحكمة و النضج والإرشاد (( تأمل ساعة خير من عبادة ستين )) , ومن خصائصه أيضا العلم بل هو مظهره و خاصته , بسببه أسجد الله ملائكته لآدم , وبه يرفع درجاتهم , وجعل أهل معرفته وخشيته العلماء .
والقرآن معجزة كلامية للعقل والتدبر وهو مجال تتبارى فيه العقول والأفهام على طول الدهور والعصور وهناك 750 آية كونية يوجه الله فيها النظر إلى عظمة مخلوقاته وعجائب كائناته وما أكثر ما ذكر في القرآن التذكر والاعتبار والتفكر: (( أ فلا يتدبرون القرآن ))
فالقرآن كتاب العقل والإسلام دين التفكير , وان تنشئة العقول وتربيتها على قوة المدارك من الإسلام لأنها عماد نهضة الأمم ومحور عزها ومجدها وكرامتها , فيجب الإكثار منها و فتح الطريق أمامها وتوفير لها امكانات البحث والدرس فقد كفل الإسلام حرية التفكير وأعطى الضمانات لاحترام كل ما هو وليد التفكير الصحيح والمنطق السليم .
رغم أن استنارة الكائن البشري بهدي العقل قد أثبتت إيجابيتها على مر العصور بشأن تفاعل الإنسان مع الجانب المادي من هذا العالم , إلا أن الاتكال على العقل وحده عملية لا تخلو من مخاطر ؛ لأنه ذو طبيعة جدلية وطالما وجه الأمور وجة تغلب عليها المادة , فالمجالات المادية هي التي أثبت فيها العقل تفوقه . وقد نبه الغزالي وابن خلدون إلى مغبة الاتكال على العقل في الأمور الغيبية ( الميتافيزيقا ) .
ولعل اكبر نقد يوجه إلى العقل الغربي هو انه يحصر المعرفة الإنسانية في تلك التي يحصل عليها عن طريق الحس والتجربة ؛ ومن ثم فمفهوم العقل لديهم يختلف عن المفهوم الإسلامي له .. فالمفهوم الإسلامي للمعرفة العلمية متعدد المصادر , يمكن اكتسابها من خلال الوحي والعقل والملاحظة والحدس والعرف والتأملات النظرية الصرفة .
والاعتماد على العقل وحده كإطار مرجعي للتفكير والتفسير المادي للظواهر أفرز حضارة تغلب المادية على ملامحها و أفرادها . فسلوك الإنسان الغربي إزاء المال والمكتسبات المادية يبدو انه تأثر الى حد ما بتصور العقل , لأن رأس المال والمكاسب المادية هي من أهم القيم التي تحرك الإنسان الغربي الحديث , فقد تمت تنشئة الأجيال الغربية الحديثة على ان ما يحصل عليه الفرد من مكاسب ينبغي استعمالها لحاجاته هو أولا وقبل كل شيء وبهذا تنعدم صفات الفضائل من إيثار ومحبة لتحل محلها أفكار الأنانية وحب المال و يتلاشى الشعور الجماعي لتظهر بدلا عنه الفردية وحب النفس والذات .
إن العلاقات بين الأفراد في الغرب سواء كانت قائمة على الصداقة او الحب علاقات يشوبها الشك وتكتنفها عدم الثقة لتطفو بعد ذلك نزعة الاستقلالية والنرجسية فكل فرد يحب نفسه أكثر من غيره , لكنه يريد من الآخرين أن يحبوه أكثر من أنفسهم كل ذلك أدى الى ضمور حرارة العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع .
يقول علماء النفس ان الأهل هم المعلم الأول للطفل يتعلم منهم السلوك واللغة والخبرات والمعارف , ويتعلم منهم كيف يكون التعلم والاختبار وحل المشكلات , ومن الأهل يحدد الطفل موقفه إما ان يصبح محبا للتعلم وتحصيله والإقبال عليه , او يكون كارها له غير آبه به …… وكم يكون جميلا لو توصلنا الى منهج ملائم ومناسب نسير عليه للوصول الى هذه الغاية ويصلح لكل الآباء وكل الأطفال , ولكن يبدو انه ليس من السهولة بمكان ان نجد نظاما يصلح لكل الناس في كل زمان ومكان .
