التصنيفات
منتدى اسلامي

الكرامة الإنسانية في القرآن الكريم

اختصَّ الله – عزَّ وجل – النَّوع الإنساني من بين خلقه بأنْ كرَّمه وفضَّلَه وشرَّفه، فلإنسان شأنٌ ليس لسائر المخلوقات؛ فقد خلَقَه البارئُ تعالى بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته؛ إكرامًا واحترامًا، وإظهارًا لفضله، واتَّخذ – سبحانه – من هذا الإنسانِ الخليلَ والكليمَ، والولِيَّ والخواصَّ والأحبار، وجعله مَعْدِنَ أسراره، ومَحلَّ حكمته، وموضِعَ مثوبته.

وهذه الورقة ما هي إلاَّ بيان لبعضِ مكرمات الله تعالى لِهذا الإنسان، والتي يُمكن استخلاصها من القرآن الكريم على النَّحو التالي:

أولاً: تكريم الذات:

إنَّ تكريم الإنسان في القرآن هو تكريم لِذَاته الإنسانية: وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ [التغابن: 3]، وتكريمٌ لِدَوره في إعمار الأرض: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا [هود: 61]، فهذا التَّكريم هو اسم جامعٌ لكلِّ الخَيْر والشَّرَف والفضائل[1].

ثانيًا: الإيجاد:

من إكرام الله للإنسا أنْ أوجَدَه بعدما لم يكن شيئًا مذكورًا، ولا يُعرف له أثر؛ قال – عزَّ وجلَّ -: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [الإنسان: 1]، والمعنى أنه كان جسَدًا مصوَّرًا، ترابًا وطينًا، لا يُذْكَر ولا يُعرَف، ولا يُدْرَى ما اسْمُه؟ ولا ما يُراد به، ثُمَّ نَفَخ فيه الرُّوح فصار مذكورًا، وقال يحيى بن سلام: لم يكن شيئًا مذكورًا في الخَلْق، وإن كان عند الله شيئًا مذكورًا[2].

ثالثًا: خِلْقتُه على الفطرة:

من كرامة الإنسان أنْ خلَقَه الله مَجْبولاً على الإيمان؛ قال سبحانه: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ الَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم: 30]، ومعناه: أنَّه تعالى ساوى بين خلْقِه كلِّهم في الفطرة على الجبِلَّة المستقيمة، لا يُولَد أحدٌ إلاَّ على ذلك، ولا تَفاوُتَ بين الناس في ذلك[3].

وزيادةً في تكريم الذَّات الإنسانية فإنَّ الإيمان بالله لا يكون وراثيًّا، كما لا يكون منَّةً ولا أمرًا مفروضًا, ولكن يكون بفِعْل إرادة فرديَّة حُرَّة، وهداية ربَّانيَّة نورانيَّة: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف: 29]، لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [البقرة: 256]، يَهْدِي الَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور: 35].

ولتأكيد على الحُرِّية الإنسانيَّة التكريمية تَرِد في القرآن الكريم آياتٌ عديدة تُذَكِّر النبِيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بِحُدوده الدَّعَوية، ومن هذه الآيات:

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء: 80].

قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [الأنعام: 104].

فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الزمر: 41].

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ [الغاشية: 21 – 23].

رابعًا: الخلافة وإعمار الأرض:

تعكس خلافة الإنسان في الأرض أسْمَى مراتب التَّكريم الإِلَهي؛ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 30].

خامسًا: تسخير ما في الكون لِخِدمة الإنسان:

ولِتَحقيق هذه الخلافة سخَّر الله – عزَّ وجل – للإنسا السَّماوات والأرض وما بينهما؛ الَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ الَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم: 32 – 34]، وقال تعالى أيضًا: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي الَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ [لقمان: 20]، ذكَر نِعَمَه على بني آدم وأنَّه سخَّر لَهم ما في السماوات من شَمْس وقمر ونُجوم، وملائكة تَحُوطهم وتجرُّ إليهم منافِعَهم، وما في الأرض عامٌّ في الجبال والأشجار والثِّمار، وما لا يُحصى؛ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ [لقمان: 20]؛ أيْ: أكملها وأتَمَّها[4].

