1- الفوائد العصبية النفسية :لكي نفهم فوائد الوضوء على مستوى الجهاز العصبي يجب أن نفهم التمثيل الجسدي على القشر الدماغي . ولبيان هذا التمثيل ببساطة ألخصه بما يلي : إنّ جميع النقاط الحسية في جسم الإنسان لها تمثيل قشري دماغي ( حسي وحركي ) وإنّ تمثيل اللسان والوجه يشغل أكبر مساحة من ذلك القشر ، ثم يليه الكف فالساعد ثم القدمان . وهكذا نلاحظ أن الأعضاء التي أوجب الشرع غسلها في الوضوء تشغل أكثر من 85% من الساحة الحسية الدماغية ( الممثلة لسائر الحس الجسدي)
ومن جهة أخرى فإنّ هذه الأعضاء سهلة الغسل ،بل يجب غسلها دائماً ولو لغير الوضوء لأنها أعضاء مكشوفة وتتعرض للوسط المحيط بكثرة فبالإضافة إلى فائدة تنظيفها بالوضوء فإنّ غسلها يسبب تنبيه القشر الدماغي الحسي فيؤدي ذلك إلى تنشيط الجهاز العصبي . وبفضل هذا التنبيه نستفيد أيضاً عدة فوائد نفسية ، أهمها :
1
– معاكسة الإكتئاب
.
2- ضبط التصرفات ، حيث يفيد في ضبط سورات الغضب الجامح ، ولذلك وردت وصفة "الوضوء " لمن يغضب . وقد أثر في السنة النبوية أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا غضب توضأ .
3- ينشط الفكر فيجلو ساحة الوعي ويزيد من قدرة الإدراك
.
والواقع إن فوائد تنبيه أعضاء الوضوء بالماء لتنشيط الجهاز العصبي لم تخفَ على عامة الناس ، فكثيراً ما يلجؤون إلى رش الماء على وجه من يُغشى عليه لسببٍ ما فيصحو بسبب تنبيه القشر الدماغي الحسي .( وقد علمنا أن الساحة التي يمثلها الوجه واسعة نسبياً .) . ولذلك ذهب مثلاً قول الإمام الشافعي رحمه الله :
" عجبت للماء البارد كيف لا يحيي الميت " (أي عند تغسيله) .
2- الفوائد القلبية الدورانية :
ينشط الوضوء الدوران الدموي لأنه يقبض الأوعية المحيطية فيَرْدُف القلب بمزيد من الدم المحيطي ، وبذلك يزداد نتاج القلب فتزداد تروية سائر أعضاء الجسد .
3- خفض درجة حرارة الجسم
:
إن غسل أعضاء الوضوء بالماء البارد يسبب تبريد الجلد ثم عروق الدم تحته ، مما يؤدي إلى تلطيف درجة حرارة الجسم الداخلية ، ولهذا كثيراً ما ننصح المصابين بارتفاع درجة الحرارة أن يتوضؤوا أو يستحموا بالماء البارد .وكثيراً ما ينفع ذلك الأطفال المصابين بارتفاع الحرارة .
4
– نظافة الأعضاء المكشوفة
:
إنَّ اليدين والقدمين هي الأعضاء التي يستعملها الإنسان في سائر أعماله فتتعرض دائماً للتلوث وخصوصاً عند العمال والفلاحين . وأما الوجه فهو مكشوف باستمرار ويتعرض دائماً لظروف الوسط المحيط . والأنف مصفاة الهواء ، والفم ممر الأطعمة المختلفة ، والوضوء يجلو ذلك كله تنظيفاً وتطهيراً . ولكن قد يدعي شخص بأنه لا يعمل فمن أين يأتي التلوث ؟
يجب أن نعلم بأن للجلد مساماً لا تراها العين ، وهي مهمة جداً لتأمين التوازن الشاردي في الجسم وتنظيم درجة الحرارة عن طريق التعرق ، فإذا سُدَّت هذه المسام بترسب ذرات الغبار المتطايرة في الهواء ، وتوسفات الخلايا البشرية التي يطرحها الجلد فإن ذلك يؤثر تأثيراً بالغاً على مختلف التوازنات الداخلية الخلطية ، ويقوم الوضوء بتنظيف الجلد من جميع هذه النفايات فيَفْتَح المسام لتؤدي دورها الذي خلقت من أجله
5
– الفوائد النفسية الروحية
:لما كان الوضوء عبادة يقوم بها المؤمن إرضاءً لله تعالى مخلصاً له ، فإنه سيشعر بمشاعر روحية تبث في قلبه الحياة وتورثه الطمأنينة والراحة النفسية وما يترتب على ذلك من توازن في التصرفات والسلوك .
وعندما يؤدي المؤمن الوضوء وهو متجه بقلبه إلى الله تعالى فإنه يكون بحالة صلاة مع نور السموات والأرض ،وبهذا التوجه والتفاعل يشرق النور الإلهي في قلبه منعكساً على وجهه وجوارحه فَيَسِمُها بِسِمَةٍ خاصة مميزة لكل مؤمن منبعها الحي الباقي الذي لا يموت .
وفي الوضوء ارتقاء روحي متواصل يشعر بحلاوته كل مخلص لربه أثناء توَضُّئه ، ولذلك يحا فظ على الطهارة طيلة يومه وكثيراً ما يتوضأ على وضوئه السابق لما يجد فيه من سعادة ، وانطلاقاً من ذلك أصبحت المحافظة على الوضوء علامة من علامات الإيمان ، وفي الحديث الشريف :
استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أنّ خير أعمالكم الصلاة ،ولا يحافظ على الوضوء إلاّ مؤمن
.( أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي عن ثوبان وصححه السيوطي في الجامع الصغير 994)