ولعل من أهم الملاحظات لتنشئة الطفل عقليا كما يراها علماء النفس :ــ
1. الرضاعة الطبيعية والاهتمام بالتغذية والصحة لأن العقل السليم في الجسم السليم .
2. حنان الأم وعطفها من المنبهات التي تنمي قدراته العقلية فلابد من إشباعها لينشأ نشأة فيها اطمئنان وأمن وسعادة .
3. يحتاج الطفل إلى أسرة متآلفة ليعيش حياة هانئة , تنمي عنده عامل الثقة بنفسه , وبقدراته , فيصبح إذا ما كبر وبلغ سن النضج مواطنا صالحا ذا قدرة وكفاية في التعامل مع متطلبات الحياة .
4. تعويده على النظام و الانضباط الوقت ، وترتيب سلّم الأولويات ، وعدم خرقه حتى يكون أمرا ذاتيا ينبع من ذواتهم لأن ذلك يعلمه الالتزام والصبر .
5. وقد أشارت Diana baumrind في أبحاثها الى ان الحزم المقرون بالمودة يؤدي الى رفع كفاياتهم مما يجعلهم قادرين على تحمل المسئولية , وان استخدام العقل والمنطق وحدهما دون أن يصاحبهما الحزم يوحي للطفل بأننا غير جادين في ما نقول او نعمل فيلجأ إلى التحلل من تبعاته تجاهنا .
6. التشجيع والمديح ولا نسرف أو نبالغ فيهما .
7. تجنب لغة الانتقاص والاستهزاء والتجريح والتحقير وتفضيل الآخرين عليه .
8. إن إصرار الآباء على ان يكون الطفل هو الفائز الأول لأمر له خطورته ويجلب المشاكل للآباء والأبناء , فعلينا أن نعود ه كيف يتعامل مع النجاح وكيف يتعامل مع الفشل ما دامت طبيعة الحياة تقتضي ان يكون فيها الرابح والخاسر و الناجح والفاشل .
9. اختيار الألعاب المناسبة لقدراته فلا تكون سهلة مملة ولا صعبة معجزة .
10. تعليمه الإصغاء للآخرين ومشاركتهم في الأعمال الهادفة .
11. تعويدة احترام الكبار وأنهم مصدر للمعلومات و المعارف .
12. أن تقرأ للطفل من السنة الأولى وتعلمه أن يشير بإصبعه إلى الأشياء الموجودة في الكتاب .
13. تعويد الطفل على السؤال والاستيضاح والإجابة عليها أولا بأول .
14. تعليمه آداب الحوار والمناقشة .
15. لا تمنع الطفل من حضور مجالس الكبار .
16. على كل عائلة أن تتيح للأطفال أن يشاركوا في التخطيط الاجتماعي للمستقبل خصوصا فيما يهمهم من شئون , ولا بأس أن تبقى الكلمة العليا في كل ذلك للأبوين .
17. إن الأب المتشدد في رعاية أبنائه متأثر بالأسلوب الذي نشأ وتربى عليه فيتصف بالقسوة والخشونة وقلما يسمح لطفله بحرية الحركة أو إبداء الرأي معتقدا أن بإمكانه أن يجر الحصان إلى نبع الماء وغاب عنه انه إن فعل فليس بمقدوره أن يجبره على أن يشرب ؛ وهذا سيؤدي بالطفل عاجلا أو آجلا ان يرفع في وجهه راية العصيان والتمرد .
18. إذا كان المجتمع يرغب في خلق قادة في مختلف ميادين الحياة فلا بد ان يكون فيه مجلس لرعاية الطفولة وتنمية قدراتها وملكاتها وكل ما له علاقة بحياة الطفولة الآنية والمستقبلة باعتبارهم بناة المستقبل وعماده .