سادسًا: استيعاب الإنسان للعلوم الدنيوية:

قال – عزَّ وجلَّ -: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا [البقرة: 31]، الظاهر أنَّ الأَسْماء التي علُمِّهَا آدم هي ألفاظ تدلُّ على ذوات الأشياء التي يَحتاج نوع الإنسان إلى التَّعبير عنها؛ لِحَاجته إلى ندائها أو استحضارها، أو إفادة حصول بعضها مع بعض، وهي – أيِ: الإفادة – ما نُسمِّيه اليوم بالأخبار أو التَّوصيف، فيَظهر أنَّ المراد بالأسماء ابتداءً أسماءُ الذَّوات من الموجودات، مثل الأعلام الشخصيَّة، وأسماء الأجناس من الحيوان والنَّبات، والحجَر والكواكب، مِمَّا يقع عليه نظر الإنسان ابتداءً، مثل اسم جنَّة وملَك، وآدم وحواء وإبليس، وشجرة وثَمَرة، ونجد ذلك بحسب الُّغة البشريَّة الأولى.

وتعليم الله تعالى آدمَ الأسماءَ إمَّا بطريقة التلقين بِعَرض المسمَّى عليه، فإذا أراه لُقِّن اسمه بصوتٍ مَخْلوق يسمعه، فيَعْلم أنَّ ذلك الفظ دالٌّ على تلك الذَّات بعِلْم ضروري، أو يكون التعليم بإلقاء علم ضروريٍّ في نفس آدم بحيث يَخْطر في ذهنه اسْمُ شيءٍ عندما يُعْرَض عليه، فيضع له اسْمًا بأنْ ألْهَمَه وضْعَ الأسماء للأشياء؛ ليُمَكِّنه أن يفيدها غيْرَه، وذلك بأن خلق قوَّة النُّطق فيه، وجعله قادرًا على وضع الُّغة كما قال تعالى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن: 3 – 4]، وجَميع ذلك تعليمٌ؛ إذِ التعليم مصدر علَّمَه، إذا جعله ذا عِلْم، مثل أدَّبه، فلا ينحصر في التَّلقين وإن تبادر فيه عُرْفًا، وأيًّا ما كانت كيفيَّة التعليم، فقد كان سببًا لتفضيل الإنسان على بقيَّة أنواع جنسه بقوَّة النُّطق وإحداث الموضوعات الُّغوية للتعبير عمَّا في الضمير، وكان ذلك أيضًا سببًا لِتَفاضُل أفراد الإنسان بعضهم على بعض، بِمَا ينشأ عن النُّطق مِن استفادة المجهول من المعلوم، وهو مبدأ العلوم[5].

سابعًا: إيداع مفاتيح المعرفة والإدراك في الإنسان:

ولاِسْتيعاب الإنسان للعلوم وتعلُّمِها وتعليمها, أودَع فيه اللهُ – تعالى – بعض مفاتيح المعرفة (التفكُّر, النَّظر, العقل, البصر, القلب, الُّب…).

قال سبحانه: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ الَّهُ [الأعراف: 185].

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ الَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى [الروم: 8].

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا [الحج: 46].

وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [آل عمران: 7].

فهذه المفاتيح المعرفيَّة تَسْمو بالإنسان إلى الطَّاعة والخضوع لله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى الَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر: 28]، وتُجَرِّده عن التَّبَعية المُطْلقة والتقليد الأعمى.

والنَّظرُ والتفكُّر والتعقُّل، والاستدلال بالأدلَّة التي نصَبَها الله لِمَعرفته من أوجَبِ الواجبات بعد الإيمان الفطري الجبلِّي بالله تعالى, وإلى هذا ذهب البخاريُّ – رحمه الله – حيث بوَّب في كتابه (باب العلم قبل القول والعمل لقول الله – عزَّ وجلَّ – : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّهُ [محمد: 19]).

