زكاة الفطر واحكام العيد
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
زكاة الفطر هي صدقة تجب بالفطر في رمضان ،وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنها سبب وجوبها .
حكمتها ومشروعيتها .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَالصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . " رواه أبو داود
قوله : ( طهرة ) : أي تطهيرا لنفس من صام رمضان ، وقوله ( والرفث ) قال ابن الأثير : الرفث هنا هو الفحش من كلام ، قوله ( وطعمة ) : بضم الطاء وهو الطعام الذي يؤكل . قوله : ( من أداها قبل الصلاة ) : أي قبل صلاة العيد ، قوله ( فهي زكاة مقبولة ) : المراد بالزكاة صدقة الفطر ، قوله ( صدقة من الصدقات ) : يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات .
حكمها
الصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ ; لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ : { فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ } .وَلإجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ . المغني ج2 باب صدقة الفطر
وقت وجوبها
فَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ . فَمَنْ تَزَوَّجَ ، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ،فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ . وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، لَمْ تَلْزَمْهُ .. وَمِنْ مَاتَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ ، فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ .
على من تجب
– زكاة الفطر تجب على المسلمين على المستطيع يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعمن ينفق عليهم من الزوجات والأقارب :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . البخاري
مقدار الزكاة
مقدارها صاع من طعام بصاع النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم
لحديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ .. " رواه البخاري
والوزن يختلف باختلاف ما يملأ به الصاع ، فعند إخراج الوزن لابد من التأكد أنه يعادل ملئ الصاع من النوع المخرَج منه … وهو مثل 3 كيلو من الرز تقريباً
الأصناف التي تؤدى منها
الجنس الذي تُخرج منه هو طعام الآدميين ، من تمر أو بر أو رز أو غيرها من طعام بني آدم .
ففي الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( وكان الشعير يومذاك من طعامهم ) البخاري
وأما إخراجها مالا فلا يجوز مطلقا لأنّ الشّارع فرضها طعاما لا مالا وحدّد جنسها وهو الطّعام فلا يجوز الإخراج من غيره ، ولأنّه أرادها ظاهرة لا خفيّة ، ولأنّ الصحابة أخرجوها طعاما ونحن نتّبع ولا نبتدع ، ثمّ إخراج زكاة الفطر بالطعام ينضبط بهذا الصّاع أمّا إخراجها نقودا فلا ينضبط ونلتزم بما حدّده الشّارع وهو قد فرضها صاعا من طعام : طُعمة للمساكين ونحن لو أعطينا الفقير طعاما من قوت البلد فإنه سيأكل منه ويستفيد عاجلا أو آجلا لأنّ هذا مما يستعمله أصلا .
وبناء عليه فلا يجوز إعطاؤها مالا لسداد دين شخص أو أجرة عملية جراحية لمريض أو تسديد قسط دراسة عن طالب محتاج ونحو ذلك فلهذا مصادر أخرى كما تقدم .
وقت الإخراج
– تؤدى قبل صلاة العيد كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم" أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ . البخاري
لمن تعطى
تصرف زكاة الفطر إلى الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال وهذا هو قول الجمهور .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
*****************************
وانقضت ايام شهر الصيام والعبادة الخالصة لوجه الله تعالى والقيام ….. وما ينال المؤمن من جهد وتعب فإن الله عز وجل أعد للمؤمنين جائزة تعد لهم فرحةً وترويحاً عن النفس وصلة أرحام …… ولكن لابد أن نتذكر أن لكل يوم وإن كان عيداً فهناك شعائر تعيد لحساباتنا أن لنا رباً خالقاً منعماً علينا ويجب أن نعبده في كل وقت وعلى أي حال وإن كان يوم للفرح واللهو والخروج وخيرُ ما نبدأ عيدنا وفرحتنا
صلاة العيد
*آداب صلاة العيد*
صلاة العيد من أجمل الشعائر ، وهي سنة مؤكدة مندوبة ، ولقد جاء فيها عن نبينا – صلى الله عليه وسلم – جملة من الآداب والسنن ،منها :
*استحباب الغُسل للعيدين*
روى الإمام مالك في الموطأ عن نافع ، أن ابن عمر – رضي الله عنهما – كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو .
*استحباب التطيب والتنظيف*
بإزالة الشعور ، وتقليم الأظافر ، ولبس الجديد من الثياب ، قال النووي : اتفق العلماء على ذلك ، قياسًا على الجمعة .
*لبس أجمل الثياب*
قال ابن القيم في زاد المعاد (1/441) : وكان يلبس للخروج إليها أجمل ثيابه .
*الأكل قبل الخروج إلى المصلى*
روى البخاري والترمذي من حديث أنس – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترًا .
*الخروج إلى المصلى خارج البلد*
روى البخاري ومسلم والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه 🙁 كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة…) رواه البخاري.ر
*خروج النساء إلى المصلى*
بشرط ألا يخرجن متعطرات ، إنما يتطيبين بالماء ، روى البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي
من حديث أم عطية رضي الله عنها ، قالت : أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن نخرجهن في الفطر والأضحى :العواتق والحيض وذوات الخدور ، فأما الحيض ، فيعتزلن الصلاة ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين . قلت : يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : (لتلبسها أختها من جلبابها ) .
وروى مسلم والنسائي من حديث زينب بنت عبد الله امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما قالت :قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إذا شهدت أحداكن المساجد فلا تمس طيبًا ] .
*أن يمضي إليها في طريق ويرجع من أخرى*
روى البخاري من حديث جابر – رضي الله عنه – قال 🙁 كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا كان يوم عيد خالف الطريق ) .
*أن يكبر في طريقه وفي المصلى*
روى الدار قطني والبيهقي في سننهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ) .
* ليس لصلاة العيد سنة قبلها ولا بعدها *
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : (إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خرج يوم عيد ، فصلى ركعتين ، لم يُصلِّ قبلها ولا بعدها ) .
* ترك الأذان والإقامة *
روى مسلم من حديث جابر بن سمرة – رضي الله عنه – قال ( صليت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة ) .
* التكبير في الفطر*
الجمهور من الصحابة والتابعين – وهو قول مالك وأحمد – أن التكبير يكون عند الغدو إلى صلاة العيد حتى يخرج الإمام للصلاة ،وقال الشافعي رحمه الله – وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ج 24/221 – يكبر إذا غربت الشمس ليلة العيد حتى يخرج الإمام للصلاة لقوله تعالى : (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ) .
* صيغة التكبير *
أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ، عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أن يحضر الإمام ويؤم الناس بركعتين قال عمر رضي الله عنه : صلاة الفطر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان تمام غيرُ قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى . رواه النسائي ( 1420 ) وابن خزيمة وصححه الألباني في صحيح النسائي .
* صفة صلاة العيد *
صلاة العيد ركعتان ، يكبر في الأولى – بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح – سبع تكبيرات قبل التعوذ والقراءة ، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرة الانتقال .يُكبر في الأولى تكبيرة الإحرام ، ثم يُكبر بعدها ست تكبيرات أو سبع تكبيرات لحديث عائشة رضي الله عنها : " التكبير في الفطر والأضحى الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتي الركوع " رواه أبو داود وصححه الألباني في إراواء الغليل ( 639 ) . ثم يقرأ الفاتحة ، ويقرأ سورة " ق " في الركعة الأولى ، وفي الركعة الثانية يقوم مُكبراً فإذا انتهى من القيام يُكبر خمس تكبيرات ،ويقرأ سورة الفاتحة ، ثم سورة " اقتربت الساعة وانشق القمر " فهاتان السورتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في العيدين ، وإن شاء قرأ في الأولى بسبح وفي الثانية بـ " هل أتاك حديث الغاشية "فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح اسم ربك الأعلى والغاشية .
* التهنئة في العيدين *
قال شيخ الإسلام 24/253 : أما التهنئة يوم العيد بقول بعضهم لبعض إذا لقيه :تقبل الله منا ومنكم ، وعيدكم مبارك ، ونحو ذلك ، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة ، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره .
إظهار الفرح والسرور ، واللعب واللهو ، والغناء المباح ، والأكل والشرب ، وغير ذلك مما يدخل البهجة في النفوس . روى أبو داود والنسائي بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه قال :قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، قال : [ ما هذان اليومان ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أبدلكم الله خيرًا منهما : يوم الأضحى ، ويوم الفطر ] .
وروى البخاري ومسلم والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :(دخل عليّ رسول الله ، وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث – يوم قتل فيه صناديد الأوس والخزرج – فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمارة الشيطان عند النبي ؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم – فقال : (دعهما) ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا ، وكان يوم عيد ، يلعب السودان بالدرق ، والحراب ، فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم – وإما قال :(تشتهين تنظرين ؟ ) قلت : نعم ، فأقامني حتى مللت ، قال : (حسبك ؟ ) قلت : نعم . قال : (فاذهبي) ، قال ابن الأثير في جامع الأصول (8/455) : (تغنيان) أراد بالغناء ها هنا : أنهما كانتا تنشدان شعرًا ، ولم يرد الغناء الذي هو ذكر الخنا والفحش والتعريض بالنساء .