التنشئة الروحية والنفسية :ـــ
الإنسان كائن عجيب خلقه الله مزدوج الطبيعة، فيه عنصر مادي طيني، وعنصر روحي سماوي، فإن عنصر الطين يشده إلى الأرض وما ترمز إليه من ومشرب وملبس ومسكن ومنكح و شهوات وملذات وغرائز، في حين أن عنصر الروح يدفعه إلى الرقي في مدارج السمو الروحي، والتحليق في سماء المثل والقيم.
ومن الضروري خلق التوازن بين الجسم والروح، كي لا يطغى جانب على حساب آخر، إذ لو طغى الجانب المادي على الجانب الروحي فإن ذلك يهبط بالإنسان إلى مستوى البهائم أو أضل سبيلاً . ولو طغى الجانب الروحي على المادي فسيؤدي به إلى الرهبنة والتصوف والانعزال عن الحياة، ومن ثم ترك القيام بمسؤولية عمارة الأرض، وبناء الحضارة وإدارة الحياة .
قاعدة الإسلام التي يقوم عليها كل بنائه هي حماية الإنسان من الخوف والفزع والاضطراب وكل ما يحد حريته وإنسانيته والحرص على حقوقه المشروعة في الأمن و السكينة والطمأنينة وليس هذا بالمطلب الهين . فالعواطف والانفعالات تصاحب الإنسان طيلة حياته , فمن منا لم يفرح ولم يغضب ولم يحزن ولم يكره ولم يحب ؟ ومن منا لم يشعر بالارتياح أحيانا و بالضيق والقلق ؟ فهي ظاهرة عادية , بل وصحية أحيانا . فالشخص الذي لا يغضب إذا أهين أو انتهكت حرمة عرضه أو دينه أو رسوله أو وطنه يعد شخصا متبلدا , والذي لا يفرح لفرح أهله ولا يحزن لحزنهم يعد مريضا . ولا نبالغ إذا قلنا أن تحريك المشاعر والوجدان يستخدم الآن لتحريك السلوك تحريكا ايجابيا أو سلبيا وهذا واضح لدى الثوار والقادة لإذكاء روح المقاومة وتثوير الجماهير .
ولأن الكائن البشري وحدة :
فكر وروح وعمل ؛ فالتفكير العقلي لابد أن يكون له انعكاسات على الجانب النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع , والمسلمون لا تنقصهم القوة الروحية والعاطفية بل يمتازون بها والمتصفح لكتاب الله يجده مليئاً بالانفعالات , فسورة يوسف مثلا فيها كثير من الانفعالات النفسية كالحزن والخوف والفرح والبكاء ولا تكاد تخلو سورة من القرآن إلا ونجد فيها صورا انفعالية بأسلوب لغوي رائع .
يرى البعض أن الفرد يستجيب لعواطفه وأحاسيسه فتظهر على ملامحه الخارجية كالغضب والخوف والفرح والحزن والقلق والارتياح … ويرى آخرون ان الانفعالات دوافع تحرك سلوك الفرد فالغضب يحرك سلوك الشدة والقوة , والقلق يدفع للتوتر , والخوف للهروب والسرعة … وقد يستخدم الفرد الانفعال كرد فعل للتكيف مع البيئة او الموقف فالفرد الذي يواجه أحوالا سيئة وظروف صعبة يجلس يندب حظه ويعيش حياته حزينا مكتئبا وقد يشعر بالغضب من المجتمع كله .
لقد أكّدت الدراسات والأبحاث أنّ الصحّة النفسية هي مصدر سعادة الإنسان واستقرار المجتمع وحفظ النظام فيه. فالمجتمع الذي يتمتّع أفراده بالصحّة النفسية، وبالسلوك السوي يبني نظاماً اجتماعياً تندر فيه الجريمة والانحطاط والمشاكل والأزمات السياسية لاقتصادية والأمنية ، ويسلم من السلوكية العدوانية. وقد أصبح من المسلم به أن عددا من الأمراض البدنية يرجع لأسباب نفسية ووجدانية , وان التوتر والاضطراب الانفعالي يعمل ضد العلاج الطبي الناجح فيفقد الشخص قدرته الذاتية على استعادة صحته.