ثامنًا: إلغاء الوساطة بين العبد وربه:

ولتأكيد على احترام كرامة الإنسان وحُرِّيته؛ ألغى الشَّارع الحكيم أيَّ وساطة بين الله – عزَّ وجلَّ – وعبْدِه, هذه الوساطة التي تُفْسد التحنُّث والتعبُّد لله، والاعتقاد الجازِمَ به سبحانه, كاتِّخاذ كُفَّار مكَّة الأصنام واسطةً، وقولِهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى الَّهِ زُلْفَى [الزمر: 3]، وقد تَحُول بين السَّائل ومُناجيه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186].

قال أبو جعفر: يعنِي – تعالى ذِكْرُه – بذلك: وإذا سألك يا محمَّد عبادي عنِّي: أين أنا؟ فإنِّي قريبٌ منهم، أسْمَع دُعاءهم وأُجيب دعوة الدَّاعي منهم، وقد اختُلِف فيما أنزلت فيه هذه الآية، فقال بعضُهم: نزلَتْ في سائلٍ سأل النبِيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: يا محمَّد، أقريبٌ ربُّنا فنناجيه؟ أو بعيد فنناديه؟ فأنزل الله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ [6].

تاسعًا: حقوق الإنسان:

ومِمَّا يصون كرامة الإنسان في الإسلام ضمانُه لِحُقوقه، وترتيبه على الإخلال بها والتعدِّي عليها جُملةً من الحدود، ومن أبرز هذه الحقوق:

• حقُّ المساواة:

قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ الَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13].

• حق الحياة:

قال تعالى: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة: 32].

• حق الملكيَّة:

قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ الَّهِ وَالَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة: 38].

• حق الحُرِّية:

قال سبحانه: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة: 33].

• حق العِرْض الشريف:

قال – عزَّ وجلَّ -: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور: 2].

——————————————————————————–

[1] أبو السعادات المبارك الجزري, "النهاية في غريب الحديث والأثر", تحقيق: طاهر أحمد الزاوي, محمود الطناحي, المكتبة العلميَّة, بيروت, طبعة 1399ه, حرف الكاف (باب الكاف مع الراء).

[2] محمد بن علي الشوكاني, "فَتْح القدير الجامع بين فنَّيِ الرواية والدراية من علم التفسير", (5/482).

[3] إسماعيل بن عمر بن كثير أبو الفداء, "تفسير القرآن العظيم", (4/572).

[4] تفسير ابن كثير, سورة لقمان الآية: 20.

[5] الطاهر بن عاشور, "التحرير والتنوير"، (1/233)، وما بعدها.

[6] محمد بن جرير الطبري, "جامع البيان من تأويل آي القرآن", (2/164).




