1 ـ أن يعمل الإنسان على النوم مبكّراً، والمجاهدة في الحرص على ذلك، وترك السهر إلى ساعاتٍ متأخرة… لأنّ ذلك ينافي الفطرة السويّة.
رُوي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان يكره الحديث بعد صلاة العشاء.
ولعلَّ سبب كراهة الحديث بعدها، خوفه من أن يؤدي ذلك إلى السهر، والذي يُخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل أو عن صلاة الصبح في وقتها المفروض أو في وقتها الجائز أو الأفضل….مما يُؤدِّي إلى قساوة القلب بعد البُعد عن العبادات الحبيبة.
والقلب القاسي لا تؤثر فيه المواعظ، لذا كان على المسلم أن يتجنّب السهر بلا نفع أو بلا سبب وجيه أو للَّهو، وما يكون سبباً في قسوة قلبه كفضول الطعام والشراب وكثرة الكلام والنظر والسماع إلى ما لا ضرورة له، أو إلى شؤون الدنيا الصارفة عن أمر الآخرة، فإنَّ التماديَ في ذلك، حتّى ولو كان محلّلاً، له آثاره على كلِّ حال…فضلاً عن الشائع اليوم في مجتمعاتنا من انتشار الطرب والغناء، والتي قد أصبحت متوفّرة في كلّ شارع ومقهى وتلفاز، وهذا من ابتلاءات آخر الزمان…. فعلى المؤمن الغيور، أن يحرص على تحصين قلبه من المؤثِّرات الخارجية.
والمكروه من الحديث بعد صلاة العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير، فهو مستـثنى ولا كراهة فيه، كمدارسة العلم وحكايات الصالحين ومحادثة الضيف والعروس للأنس ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة والإصلاح بين الناس والشفاعة فيما بينهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى مصلحة المسلمين ونحو ذلك… فكل هذا لا كراهة فيه.
والناس يتفاوتون في الحاجة إلى النوم، وفي المقدار الذي يكفيهم منه، فلا يمكن تحديد ساعات معينة يُفرض على الناس أن يناموا فيها، وهذا يختلف بحسب المرض والتعب والعمر والهمِّ والأشغال والخصوصية…. لكن على كل واحد أن يلتزم بالوقت الكافي لنومٍ، يستيقظ بعده لصلاة الفجر نشيطاً، والمُشاهَد أن غالب الذين ينامون متأخرين يمضون نهارهم أو ليلهم في خمول وكَدَر وحال تـشبه المرضى.
2 ـ عدم الإكثار من الأكل قبل النوم، فإن الأكل الكثير من أسباب النوم الثقيل، ومَن أكل كثيراً، تعب كثيراً، ونام كثيراً، وخسر كثيراً، فليحرص الإنسان على التخفيف من طعام العشاء، وهذا هو المروي.
3 ـ العزم عزما أكيداً على تأدية صلاة الفجر، أي عقد النيّة على ذلك، لأن النائم كالميّت لا يدري هل يستيقظ أم تُقبض روحه وهو نائم، ومن لم ينوِ أداء صلاة الفجر ثم أدركه الموت….. مات على سوء!!
ويتأَتَّى ذلك، من الإخلاص لله تعالى فهو خير دافع للإنسان للاستيقاظ للصلاة وهو «أمير الأسباب» المعينة للقيام، فإذا وُجد الإخلاص الذي يُحيي القلب من بعد سُباته، فهو كفيل بإذن الله تعالى بإيقاظ صاحبه لصلاة الفجر، وأن يدعو ربه أن يوفّقه للاستيقاظ لأداء هذه الصلاة المباركة.
.. أما الذي ينام وهو يتمنى ألا تدق الساعة المنبّهة، ويرجو ألاَّ يأتي أحد لإيقاظه، فإنه لن يستطيع على الغالب، بهذه النيّة الفاسدة أن يقوم لتأدية صلاة الفجر، ولن يفلح في الاستيقاظ للصلاة وهو على هذه الحال من فساد القلب وسوء الطويّة.
وأمّا عمارة القلب بالإيمان، فإنها تدفع صاحبه إلى العمل الصالح بلا كلل ولا ملل، فشجرة الإيمان في القلب تثمر إذا سُقِيَتْ بروافد العمل الصالح فتُؤتى أُكُلَها سلوكاً وتعاملاً حسناً مع أفراد المجتمع.
4 ـ الحرص على الطهارة (الوضوء) قبل النوم والقيام بآداب النوم، من استقبال القبلة وذكر الله تعالى والاستغفار والمحاسبة…
5 ـ قراءة الأذكار التي تقال قبل النوم ومنها ذكر الله تعالى وقراءة آية الكرسي وقراءة آخر 4 آيات من سورة الكهف من الآية 107 الى الآية 110
6 ـ في فصل الشتاء يُنصح بلبس الثياب المناسبة، التي تشعره بالدفء، وعدم التخفّف منها…حتى لا يُثبِّطه البرد عن القيام كُلَّما رفع الغطاء أو تقلب في فراشه…وهذا أمر مجرّب ونافع.
7 ـ الاستعانة على القيام للصلاة، بالأهل والصالحين من المعارف، وتواصي الإخوان، وتعاون الجيران…
قال الله تعالى:
[طـه: 132] {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}.
وقال الله سبحانه:
[المَائدة: 2] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .. وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى}.
[العَصر: 3] {…وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
[مَريـَـم: 65] {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا *}.
خاصة في هذه الأيام التي توفّرت فيها وسائل التواصل، فينبغي الاستفادة منها لإقامة أمر الله تبارك وتعالى.
8 ـ ومن الوسائل المساعِدة «ساعة التـنبيه»، والأفضل أن توضع في مكان بعيد من الغرفة، لأنَّ وضعها قريبة من النائم تجعل شيطانه يُسوِّل له أن يطفئها متذمراً منها أو راغباً في إتمام نومه، وأمّا عندما تكون بعيدة فهو مُلزم للقيام لأداء واجبه.
9 ـ البُعد عن المعاصي وحفظ اللسان والسمع وسائر الجوارح وإشغالها بما يخصها من عبودية، والتفكّر فيما في هذا الكون من مخلوقات ومطالعة كتب العلم، وهكذا سُئل أحد السلف عن السبب في عجزهم عن القيام لصلاة الليل فقال: «قيدتكم ذنوبكم».
وهذا المضمون مرويٌّ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فلا شك أن الذنوب تكون سبباً في حرمان العبد الطاعة والتلذّذ بها.
10 ـ أن يدرك ما ورد في فضل القيام لصلاة الليل وصلاة الفجر من الأجر العظيم والثواب الجزيل.
وفي ذلك خيرات وبركات وكرامات لا يدركها إلاَّ من تذوقها.
قال الله ربي جلَّ جلاله:
[المـُـزّمل: 6-7] {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلاً *إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً *}.
[المـُـزّمل: 20] {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَِنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *}. وختاماً،
يا أيها المسلمون! لا تهملوا هذه الفريضة العظيمة لأنَّ التهاون بها له وبال على سعادتنا في الدنيا والآخرة، وكلُّ مَن تغافل عن هذا الأمر لا سمح الله
تسلمى يا غالية موضوعك قيم
جزاك الله خيرا