وللحفاظ على الاستقرار النفسي والعاطفي يوصي الأطباء وعلماء النفس باتباع توجيهات تذكر منها للمثال لا الحصر ما يلي :ـــ
1. مدّ جسور الصلة بين الطفل وخالفه من خلال الذكر والصلاة وقراءة القرآن ؛ فللقرآن الكريم أثر عظيم في تحقيق الأمن النفسي،ولن تتحقق السعادة الحقيقية للإنسان إلا في شعوره بالأمن والأمان .
2. أن يستشعر الطفل وجود الله فيما حوله من حقائق وأشياء ومخلوقات سيملأ ساحة نفسه أمنا , يقول الدكتور كامل يعقوب : " والحقيقة التي لامستها في حياتي – كطبيب – أن أوفر الناس حظا من هدوء النفس هم أكثر نصيبا من قوة الإيمان .. وأشدهم تعلقا بأهداب الدين " .
3. التمتع بالصحة البدنية .
4. تجنب أخذهم بأساليب الكبت والتخويف، وأتح لهم إشباع غرائزهم المختلفة باللعب البريء تحت إشرافك، وكرس لهم بعضا من وقتك كل يوم لإرشادهم وليشعروا بعاطفة الأبوة الحانية.
5. اختيار المهنة المناسبة التي يحقق الطفل فيها ذاته ويثبت فيها كيانه ووجوده .
6. الأسرة واستقرارها , فهو بحاجة إلى أسرة تنمي فيه الفضائل وحسن الخلق والإيمان .
7. علمه ممارسة الاسترخاء والتخيّل الذهني والرياضة والهواية ، فإنّ ذلك ممّا يحدّ من توتره الجسمي والنفسي .
8. جنبه الضغوط ليكون سعيدا غير قلق ولا خائف ولا مضطرب .
9. درّبه على الرفق وضبط النفس عند الانفعال ، فما دخل الرفق على شيء إلاّ زانه .
10. مساعدة الطفل في حل المشكلات المحيطة به .
11. ممارسة الهوايات المحببة إليه ليبعد عن نفسه الضيق والملل .
12. الاستمتاع بكل ما هو جميل في ملكوت الله وتجنب كل ما هو رديء وسيء .
13. تغيير الروتين اليومي من فترة إلى أخرى فقد تأتي الضغوط الداخلية من جرّاء الضجر والرتابة والملل ، ولذا فإنّ التغيير الايجابي البسيط ربّما يحوّل سيمفونية حياته الرتيبة إلى نغمات عذبة ودافئة ومسلية .
14. تلبية رغبات الطفل من حب وعطف وحنان ليشعر بالأمن والسعادة والاطمئنان .
15. من المهم ان يقتنع الطفل ويتأكد ان أهله يحبونه بشكل دائم ومستمر فلا يجد في أقوالهم وتصرفاتهم ما يجعله يشك في ذلك .
التنشئة السلوكية :ـــ
يبدأ الطفل في تكوين واكتساب العادات من الأشهر الثلاثة الأولى وكلما ازداد نمو الطفل ازدادت قابليته لاكتساب عادات جديدة أسرع من ذي قبل , واكتساب العادات الطيبة هو الهدف من جميع برامج التعليم والتدريب فسلوك الأطفال يعكس الاتجاهات والمعايير والظروف التي مرت عليهم وقدمت لهم خلال الأسرة . فمشاكل الوالدين والحرمان والضغوطات عوامل تساهم في اضطراب سلوك الأطفال , والحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة تحدد فرص التعلم للطفل والدراسات حول العلاقات الأسرية تضمنت أن تأثير الآباء على الأطفال ليس بالأمر السهل , وان الانتباه لحاجات الطفل مثل الحب والاهتمام والتعزيز واستخدام أسلوب العقاب والتهذيب المناسب سيؤدي الى تحقيق سلوكيات مرغوبة .