خليجية



شكرلكم



خليجية



شكرلك



التصنيفات
منوعات

الكسل انسلاخ من الإنسانية

إن الكسل آفة عظيمة تعود على الأفراد والمجتمعات بالعواقب الوخيمة فهو يهدم الشخصية ، ويذهب بنضارة العمر ، ويؤدي بصاحبه إلى الإهمال والتأخر في ميادين الحياة الفسيحة.
من أجل هذا فإن المؤمنين الصادقين يكرهون الكسل ويحتقرونه، ويستعيذون بالله منه، ويدعون بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال".
الكسل انسلاخ من الإنسانية:
قال الإمام الراغب رحمه الله: من تعطّل وتبطّل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية وصار من جنس الموتى.
ومن تعود الكسل ومال إلى الراحة فقد الراحة، وقد قيل: إن أردت ألا تتعب فاتعب حتى لا تتعب ، وقيل أيضا: إياك والكسل والضجر ، فإنك إن كسلت لم تؤد حقا، وإن ضجرت فلن تصبر على الحق.
ولأن الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية، فكل هيئة، بل كل عضو تُرك استعماله يبطل، كالعين إذا غمضت، واليد إذا تعطلت، ولذلك وضعت الرياضات في كل شيء.
ولما جعل الله للحيوان قوة التحرك لم يجعل له رزقا إلا بسعي منه لئلا تتعطل فائدة ما جعل له من قوة التحرك، ولما جعل للإنسا قوة الفكر ترك من كل نعمة أنعمها عليه جانبا يصلحه هو بفكرته لئلا تتعطل فائدة الفكرة ، فيكون وجودها عبثا.
وكما أن البدن يتعود على الرفاهية بالكسل، كذلك النفس تتعود بترك النظر والتفكر، مما يجعلها تتبلد.وترجع إلى رتبة البهائم.وإذا تأملت قول النبي صلى الله عليه وسلم: " سافروا تغنموا" ونظرت إليه نظرا عاليا علمت أنه حثك على التحرك الذي يثمر لك جنة المأوى ، ومصاحبة الملأ الأعلى ، بل مجاورة الله تعالى.
القرآن يشنع على الكسالى:
لقد ذم الله تعالى الكسل والتباطؤ وجعلهما من صفات المنافقين.
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا، وإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا،وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
فقد دعا الله المؤمنين في هذا النص إلى أن ينفروا مجاهدين في سبيل الله ثبات – أي جماعات متفرقة – أو جميعا – أي عصبة واحدة في نفير عام – وذلك حسب مقتضيات المصلحة. وأنحى باللائمة على المبطئين ، وهم من المنافقين الموجودين في صفوف المؤمنين ، فهم فريق طلاب مغانم ، ولكنهم غير مستعدين أن يبذلوا أي جهد في سبيل الله ، فإذا دعا الداعي إلى الجهاد تباطؤوا ولم يخرجوا ، فإذا نال المجاهدين مكروه فرحوا هم بالسلامة ، وإذا ظفر المجاهدون وغنموا ندموا هم وتحسروا على أنفسهم ، وقال قائلهم : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما، ويعتبر الغنيمة هي الفوز العظيم ؛ لأنه منافق لا يؤمن باليوم الآخر ، ولا يسعى للفوز فيه، ولو كان مؤمنا حقا لتوقد إيمانه حرارة فنفى عنه التباطؤ والتكاسل ، وخرج إلى القتال في سبيل الله ورجا الشهادة والأجر عند الله.
وقال الله تعالى في سورة النساء: ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا).
وقال الله تعالى في سورة التوبة: ( قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين. وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون).
فقد ذم الله المنافقين بأنهم لا يقومون إلى الصلاة إلا وهم كسالى، فمن كان فيه هذا الوصف من المؤمنين كانت فيه صفة من صفات أهل النفاق.
وعلة المنافقين أنهم غير مؤمنين بفائدة الصلاة وجدواها، لذلك فهم إذا اضطرهم نفاقهم أن يقوموا إليها مسايرة للمؤني، وحتى لا ينكشف نفاقهم، قاموا إليها متباطئين كسالى.
بخلاف المؤمنين الصادقين فإنهم يقومون إلى الصلاة بهمة ونشاط، ورغبة صادقة، ولذلك وصف المؤمنين بأنهم يقومون إلي التهجد في الليل أو إلي صلاة الفجر تتجافى جنوبهم عن المضاجع ،وهذا عنوان مصارعة همتهم لحاجة أجسادهم إلى الراحة والنوم، فقال تعالى في سورة السجدة : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون . فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون).
التكاسل عن العبادات من وساوس الشيطان :
ولما كان الشيطان عدوا للإنسا، وكان يكره منه الإيمان وعبادة الله والأعمال الصالحة، كان من وسائله تثبيط الهمم عن العبادة، والوسوسة بما يميل بالنفس إلى الكسل.
ومن أعماله أنه يعقد على قافية رأس الإنسان إذا هو نام ، ليمنعه من اليقظة والنهوض إلى عبادة الله في جوف الليل. وقافية الرأس قفا الرأس ومؤخره . روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب على كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة. فإن توضأ انحلت عقدة. فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".
فهي عقد كسل مضروب عليها بوساوس شيطانية، ومتى تراكمت على الإنسان صارت خبلا، وقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الخبل المقعد عن النشاط والهمة إلى طاعة الله وعبادته بأنه أثر خبيث من آثار وساوس الشيطان.
فقد روى البخاري ومسلم عن بن مسعود قال : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فقيل له : ما زال نائما حتى أصبح ، ما قام إلى الصلاة قال : " ذلك رجل بال الشيطان في أذنه" أو قال : " في أذنيه".
فمن لطائف التوجيه الإسلامي ربط الكسل وظواهره بالشيطان ، وتربية المسلمين على مدافعة كل ظواهر الكسل.
الكسل دليل هوان النفس:
إن الإنسان في هذه الحياة إذا ركن إلى الراحة والدعة والخمول هان على نفسه وعلى الآخرين ، فالكسل حلقات متتالية ، فمن كسل عن شيء جره ذلك إلى الكسل عن آخر وثالث ورابع حتى يلتحق بالأموات وهو يمشي على الأرض، ولربما تكاسل عن أسباب المعاش فلجأ إلى سؤال الناس فكان دنيئا.
وهذه الشريعة الغراء تربي أبناءها على العزة والاستغناء والعفة ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيتصدق به ويستغني به من الناس ، خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه ذلك ، فإن اليد العليا أفضل من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول".



