تعريف الذكاء العاطفي
هو المهارة أو القدرة على تمييز و تحليل و تقييم و إدارة الشخص لعواطفه أو عواطف الآخرين.
لا أخفيكم سراً بأنني قرأت مكثفاً حول هذا الموضوع،
ووجدت أنه يلعب دوراً رئيسياً في تحديد سلوكيات الأفراد و نتائج هذه السلوكيات عليهم و على صبغة مجتمعهم العامة،
فالتطرّف و التعصّب و الكثير من القرارت و الأفعال اللامبررة التي تُتّخذ بشكل يومي ما هي إلا نتائج سوء تمييز و تحليل للعواطف و قلة الوعي الذاتي و المجتمعي.
.
.
.
نموذج دانيل جولمان
قدّم لنا دانيل جولمان نموذجاً يحتوي 4 تركيبات أو مكونات للذكاء العاطفي
1- الوعي أو الإدراك الذاتي:
و هي قدرة الشخص على تمييز مشاعره و إدراك تأثيرها، و استخدام مشاعر اللاوعي لإدارة قراراته.
فعندما تملك القدرة على إدراك مشاعرك و أسباب شعورك بها كالغضب، الحقد، الملل، الضيقة، الحاجة إلى التكلّم، ستتخذ قرارات أفضل عن طريق صحة تحليلك لذاتك و عواطفك.
.
2- إدارة الذات:
تتضمن قدرة الشخص على التحكم بعواطفه و اندفاعاته حسب الظروف.
و تأتي هذه المرحلة بعد أن يتّعرف الشخص على عواطفه، فيأتي دور التحكّم بهذه العواطف لإتخاذ أصوب القرارات الممكنة.
3- الوعي أو الإدراك المجتمعي:
و هي القدرة على احساس و فهم و التعامل مع عواطف الآخرين، فمدى انفتاح نقاشك و عقلك مع شخص واعي و متفهم لن يكون هو ذاته مع شخص متطرف إرهابي.
تتضمن هذه النقطة كيفية قراءتك و استجابتك لمواقف معينة من أشخاص مختلفين بطريقة تفكيرهم و مدى عمقهم و تطوّر إدراكهم.
4- إدارة العلاقات:
هي القدرة على الإلهام و التأثير و تطوير الآخرين، فالشخص الذكي عاطفياً يعرف كيف يفكر الآخرين من حوله و يدرك تفاوت قدرتهم على التعامل مع مشاعرهم،
فعندما تريد أن تكسب ود شخص متدّين أو قبلي امدحه و امدح دينه و مذهبه و قبيلته لتحصل على ما تريد منه،
لكنك لن تفعل ذات الشيء عندما تريد أن تحصل على وظيفة في شركة مايكروسوفت أو قوقل مثلاً.
تتضمن هذه المرحلة أيضاً فهم الأوقات و المواقف المختلفة للحالات العاطفية التي يمر بها الشخص الذي تتعامل معه، فالذكي عاطفياً يعرف كيف يخرج صديقه من قلقه و توتره و حزنه،
يعرف الوقت المناسب ليكلمه في موضوع حسّاس،
و يمتلك القدرة على انتشاله من حالة عاطفية إلى حالة أخرى،
ملم بطرق الإقناع المختلفة و يمتلك القدرة على تحفيز و تطوير الآخرين.
أعتقد بأن نشر الوعي و العمل على تطوير الذكاء العاطفي مسؤولية اجتماعية لا تقل أهمية عن أي مهارات أخرى، فحياة الإنسان الذكي عاطفياً صحية أكثر مع نفسه و مع الآخرين،
و كم هم قلة في وطننا العربي و الإسلامي،
فكونك ذكي عاطفياً في هذه المجتمعات تشعرك بأنك تتعامل مع مجانين يمشون بتخبط مفتوحين الأفواه طوال حياتهم،
لا يعرفون كيف يفرقون بين مشاعر الغضب و الكره، و يخلطون بين الإرهاب و الإعجاب.
.
.
.
كيف تستغل ذكائك العاطفي؟
من أحد أهم ميزات كونك ذكي عاطفياً، أن تعرف نقاط ضعف من حولك المتمثلة بالتخبط العاطفي و تلعب على هذا الوتر لخدمة المصلحة العامة،
فمثلاً الأشخاص الذين يزعمون أنهم ينتمون لتيارات فكرية متشددة، كان سبب قرارهم لهذا الانتماء هو شعارات عاطفية رنانة متمثلة بصريخ قومي و قبلي و ديني لغبائهم العاطفي،
فـ يأتي دورك هنا لتعرف كيف تخرجهم من هذه الدوامة و تصفي لهم فكرهم عن طريق مهاراتك لإدارة و توجيه عواطف الآخرين و توّضح لهم الحقيقة بالنسبة لك،
تعامل معهم كمساكين يستحقون النصيحة و الإرشاد الأكاديمي،
فجمل مثل:
"كلنا مسلمين لكن ما يفعله هذا التيار هو تشدد و ارهاب و الدين و رسوله لا يقبلون بذلك"
"لو كان الرسول موجوداً لما رضي بما تفعله هذه التيارات من تشويه للدين"
"العقل و الدين لا يرضون بما يفعله هذا التيار"
"الله تسامح و الإسلام لا يدعو للتطرف"
و الأهم في كل ذلك،
أنك لا تكذب عليهم بهذه الجمل،
إنما تطوّعها للتعامل مع نوع أشخاص يفتقرون إلى الحجة و المنطق،
و العاطفة تشكل جزءاً كبيراً من سبب اقتناعهم بفكرة معينة.
حرّك مؤخرتك و طوّر ذكاءك العاطفي لننقذ البشرية!