نعم بذلت جهود مختلفة لتحديد ماهية السلوك العادي والمضطرب , كما ظهرت تعريفات متعددة تطرقت لتحديد الاضطرابات السلوكية لدى الأطفال .. ولكن لا يوجد تعريف عام ومقبول رغم الدراسات المكثفة ؛ ولعل ذلك يعود لتباين السلوك والعواطف وتنوع الخلفيات النظرية والأطر الفلسفية وكذلك تعدد الجهات و المؤسسات التي تخدم الأطفال .
ولعل أكثر الأنواع انتشارا من السلوكيات السيئة الخاطئة لدى الأطفال :
1. العدوانية : يعتبر السلوك العدواني من أكثر أنماط السلوك ظهورا لدى الأطفال كالضرب والعض والقتال والتخريب المتعمد بهدف إيذاء الآخرين او إخافتهم , وهذا ما يربك الآباء والكبار فيجعلهم غالبا ما يؤنبونه او يعاقبونه , لذلك يجب التركيز على عملية التفاعل بين سلوك الطفل وسلوك الآخرين الموجودين في بيئته .
2. التمرّد : كرفض الأوامر والصراخ والتحدي ومخالفة القوانين والأنظمة والعقوق وعدم الطاعة … وفي هذه الحالة يجب عدم إجبار الطفل بالقوة ما أمكن لأن هذه الطريقة ليست فقط غير مثمرة بل تعزز التمرد أيضا ولكن يمكن إعطاء الطفل عدد من السلوكيات والبدائل يقوم هو بالاختيار , ولنبتعد قدر الإمكان عن عبارة " سوف تفعل " .
3. الفوضوية يثمل في غرفة الصف بالكلام غير الملائم , والضحك , والتصفيق , والضرب بالقدم , والغناء والصفي …. الخ .
4. السلبية وانعدام الثقة فكثير من الأطفال يستقر لديهم انهم فاشلون أو غير مناسبين من خلال عبارات تعكس هذا الانطباع مثل " لا أستطيع فعل ذلك " , " هو أفضل مني " , " أنا لست جيدا " , " لن أفوز أبدا" … ومثل هؤلاء يكون لديهم حساسية مفرطة ضد النقد , وليس لديهم الانخراط في كثير من النشاطات , وإذا سئلوا يدل جوابهم على عدم السعادة سواء في المدرسة او مع الأصدقاء او في البيت او المجتمع فهم يظهرون عدم السعادة بالحياة .
5. قلة النشاط فيكون خمولا , بطيئا , عديم الاهتمام , خجلا … وهو كثيرا ما يترك مواقف الحياة ويهرب منها وقد يسبب له هذا صراعا نفسيا وعدم الراحة .
6. عدم النضج الاجتماعي حيث لا يتناسب سلوكه مع المرحلة العمرية ويكون هذا لدى الكبار والصغار .
ينسى الناس أو يتناسون قول الرسول " الدين المعاملة " أي أن السلوك والأخلاق والإرادة هي كل الشريعة وأساسها , وان القيم الروحية لا تزدهر إلا في الأوساط الاجتماعية المتكاملة حين تسود بين الناس المحبة والتسامح والأخوة بدل القانون والدستور .
ولعل أهم النصائح للتنشئة السلوكية ما يلي :ــ
1. من المهم أن تكون لديهم فرص لممارسة الألعاب البدنية والجسدية والحركة خارج البيت لتنشيط الطفل وتخلصه من التوتر والطاقة الزائدة .
2. المكافأة على السلوك المرغوب فيه يعززه , وهذا يستدعي مراقبة الأطفال وهم يتصرفون مع تقديم المديح والتشجيع والجوائز المادية .
3. علمهم المهارات الاجتماعية وآداب اللياقة والتصرف كالتحدث بلطف مع الآخرين او التعبير بدون إيذاء مشاعر الآخرين .
4. درّبه على أسلوب التفاهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن (إدفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم ) .
5. علّم الأطفال حلّ مشاكلهم بدون شجار من خلال الجرأة في التعبير عن أنفسهم للوصول إلى ما يريدون بدون تجريح او سباب او تعصب , كأن يقول لزميله ( من فضلك لا تأخذ حقي بدون إذني )) او " هذا لي أرجوك أرجعه لي ولا تأخذه بدون أن تطلبه مني " .