خليجية



شكرلكم




بارك الله فيكي

جزاك الله خير

استغفر الله واتوب اليه :::




شكرلك



التصنيفات
الجادة و النقاش

كيف السبيل للرؤية الإنسانية الإسلامية ؟؟

بين الأنوثة والإنسانية
بقلم / مريم المدحوب

توجد عينان لرؤية وتحديد هويتها، عين الأنوثة وعين الإنسانية. عين الأنوثة هي المشهورة في المجتمعات البعيدة عن المحيط الإسلامي، الجاهلة بأحكامه ودساتيره. أما العين الأخرى وهي عين الحق عين الإنسانية العين السليمة التي يجب استخدامها لرؤية من منظور إسلامي شرعي طاهر يراعي الجانب الأنثوي في أحكامه التشريعية

ولعل العين السائدة في مجتمعنا العربي هي العين العورة صاحبة النظرة الأنثوية الناقصة. التي قدست الأعراف والتقاليد أكثر من تقدسيها للأحكام الإلهية المقدسة. فأخذت تنظر نظرة ناقصة دونية للمرأة وتحصرها في محيط أنوثتها. فأي نشاط يخرجها من هذه الهالة يجابه بالرفض التسقيط والتحقير

فعلى الرغم من انخراطها واثبات ذاتها في الميادين الاجتماعية السياسية الاقتصادية وغيرها، إلا أن النظرة العامة للمرأة مازالت نظرة أنثوية خالية من الإنسانية

وجماعة هذه النظرة إنما تنظر إلى من هذه الزاوية إما لأنها مريضة بالشهوات الحيوانية، فلا تستطيع النظر إلا بهذه الطريقة. وأنها مازالت تحن للجاهلية فلا سبيلا لها إلا الوقوف على أطلالها

