القولون العصبي.. خلل وظيفي لا عضوي
نهال لاشين**
آلام غامضة ومتكررة في البطن، وشعور بالانتفاخ، وصعوبة وعدم ارتياح في أثناء قضاء الحاجة، إنه القولون العصبي، مشكلة صحية واسعة الانتشار بين كثير من الناس، حيث تصل نسبة انتشاره من 10 إلى 20 شخصا لكل مائة في كل من أمريكا وأوروبا، وتقل النسبة قليلا في آسيا وإفريقيا.
حسب إحصاءات الدول الغربية فإن النساء أكثر إصابة من الرجال بنسبة الضعف إلى ثلاثة أضعاف، وحتى نعي تلك المشكلة لابد أن نعلم فوائد القولون التي تتمثل في حفظ ما تبقى من الطعام لفترات قد تصل إلى أيام، وفيه يمتص الماء والأملاح الأخرى، وما تبقى يكون على شكل براز يدفعه الجسم إلى الخارج، وتحيط بالقولون عضلات طولية ومستعرضة تنقبض لتحريك محتويات القولون إلى اتجاه المستقيم.
في حالة القولون العصبي فإن حركة عضلات الجهاز الهضمي -خاصة التي تحيط بالقولون (الأمعاء الغليظة)- تكون غير طبيعية، فإما أن تكون:
– حركة عشوائية وسريعة جدا، وعندها يكون البراز مائيا؛ وذلك لأن الطعام لم يأخذ وقته الكافي في الأمعاء الغليظة حتى يتم امتصاص الماء منه.
– حركة بطيئة جدا، فيحدث عندها الإمساك؛ حيث يكون الطعام قد أخذ وقتا طويلا في القولون، وهو ما جعل امتصاص الماء أكثر من اللازم فيصبح البراز صلبا.
وهذا يعني أن القولون العصبي خلل وظيفي لا عضوي، وهو مؤقت ومتكرر للجهاز الهضمي، وينتج عنه اضطراب في عمليات الهضم والامتصاص.
الأسباب
أحد الأسباب يبدو ظاهرا للوهلة الأولى من اسمه، فهو راجع إلى التوتر العصبي، ويمكن أن نجمل أسبابه فيما يلي:
1. التدخين.
2. شرب الكحوليات.
3. بعض الحالات النفسية التي يكون فيها الشخص قلقا أو مكتئبا أو حزينا.
4. بعض المأكولات التي تختلف نوعها من شخص لآخر؛ ومن هذه المأكولات الشطة الحارة، والخضراوات غير المطبوخة كالخيار أو الفجل، والبقوليات عموما كالفول والعدس، وشرب القهوة.
الأعراض:
– ألم في منطقة البطن متكرر ومفاجئ، ومصحوب بالرغبة في قضاء الحاجة.
– انتفاخ بالبطن، وأحيانا تقلصات مرئية.
– إمساك متكرر أو إسهال متكرر.
التشخيص
مرض القولون العصبي يتم تشخيصه بعد استبعاد جميع أسباب وأعراض الجهاز الهضمي، أي لا يمكن أن نشخصه حتى نقوم بعمل تحاليل كثيرة لاستبعاد أمراض الجهاز الهضمي الأخرى التي قد تتشابه معه في الأعراض.
للأسف الكثير من الأطباء -خاصة في القطاع الخاص- حين يعجزون عن الوصول إلى تشخيص، أو حين يصعب عليهم التوضيح للمريض، يقولون: إنك مريض بالقولون العصبي، وكأنه المرض الذي يخلصنا من أسئلة المريض وكثرة متابعته دون أن نفيده، لذا يجب أن يتم التشخيص تحت يد طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي، وليس الطبيب العام .
وبعد أن يتأكد الطبيب من استبعاد الأسباب العضوية لاعتلال الجهاز الهضمي سوف يبدأ بالسؤال عن التالي:
– أنواع المأكولات والمشروبات التي تظهر معها الحالة.
– هدوء نفسية المريض.
– السؤال عن تناوب حالات الإمساك والإسهال.
– هل يصاحب الحالة ألم مزمن بالبطن يتحسن عند القيام بعملية الإخراج أم لا؟
فإذا كانت الإجابة بـ"نعم" يحسم وقتها تشخيص حالة القولون العصبي.