6. عوّده التفكير قبل أن يتصرف ليكون مسئولا عن قراراته ونتائجها ويحترم حقوق الآخرين .
7. كلما أحب الطفل الآخرين قل عدوانه عليهم ويستطيع الآباء تشجيع التعاطف لمشاعر الآخرين من خلال توضيح مدى الأذى الذي سيلحق بالمعتدى عليه .
8. رحب بأصدقاء الطفل في بيتك وتعرف عليهم عن قرب .
9. حاول التقرب من الطفل قدر الإمكان لتقوى علاقتك وتستطيع توجيهه , شاركه في نشاطه , امض معه وقتا أكبر … هذا سيساعد الطفل على التكيف معك .
10. غياب الآباء الطويل عن الأسرة له تأثيره إذ ينحرف الأولاد في مثل هذه الحالة عن السلوك العقلي الطبيعي، ويكونون ((أشقياء)) جداً ولا يطيعون أحدا ً .
11. شجع الطفل على أن تكون له شخصية تتسم بالثقة بالنفس والشخصية البناءة .
12. القيم والعادات الحميدة يتعلمها من خلال تقليده الوالد فلابد ان تكون له مثالا جيدا وقدوة لذا تعامل معه بإخلاص وأمانة وبدون خداع ليكتسب منك هذه الصفات .
13. علمه ثقافة التسامح والتراحم والصفح والإحسان «ارحم مَن في الأرض يرحمك مَن في السماء» .
14. علمه مبدأ (حب الآخرين) و(قضاء حوائجهم), وقدم له نماذج أخلاقية في التعامل مع الآخرين من خلال الصحبة الأبوية , او قراءة قصص هادفة , او مشاهدة برامج تربوية ممتعة .
إن تغيير الأخلاق والسلوك يرتبط ارتباطا وثيقا بتغيير العقول والقلوب , ولأن التحكم في العقول والقلوب أشق وأعسر من التحكم في الدخول والجيوب فلا يمكن إحداث أنماط سلوكية فاعلة إلا بهذين الأصلين , ويعني ذلك أن الإصلاح السلوكي صورة من صور التطور الفكري والروحي فالنقائص الأخلاقية التي تتخذ طابع السلوك المتحجر لا يتسنى لنا تعديله او القضاء عليه الا بتغيير الأساليب التربوية , لأن الوظيفة الحقيقية للمربي تكمن في تفتيح ذهن الطفل للقيم الخلقية وكلما زادت حساسية المربي وقناعاته كان تأثيره على النشء أقوى وأفضل , ومن هنا تبدو الصلة واضحة بين الأخلاق والتربية لأنها أي الأخلاق ظاهرة عملية تتصل بالقدوة والتربية أكثر مما تتصل بالفكر والتعليم ..
ولكن السؤال المطروح هو : كيف نعمل على تربية المربي نفسه ليكون أهلا لتربية النشء ؟؟؟
إن مهنة التعليم يقبل عليها المتخصصون وغير المتخصصين وقد آن لنا أن نفطن لخطورة هذه المهنة وأهمية الدور الذي يضطلع به أربابها في خلق جيل من الشباب الواعي و المتفتح والمتبصر والمؤمن بالقيم الخلقية والروحية . لابد من تطبيق السيكولوجية الحديثة للاختيار المهني للقادة الصالحين فلا يوضع على رأس الجهاز الإداري إلا الرجل الكفء اجتماعيا , وأخلاقيا , ومهنيا , وفكريا فنكون بذلك قد قدمنا للأجيال قدوة صالحة يترسمون خطاها ويحذون حذوها ؛ إذ لا صلاح للسلوك والأخلاق بدون رجال صالحين مصلحين .
وأخيراً أرجو ألا أكون قد نكَّرت لأحد عرشه، أو وضعت «السقاية» في رحله… فأنا لم أجهر بالقول ولم أخافت، ولعلِّي ابتغيت وراء ذلك سبيلاً..
من