فصول في أحكام العشرة الزوجية و ما اليها
منتقاة من كتاب _ نور البصائر و الألباب في أحكام العبادات و المعاملات و الحقوق و الأداب للسعدي _ (1)
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى :
يلزم كل من الزوجين عشرة الآخر بالمعروف من الصحبة الجميلة و كف الأذي عنه ، و احتمال الهفوات . قال صلى الله عليه و سلم : ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ، ان كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر ) _(2)
و على المرأة احتمال ما يرد عليها من زوجها ، و خدمته بالمعروف . و ينبغي أن تتشرف له و تتجمل ، خصوصا في أوقات الفراغ من مهنة البيت ، و أن لا يقع بصره منها على ما يكره ، و عليها أت تطيعه ، و تقدم طاعته على طاعة أبويها ان تعذر الجمع و رضي الطرفين ، و لا تخرج الا بإذنه ، و لا تأذن في بيته لأحد الا بإذنه .
و ينبغي أن تحتسب الأجر عند الله في طاعة الزوج و خدمته ، و ادخال السرور عليه ، و خصوصا اذا كبر ، أو مرض ، مع ما لها من الخير العاجل في ذلك ، قال تعالى : ( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه ) _ النساء 34 .
فصل : العدل و القسم بين الزوجات .
و عليه أن يعدل بين زوجاته في القسم ، و كذا على الصحيح في النفقة ، و الكسوة و توابعها . و أما المحبة و ما يتبعها من الوطء فلا تجب ، لأنه لا يستطيعه و لا يملكه .
و من تزوج بكرا أقام عندها سبع ليال بأيامها ثم عاد الى القسم ، و ان كانت ثيبا أقام عندها ثلاثا ثم قسم ، و ان شاءت قسم لها سبعا و قسم مثلها لبقية زوجاته .
النشوز :
و من عصت زوجها و نشزت و تركت طاعته الواجبة بلا تقصير منه سقط حقها من القسم و النفقة حتى ترجع الى طاعته ، و يقومها بالوعظ و التذكير لها بما يجب من حقه ، فان أصرت هجرها ، ثم ان تمردت فله أن يضربها ضربا غير مبرح .
الخلع :
و ان تعذر الملاءمة بينهما فلها أن تخالعه و تفتدي منه بما يتفقان عليه من قليل أو كثير ، فاذا خلعها كان ذلك فسخا بائنا لا ينقص به عدد الطلقات ، و مثل ذلك : من فسخها الحاكم لموجب كتقصيره فيما يجب من نفقة أو الوطء ، او حضور من سافر ، أو روجع في ذلك و ليس له عذر شرعي ، فالفسوخ كلها لا ينقص بها عدد الطلاق ، و يكون ذلك بائنا الا أنه ليس كالطلاق الثلاث ، بل يحل أن يتزوجها بنكاح جديد برضاها ولي و شهود ، و لو في عدتها ، لأن العدة لمبينها أو للمفسوخة منه .
فصل : الطلاق و العدة و توابع ذلك .
و أما الطلاق فقد أباحه الله تعالى خصوصا عند الحاجة اليه ، فانه لم يحتج اليه فينبغي للزوج أن يصبر على زوجته ، و خصوصا اذا كان لها أولاد منه ، فانه في الصبر عليها خير كثيرا في الدين و الدنيا ، و عواقب حميدة ، و اذا بدا له طلاقها طلقها طلقة واحدة في طهر لم يطأها فيه ، و لا يحل له أن يطلقها و هي حائض ، ا, في طهر قد و طئها فيه ، الا أن تكون صغيرة لم تحض ، أو آيسة من الحيض ، أو حاملا قد استبان حملها ، فلا بأس بطلاقها ، لأنها حينئذ تشرع في عدتها من طلاقه و ذلك بوضع الحمل ان كانت حاملا ، و بثلاث أشهر للآيسة و لمن لم تحض لصغر و نحوه .
و أما من تحيض فعدتها ثلاث حيض كاملات ، و لا يعتد بالحيضة التي طلقها و هي فيها ، و لهذا حرم طلاقها في الحيض كما تقدم .
و لها النفقة في مدة العدة ، و حكمها حكم الزوجات في كل شئ ، من الأحكام الا في القسم . و أما المطلقة ثلاثا و البائن بفسخ من الفسوخ ، فلا نفقة لها و لا سكنى .
و عدة المتوفي عنها زوجها وضع الحمل ان كانت حاملا ، فان لم تكن حاملا فعدتها أربعة أشهر و عشر ، و عليها في مدة العدة الإحداد ، و هو : ترك ما يدعوا اليها و يرغب الرجال فيها ، من الطيب ، و الحلي ، و ثياب الزينة ، و التحسين بالحناء ، و نحوه ، و عليها لزوم المسكن ، فلا تخرج منه في مدة العدة الا اذا احتاجت في النهار لا في لليل .
………………………… ……………….. ……..
_(1) اعتنى به : خالد بن عثمان السبت . منقول عن ( المكتبة الشاملة ) _ الإصدار 3,24 .
_ (2) مسلم في الرضاع ، باب الوصية بالنساء . حديث رقم ( 1469) 1091/2 .
…………….
نفعكن الله .