العلاج
هناك علاقة وطيدة بين الحالة النفسية ومرض القولون العصبي؛ لذا كان لابد لعلاج هذا المرض المزمن من الابتعاد عن التوتر النفسي والعصبية.
ولأن القولون العصبي ناتج عن خلل وظيفي كان لابد أيضا لعلاجه من الحرص عند تناول بعض الوجبات الدسمة التي تكون صعبة الهضم، وكذلك ينصح بشكل عام بالإكثار من السوائل والمأكولات الخضراء التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف، مثل: الخس، والجرجير، والجزر… وغيرها.
وبالنسبة للأدوية فتناول بعض مضادات التقلص أو الإنزيمات الهاضمة وقت الشعور بالآلام يكون مفيدا، كما يمكن تناول أدوية تساعد على تنظيم حركة القولون.
كذلك هناك أعشاب تفيد في حالات القولون العصبي، مثل: مشروب النعناع البلدي الذي يستخدم كعلاج فعال لأمراض القولون؛ نظرا لاحتوائه على زيوت طيارة تساعد على تهدئة حركة القولون، ويفضل استخدام كبسولات زيت النعناع.
كذلك يمكن تناول مشروب الكرويا، ومشروب اليانسون الذي يُستخدم كمضاد للانتفاخ والتوتر، ويعالج الإحساس بالقلق الذي يتسبب في أعراض القولون العصبي.
وقد اكتُشف مؤخرا عقار يعمل على علاج القولون العصبي، وتمت تجربته على مجموعة من الأشخاص، وأثبت نتيجة فعالة ولله الحمد، وهو عبارة عن أقراص تحتوي على مادة (Tegaserod)، وتعالج هذه الأقراص القولون العصبي عن طريق القضاء على أعراضه المختلفة من انتفاخ وإمساك وتقلصات؛ حيث تؤثر على الحركة الدودية للأمعاء، وعلى حركة الجهاز الهضمي بشكل عام، ابتداء من الفم وحتى الأمعاء الغليظة.
كما أن هذه الأقراص تقلل من حساسية الجهاز الهضمي للاضطرابات الداخلية دون أي تأثير على الجهاز العصبي المركزي، ويؤخذ هذا العلاج لمدة شهر واحد فقط بمعدل قرص واحد في اليوم، وذلك بالطبع تحت إشراف طبيب متخصص، كما لا ينصح بتناول العقاقير التي تستخدم في منع تقلصات الجهاز الهضمي لمدة طويلة؛ لأنها تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وكذلك الهرمونات الجنسية الذكرية.
وفي حالة الإمساك لا ينصح بأخذ الأدوية الملينة باستمرار؛ لأنها تؤثر على كفاءة القولون بمرور الوقت.
الوقاية
ولحماية الإنسان من القولون العصبي يجب مراعاة الآتي:
– أن تكون الطبيعة على ما يرام، فلا يسمح بالإمساك؛ لذا يفضل أن يحتوي الطعام على كثير من الألياف والسكريات؛ حيث تساعد على حركة الأمعاء، مثل: الردة والخس والجرجير والبطيخ والعنب والملوخية، كما ينصح بشرب مشروب الحلبة للمساعدة في عملية الإخراج.
– الابتعاد عن التوتر العصبي والأطعمة التي تؤثر على القولون، مثل: الأطعمة الحريفة، والتوابل، والشطة، والمخلل، والدهون.
ختاما..
أوجز نصائحي في كلمات علها تعلق في ذهنك فتحميك من القولون العصبي، فإذا كانت الأدوية هي الأساس في علاج أي مرض، فإن في حالة القولون العصبي تكون الإرشادات والنصائح هي الأساس:
1. ابتعد عن القلق والاكتئاب.
2. ابتعد عن شرب الكحول.
3. ابتعد عن شرب القهوة.
4. مارس الرياضة بشكل منتظم .
5. أوقف التدخين فورا .
6. أعد التفكير في اختيار أصناف غذائك.
7. اشرب كميات كبيرة من الماء خاصة في حالة الإمساك .
8. تابع مع طبيبك في حالة تناول الأدوية.