وإلا ما تفسيركم إلى سلسلة المضايقات التي تعترض مسيرة حياتها الاجتماعية ابتدءاً من دراستها في الجامعات والمعاهد او انتهاءً بعملها في دوائر العمل المختلطة؟ غير النظرات الإبليسية؟؟
قد يقول البعض إن لباس العفة التي ترتديه وسلوكياتها يلعبان دوراً أساسيا ومهما في صيانتها من هذه الحدقات المتوسعة. وهذا الكلام سليماً، ولكن البعض استفحل فيه المرض ولم يعد يكترث إن كانت هذه الفتاة مؤمنة أم لا !
ففي إحدى المرات فتحت إحدى منتديات الشبكة المعلوماتية _ الإنترنت_ حواراً ساخناً دار حول الفتيات اللاتي يرتدين الغشواية لاسيما في الحرم الجامعي، وكانت ردود بعض الأعضاء المتحاورين في الموضوع غريبة _ على الأقل بالنسبة لي_! فقد ذهبوا إلى القول بأن الفتاة الجامعية التي ترتدي الغشواية تلفت نظرهم كرجال أكثر من تلك الفتاة المتبرجة، فتظل تلاحقها نظراتهم إلى حين تصل إلى الصف الدراسي وتخلعها فينظرن إليها ! وهل يقول هذا الكلام إلا إنسان ذهب عقله ؟؟

فهذه الفتاة المؤمنة، لا اعتقد إنها تفكر في هذا الأمر حينما ارتدت هذه القطعة الساترة،لأنه في الواقع تفكير جنوني لا يخطر ببال شخص ذو إيمان راسخ وعقل راجح
هذا من جهة أصحاب النظرة الحيوانية، إما أصحاب النظرة الجاهلية التي تدعو إلى تكسير النشاط النسوي في المجتمع، وجعل ، مجرد مصنعاً لإنتاج الأولاد وضمها إلى قطع الأثاث المنزلي فنجد أنهم يرفضون أي نشاط تقوم به زوجاتهم، بناتهم، أخواتهم، في خارج الدار. فهي أنثى ويجب عليها المكوث في دارها رعاية لها وصيانة. وهذا كلام صحيح أيضاً. ف لابد أن تكون مصانة لأنها جوهرة، والجواهر لابد من صيانتها والمحافظة عليها بوضعها في مكان آمن. وخروج للعمل التطوعي الخيري ما هو إلا احد هذه الأماكن الآمنة، بالإضافة إلى أن لها من الأجر والثواب عند الله الكثير. خصوصا ونحن نعيش في هذا الزمن الحرج بحاجة ماسة إلى مثل هذه النساء الرساليات التي يحملن الراية المحمدية على ظهورهن، لتتعرف فتياتنا وفتيات العالم أجمع إلى الدين الإسلامي الأصيل، ونتمكن من احتوائهن في جمعياتنا ومؤسساتنا المختلفة لنحافظ عليهن من الضياع في هذه الحياة. خصوصاً وإن هذه النظرات تركت آثاراً وتبعات في نفوس هذه الفئة البشرية _ النساء_، فمهما تعمل وتخرج للمجتمع بأنشطتها المختلفة تبقى انطلاقتها أنثوية، وهذا شيء طبيعي نتيجة للإيحاءات التي تعرضت لها من خلال البيئة المحيطة بها، وبيئة العالم الخارجي كذلك، كالكتب والمقالات التي تؤيد تلك التوجهات، جميعها ساهمت في ثبات هذه النظرات في فكرها، التي تترجمت في أعمالها وأدوارها التي تتصدرها

ويبقى السؤال عالقاً في أذهاننا، كيف السبيل للرؤية الإنسانية الإسلامية ؟؟




:068::068::068::068:

وين الردود عسولات ما عجبكم الموضوع ؟؟؟




يسعدني ياحبي اني اكون اول من ترد على موضوعك الحلو
دائمة مبدعة ومواضيعك الماسية
ومتظرة جديدك الحلو
ت ق ب ل ي
م ر و ر ي



خليجية



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هالة ضوء القمر1801232
يسعدني ياحبي اني اكون اول من ترد على موضوعك الحلو
دائمة مبدعة ومواضيعك الماسية
ومتظرة جديدك الحلو
ت ق ب ل ي
م ر و ر ي
مشكوررررررررررة يا قلبي على المرور

لكن كان بودي انك تناقشي الموضوع و تتطرحي رايك يا عسل